الكاتب و المترجم العراقي بنيامين يوخنا دانيال اسم لامع في عالم ترجمة الهايكو . هذا بالإضافة إلى مؤلفاته الأخرى في مجال الادب الكردي و العربي و مجال السياحة و الفندقة . و لعل العلاقة الخفية بين علم الاقتصاد – اختصاصه الدقيق – و الهايكو هي ما قادته إلى اكتشاف الهايكو و القوع في شغفه و ترجمته .. و هو عادة ما يترجم لشعراء من بلدان مختلفة , و خصوصا من لم يترجم لهم سابقا , و هي خطة أتبعها منذ بدايات تصديه لترجمة التجارب العالمية المختلفة لهذا النوع من الشعر . و حول طريقته في اختيار قصائد الهايكو لترجمتها يقول : غالبا ما أختار الموضوع أولا , ثم أختار القصائد التي تناولت هذا الموضوع من مصادر عديدة لترجمتها . و حول تقييمه لتجارب ترجمة الهايكو إلى العربية يقول : نها تجارب قيمة و لكنها غير كافية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مدى انتشار الهايكو عالميا و حجم الهايكو المنتج في مختلف بلدان العالم . و حول قصيدة الهايكو العربية و الكردية يقول : لدينا نجوم لامعة و متميزة و أتمنى أن تترجم أعمالهم إلى اللغات العالمية , و أن تخضع للنقد و التقييم على نحو واف . فإلى تفاصيل الحوار :
س 1 – لنبدأ بالسؤال التقليدي , متى كانت البداية و الخوض في ميدان ترجمة الهايكو الى اللغة العربية , و لماذا اخترت الهايكو بالذات ؟
ج 1 – في الحقيقة كانت تجربتي في الترجمة لشعر الهايكو من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية متأخرة نسبيا إذا ما قورنت بتجربة الترجمة للأشكال الشعرية الأخرى من الإنكليزية و الكردية إلى العربية , و التي بدأت منذ أواخر السبعينيات و بداية الثمانينيات من القرن الماضي . إذ لم أقم بترجمة الهايكو العالمي إلا في الأعوام الثلاثة الأخيرة , و نشرت معظمه في العام الماضي . و قد اخترت ترجمة الهايكو أخيرا لما له من سحر خاص و فتنة الادهاش و مقومات جمالية , و لنكهته المتميزة . و من أجل فهم أعمق و أشمل لهذا الشكل الشعري الذي صار مقروءا و مكتوبا في شتى أصقاع المعمورة , و أصبح يشكل مكونا فنيا في مختلف الشعريات .
س 2 – حدثنا عن الانعطاف في مسيرتك الإبداعية من الاقتصاد إلى الهايكو و ترجمته ؟ و هل هنالك علاقة غير مرئية بين الهايكو وعلم الاقتصاد ؟
ج 2 – لم أزل أنشر بعض المقالات في اقتصاد السياحة و الفندقة بين حين و آخر , غير أن جل جهودي منصبة الآن على قراءة و ترجمة الهايكو العالمي . أما حول العلاقة بين الهايكو و الاقتصاد , فقد عبر عنها الشاعرالدكتور ( ستيف زيلياك ) أستاذ الاقتصاد في جامعة جورجيا الامريكية بقوله ( بعد سنوات طويلة من تدريس الاقتصاد و كتابة الهايكو , أرى أن الهايكو و الاقتصاد يتقاربان أكثر مما يصطدمان على مستوى المبادئ .. يمكن للهايكو أن يكون أكثر من مجرد مخفف للألم الاقتصادي ) .
س 3 – لقد ترجمت قصائد هايكو لشعراء أجانب من مختلف البلدان و قد كنت مبدعا , ما هي الاعمال التي ترجمتها ؟
ج 3 – نعم , لقد ترجمت قصائد هايكو لعدد كبير من الشعراء و من مختلف البلدان , و بخاصة للشعراء الذين لم يسبق و أن ترجمت أعمالهم الشعرية إلى اللغة العربية , أو ترجمت بعض أعمالهم , و هذه خطة أتبعها منذ البداية . أما القصائد التي ترجمتها من الإنكليزية إلى العربية فهي إما منشورة رقميا ضمن إضمامات في الصحف و المجلات و المواقع الالكترونية مثل ( حانة الشعراء , المثقف , الانطولوجيا , رابطة أدباء الشام , واحة الفكر , الفكر , بصرياثا , الناقد العراقي , مجلة اتحاد كتاب الانترنت المغاربة تللسقف ) و غيرها , و إما منشورة ورقيا ضمن سبعة كتب مستقلة في العام الماضي 2022 و تضمنت معظم القصائد المترجمة المنشورة رقميا . و قد حملت العناوين التالية : على عتبة الباب – قصائد هايكو عالمية , في مهب الريح – قصائد هايكو عالمية . قبلة أخيرة قبل الذهاب إلى الحرب – مختارات من شعر الحرب العالمي , رياح الهرمتان – هايكو معاصر من غانا , أشجار الكرز المزهرة – مختارات من شعر الهايكو الياباني , و تحت قسطل الحصان – مختارات من شعر الهايكو الكرواتي . قفزة الضفدع .. نقيق العلجوم – إضمامات من شعر الهايكو العالمي .
س 4 – نلاحظ اهتمام على ترجمة الهايكو الكرواتي إلى اللغة العربية و لك في ذلك كتاب ؟
ج 4 – لقد أنتشر الهايكو في كرواتيا ترجمة و محاكاة و كتابة و قراءة في وقت مبكر نسبيا , و منذ عام 1953 على وجه التحديد , ليبلغ عدد شعراء الهايكو فيها في عام 2004 نحو ( 400 ) شاعر و شاعرة وفقا ل ( دجورجا فوكيليتش روزيتش ) , و هو عدد كبير نظرا لعدد سكان كرواتيا في العام المذكور و البالغ ( 4,2 ) مليون نسمة . و بحسب ( دجوردجا ) فإن التشابه القليل الموجود بين اليابانية و الكرواتية من حيث الهيكل ربما ساعد على تأليف الهايكو على نحو سلس و موفق , إذ أن عدد المقاطع في كلماتهما متشابهة تقريبا . و قد جاء كتابي الموسوم ( تحت قسطل الحصان : مختارات من شعر الهايكو الكرواتي ) ليضم بين صفحاته مقدمة مطولة و قصائد هايكو لعدد كبير من هؤلاء الشعراء . و ما زلت أترجم و أنشر لغيرهم من الشعراء الكروات .
س 5 – أكثر أعمالك المترجمة كانت من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية ؟ لم لا يكون العكس ؟
ج 5 – ربما مستقبلا , فلدي في الوقت الحاضر خطة واسعة لترجمة الهايكو العالمي , و يتطلب ذلك بذل المزيد من الجهد , و سوف تأخذ الكثير من الوقت .
س 6 – ما هي أصعب التحديات التي تواجه مترجم الهايكو من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية ؟
ج 6 – يحضرني هنا قول القاص و المترجم الليبي ( عمر أبو القاسم الككلي ) ( تواجه الترجمة عموما صعوبات تتعلق باختلاف المعطيات اللسانية بين لسان و آخر , و كذلك في العناصر الثقافية غير المنظورة المضمرة في مفردات و تعابير كل لسان .. و تزداد هذه الصعوبة و تأخذ بعدا خاصا فيما يتعلق بترجمة الهايكو , ربما بسبب من بساطته الخادعة ) .
س 7 – هل تختلف خصائص الهايكو باللغة الإنكليزية عن نظيره العربي , و ذلك من خلال النصوص التي ترجمتها ؟
ج 7 – يحضرني هنا قول الشاعر و الكاتب المغربي سامح درويش ( تتمثل أهم خصوصيات الهايكو العربي في وجود نفحة غنائية و جرعة من المجاز و حضور ذات الشاعر بشكل أقوى من باقي تجارب الهايكو عبر العالم , يضاف إلى ذلك الخروج على التوزيع الايقاعي المعروف في اللغة اليابانية – 5 / 7 / 5 – نظرا لخصوصية اللغة العربية ) .
س 8 – تقييمك لتجارب ترجمة الهايكو إلى العربية ؟
ج 8 – إنها تجارب ترجمة رائعة و قيمة و لكنها غير كافية البتة إذا أخذنا بعين الاعتبار مدى انتشار الهايكو عالميا و حجم الهايكو المنتج في مختلف أصقاع العالم , فهذا النوع من الشعر ذا المنشأ الياباني أضحى يكتب اليوم بكل لغات العالم تقريبا بعد أن استهوى ذائقة الشعراء و القراء .. و منها على سبيل المثال لا الحصر الترجمات المنجزة بأقلام الأساتذة ( سلام دواي , آزاد اسكندر , محمد عضيمة , عبدالكريم كاصد , جمال مصطفى , محمد الاسعد , عبدالقادر الجموسي , رأفت خليل , محمد حلمي الريشة , و نور الدين ضرار ) . و هي ترجمات محصورة في الجهد الشخصي .
س 9 – كيف ترى الهايكو الناطق بالعربية و الكردية ؟
ج 9 – هنالك نجوم لامعة و متميزة في سماء الهايكو العربي و الكردي . و أتمنى أن تترجم أعمالهم إلى اللغات العالمية , و أن تخضع للنقد و التقييم على نحو واف . و من شعراء الهايكو العربي على سبيل المثال لا الحصر ( الدكتورمحمد حلمي الريشة , الدكتور محمد الاسعد , سامح درويش , هدى حاجي , عاشور فني , محمود عبدالرحيم الرجبي , الدكتور جمال محمد الجزيري , و الدكتور عبدالستار البدراني ) . و من شعراء الهايكو الكردي ( لطيف هلمت , قوبادي جليزادة , ملكو أحمد كريم , و شمال آكري ) .
س 10 – كيف تختار القصائد بهدف الترجمة ؟
ج 10 – أختار الموضوع أولا في معظم الحالات ثم أختار القصائد المطلوبة لترجمتها و من مصادر عديدة . مثلا ( 53 قصيدة تحت عنوان الغربان , 40 اليراع , 90 أوراق الشجر , 319 الورود و الزهور , 25 الأسماك , 25 العصافير , 30 الفراشات , 41 المرجوحة , 393 الباب , 268 الرياح , ندف الثلج 21 ) .
س 11 – مشاريعك القادمة في الترجمة ؟
ج 11 – أنا بصدد نشر البقية الباقية من قصائد الهايكو المترجمة التي سبق لي و أن نشرتها رقميا في الصحف و المجلات و المواقع الالكترونية بالإضافة إلى إضمامة لم تنشر بعد , و ضمن كتاب مستقل لم أعنونه بعد . كما لدي خطة لترجمة قصائد هايكو لكوكبة أخرى من الشعراء و الشاعرات من بلدان أخرى مع التركيز على الافارقة منهم في الوقت الحاضر , مثل السنغال و كينيا و مدعشقر و جنوب افريقيا و زامبيا , كما فعلت سابقا بالنسبة لشعراء كثر من غانا و نيجيريا و كرواتيا و اليابان , مع دراسة ظاهرة الهايكو و كيفية انتشارها و تطورها في بلدان باتت حاضرة و بقوة على خارطة الهايكو العالمية إن جاز التعبير. كما ستصدر لي قريبا الطبعة الثانية من كتاب ( من مشكاة الشعر : قصائد مختارة ) في طبعة جديدة و مزيدة و يضم بين صفحاته ترجمات لقصائد من تأليف شعراء أكراد و أجانب , و هو مترجم عن الكردية , و قد صدرت طبعته الأولى في عام 2002 . كما انني بصدد ترجمة مجموعة قصائد تانكا من مختلف البلدان .
قصائد هايكو من ترجمة بنيامين يوخنا دانيال : –
الرسم بالأسود و الأبيض
غابة
في الثلج
( فلاديمير ديفيدي – كرواتيا )
**
في لمعة
التفاح الأحمر
شمس متأرجحة
( دجورجا فوكيليتش روزيتش – كرواتيا )
**
قطرة ما
لا أكثر
هذه حياتي
( أنتو جارداس – كرواتيا )
**
عن طريق قطعة سكر
احتفال في مستعمرة النمل
ائتلاف أثير
( شتيفانيجا لودفيج – كرواتيا )
**
احتساء الشاي
تنعش رائحة البابونج
وجه أمي
( بوريس فيرغا – كرواتيا )
**
العودة للوطن
يلوح لي كلبي
بذيله
( كواكوفيني أدو – غانا )
**
دمية خشبية –
ضحكة باهتة
لطفل أفريقي
( أدجيي أجيي باه – غينيا )
**
تظهر المسارات الجديدة
بعيد العاصفة الثلجية –
السماء المنقشعة
( جين ريتشولد – الولايات المتحدة الامريكية )
**
الياسمين
على عتبة بابي
نفحة المساء
( دانييلا ميسو – إيطاليا )
**
فصل ذاتي
بصمات أصابع محيت
من على جرس الباب
( حفصة أشرف – باكستان )
**
يوم الأم
ثمة اضمامة من الخزامى
موضوعة على مقبض الباب
( أليسا ألو – سويسرا )
**
يقبل الاحفاد
و يجرونني خارج الفراش –
نهاية العالم
( كاواي شيغيتسو – اليابان )
**
أشاهد وجه أبي
في المرآة التي أحدق فيها
في أول صباح خريفي
( موراكامي كيجو – اليابان )
**
محطة خالية
تعج بزقزقات
العصافير
( فيدا جليلي – ايران )
**
عشب ذابل
يصبح لونه ذهبيا
عندما أفكر بحبيبي
( ماساجو سوزوكي – اليابان )
**
اليراع
حفنة من الزمردات
في شجرة النخيل
( ليودميلا سكريبنيفا – روسيا )
**
نعيق طائر النورس –
شكل الموجة
قبل أن تتجعد
( مايكل ديلان ولش – المملكة المتحدة )
**
القزحية الأولى
بيضتان
تحت ريش اللقلق
( فرانسوا موريس – فرنسا )
**
فقاقيع الصابون ..
كسرت الوهم
إلى الابد
( تيجي سيثي – الهند )
**
خطوات الام
ثمة سلحفاة يافعة
قد بلغت الساحل
( أجوس مولانا سونجايا – اندونيسيا )
**
رحل والدي
خفه في فم
الكلب
( فلاديمير خريستوف – بلغاريا )
**
الحنفية تنقط –
يقول السمكري
انه الربيع
( فاندر جراو – السويد )
—————————-
بنيامين يوخنا دانيال : كاتب و مترجم مواليد 1961 ( أربيل – العراق ) . حاصل على البكالوريوس في الاقتصاد و عضو اتحاد الادباء و الكتاب في العراق . له العديد من المؤلفات و الترجمات . من مؤلفاته ( الطفل و اللعب 1978 ) , و من كتبه المترجمة ( من الشعر الكردي الحديث : قصائد مختارة 2001 ) و ( من مشكاة الشعر 2002 ) , إضافة لأكثر من عشرين إصدارا و بحثا حول السياحة . عرف بترجماته لقصائد الهايكو لشعراء من مختلف بلدان العالم , و أصدر عددا من الكتب ضمن هذه الترجمات , منها : على عتبة الباب – قصائد هايكو عالمية , في مهب الريح – قصائد هايكو عالمية , قبلة أخيرة قبل الذهاب إلى الحرب – مختارات من شعر الحرب العالمي , رياح الهرمتان – هايكو معاصر من غانا , أشجار الكرز المزهرة – مختارات من شعر الهايكو الياباني , قفزة الضفدع .. نقيق العلجوم – إضمامات من شعر الهايكو العالمي .