بعد 85 عاما بي بي سي تتوقف عن البث
قبل اسبوعين اختفت من مذياعي اذاعة لندن , فشلت كل المحاولات لاستعادتها , وكنت قد وضعت خطا بقلم الجاف على الدرجة 90 (اف ام ) .. لاني لا استمع الا من هنا -لندن .
كنت ارى فيها الاذاعة الاكثر دقة وموضوعية.. وعلى الرغم من انحرافها عن مستواها نظرا للتغيير في البرامج الذي تزامن مع (بي بي سي اكسترا ) فقد بقيت وفيا لها ..ولعل نشرة الاخبار وبرنامج الكرمي -قول على قول – اهم ما كان يستقطبني من البث .
قبل يومين علمت بانها ستتوقف قريبا .. تلفنت لصديقي لاخبره فتأسف مثلي وعللت الامر لازمة مالية .. بعدها مباشرة قصدت تطبيق الاذاعة لدي وتأكد توقعي وعلمت بان الاف الموظفين سيسرحون .
لقد مر ت متابعتي لها بمراحل عدة .. في اخر السبعينيات كنت انتظر برنامج الكرمي بلهفة عارمة وهو علامة لبناني صمم برنامجه كاجوبة لاسئلة يطرحها المستمعون (سألني فلان من اليمن وفلانة من الجزائر : من القائل وما هي المناسبة ؟) ورغم ان البرنامج بث قبل ولادة النت فقد كان الكرمي كمن يبحث عن ابرة في القش يتمكن من الاجوبة بصوت مشوق ومعلومات زاخرة ذاكرا اسم الشاعر ومضيفا روايات عن حياته والمناسبة .وكم سررت فيما بعد حين علمت بانه طبع المعلومات بكتاب يبلغ 14 مجلدا … اما بعد ظهور اليوتيوب فاول ما بحثته برنامج قول على قول .
قبل وفاته بسنة ومن على السطح في البصرة كان ابي قد اغلق اذاعة لندن واستعد للنوم وقال (كفى ).. واضاف (سنموت قبل ان نرى نهاية النظام ).
كنت لاجل القسم العربي لندن امضي الى سوق الجمعة حيث تباع السلع الرخيصة والمستهلكة .. ابحث عن راديو ولاختبار جودتها امضي لاف ام فان ظهرت لندن واضحة اقتنيه .. بمرور الايام توصلت لحيلة فقد كانت تباع مسجلات شبه معطلة فيها راديو , يتصور البائع انه خدعني فيما كنت مسرورا لان اذاعة بي بي سي واضحة فيه فلم يكن احد من مقتنيه يستخدم الراديو ..
ابان الحرب العراقية الايرانية كنت عسكريا بين البساتين استغل غفلة الرقيب واصغي للندن .. وعندما بث النظام تشويشا عليه كنا نحاول ان نكون خبراء بدائيين لتصفية الصوت .
بعد ظهور الشاشة الملونة تضاءل دور المذياع وبعد انتشار الفضائيات اصبح لا يصغي للراديو الا سائق في عجلته او كبار السن .. وكم اصاب شبان فضول او اطلقوا ابتسامة سخرية وهم يرونني احمل الراديو في السيارة ..
تاسست هيئة الاذاعة البريطانية 1920وانطلقت بنسختها العربية 1938 وقد انطلقت النسخة العربية بمقدمة المذيع احمد كمال سرور في جملته الشهيرة (هنا لندن سيداتي سادتي ) وبلغت اللغات التي اذيعت بها 40 لغة .وقد تاسست الهيئة البريطانية ردا على اذاعة باري الفاشية 1934.