1- لم يعترض..
لم يعترض وأنا أشاركه طعامه.
سكتت أصوات جوعي.
حمدت الله.
شكرته.
وقبل أن أنصرف كانت إيدي حراس الفيلا تمسك ملابسي بشدة. جاءت عربة الشرطة، بعد أن عرفوا أنني سارقٌ للطعام.
لم تنفع معهم توسلاني المصحوبة بالبكاء المتواصل.
الوحيد الذي أعترض ركوبي عربة الشرطة، نباح الكلب المتواصل..هذا الكلب الذي أذن ليَّ أن أشاركه طعامه.
2- اللص الكبير..
حاولوا استنطاقي رغيف الخبز الوحيد الذي نجحتُ فى سرقته، ولكنهم فشلوا.
– أنت معترف أنك سرقت رغيف خبز ليس من حقك، وأنه من أملاك الدولة..؟!
قالها الضابط فى ثقة.
فتحتُ فمي عن أخره حتى أعترف لهم بجرمي.
لساني يرفض بشدة أن يتحرك.
يرفض خشية أن يُصعق بالتيار الكهربائي كما فعلوا مع معدتي؛ حتى تُخرج لهم رغيف الخبز.
3- موافق..
لم أعرف أنني كنتُ مراقبًا عبر هذه الكاميرات المختفية بكثرة داخل وخارج الفيلا، إلا عندما شاهدتُ نفسي داخل شاشة العرض الكبيرة وأنا آكل ما تبقي من طعامه.
– عليك أن تختار ما بين الجنة والنار.
مبتسمًا قالها صاحب الفيلا، الذي لم أفهم كلامه.
– ماذا تقصد..؟!
– عليك أن تختار.. إما أن أسجنك وإما أن تأكل وتنام وتقوم بحراسة الفيلا بالمشاركة مع من شاركته الطعام.
قالها صاحب الفيلا الذي لم يزل يبتسم فى ثقة.
فما كان مني إلا أن رحتُ أنظر إلى من شاركته طعامه، فوجدته يهز رأسه من أسفل إلى أعلي مرات كثيرة.
– موافق.
قلتها وسرعان ما رحتُ أجلس على أربع بجوار الكلب الذي شاركته الطعام؛ لنقوم معًا بحراسة الفيلا.
4- رائحة الطعام..
كل يوم.
وبعد أن تنتهي من ساعات عملك الوظيفي، وكما تعودت تخرج قاصدًا أماكنهم.
رحت تتنقل بينهم فى حرية مطلقة.
تفتح الأبواب الواحد تلو الأخر.
من داخلهم رحت تنتقي أفضل الأطعمة التى يشتهى أولادك.
تحمد الله.
تعود إلى بيتك.
– بابا جه.
يسرع إليك أولادك، ليس من أجلك أنت، ولكن من أجل أن يحتضنوا أنواع الطعام التى جلبتها لهم من داخل صناديق قمامة الأغنياء، هذا الطعام الذي غاب عنه سخونته ورائحته.