الخبر الاخير..
قرأت كل بيانات نعيك …ومراثي اصدقاءك ..واخبار زملاء المهنة…جميعها تتحدث عن رحيلك وعن فداحة خسارتهم بذلك…لكني افتقدت روحك فيما قرات ..ولم اجدك فيها….
وتساءلت ..لماذا لايكتب الانسان نعيه..؟.لماذا لايحرر هو خبره الاخير..؟ومن يكون اصدق واوضح واعمق منه في ذلك..؟
……………
اللقاء المحتوم..
بروح ريسان الفهد…
في صبيحة يوم الجمعة الاول من ايار…للسنة العشرين بعد الالفين…التقيت بمبعوث الرب…كنا على علم اننا سنلتقي لكنه رفض ان يحدد الزمان والمكان…قال لي كثيرة هي الاحداث..والقصائد وقصص الحب التي كتبت انت بداياتها ونهاياتها…الا هذه القصة …قصة وجودك وفناءك….نحن الكاتبون لها….
فقلت الا من فرصة اخرى فانا لم اعش الا …ستين ….خمسين …اربعين…ثلاثين……اتعلم اني لا اعرف كم عشت من حياتي؟…فبماذا نقيس اعمارنا … بنجاحاتها …بفشلها..بلحظات فرحها او حزنها…بايام وفائها ام خذلانها وخيانتها…ياخوفي لوكان يحسب عمر الانسان بلحظات السعادة…عندها سيكون عمري اقصر من نهار كانون..
اتعلم ان اياما مرت علي كنت اتمنى حضورك فيها…لكنك لم تحضر…
حين حرمتني الحياة مما افاضت به على غيري تمنيت حضورك…حين تضع حسناء نهاية لقصة حب لم تبدأ ….تمنيت حضورك….وحين عاملتني الحياة على اعتبارات الشكل والطول والعرض ….. وعندما خان ابطال قصائدي احبائهم تمنيت حضورك….
وحين…….غادرت امي تمنيت حضورك…ياترى هل ستأخذني لها….هل اخبرتها بقدومي؟…هل جهزت سريرا دافئا لي بقربها..؟دهنته بعطرها..؟
…اااااااااه كم اشتقت لها…
انت لست مخيفا كما صوروك…ولست مفرقا للاحباب كما يصفوك…انت جامعهم لكن في مكان اخر…اشعر بالراحة معك…وواثق ان مكاني الجديد انقى واطهر واجمل …لان الحياة هنا صارت اصعب..البقاء فيها للاقوى والاقسى والالعن …وانا كما ترى عصفور يصدح بانغامه على نوافذ الحسناوات….وطفلا لاتكاد تنتهي نوبة بكائه حتى تبدا ضحكاته تملا المكان….
لكن اما من فرصة لتوديع الاهل… الاصدقاء…اتلمس للمرة الاخيرة مكتبتي ..اوراقي…منضدتي…خزانة ملابسي…اضع قليلا من عطر اخر قارورة اشترتها حبيبتي…
يامن قرا خبري الاخير اوصلوا سلامي لكل الاحبة….فصاحبي لايجامل في المواعيد العظيمة….ولا وقت لديه للوداع.
———
العائد الخجول
انا الان قربك…
وصباحا ساكون جاثيا فوق قبرك ..
لن اخلف موعدك… حين وضعتك وحيدا في هذا المكان قبل ثلاث سنبن ومضيت.. واعدتك اني ساتي لزيارتك في مثل هذا اليوم من كل عام…
لكني اعترف لك انني لست مهيأ للاجابة عن كل اسئلتك..او بالاحرى لا اجرؤ على الاجابة عن اغلبها..
فليس لي جواب..
عن اسئلة مثل..
– كيف هي حياتكم بعدي
– وهل مازلتم تذكروني كما كنتم
– وماذا عن اصدقاء العمر.. هل مازلت حاضرا في خواطرهم… ويذكروني في ملتقياتهم واماسيهم..
– وحبيباتي.. هل فارق النوم عيونهم…واتعب السهد مقلهن..
– وقصائدي الاخيرة هل قُرِأت ام لفها النسيان.
– مكاني على سفرة طعامكم.. هل مازال فارغا ام شغله غيري..
صدقني لاقدرة لي ولا شجاعة على هذه الاسئلة…
لان اجابتها تكسرك…وتعريني..
سنلتقي كعادتنا صامتين…ودموع عيني التي ستبلل حروف اسمك.. ستخبرك بكل شيء.. فانت اللبيب الذي تكفيه الاشارة.. وتغنيه عن العبارة.. ستفهم انها ليست دموع حزن فقط بل دموع اعتذار وخجل منك.