كانت آواخر الربيع اياماً مناسبة لإخلاء البيت المستأجر حتّى لا يأتي الصيف مسرعاَ يضيف له تعب نقل الأثاث. قررّ انْ يصل إلى محل النجارة في المنطقة الشعبيّة التي عاش بها. تذكّر المحل على الشارع يعرض على واجهته رفوفاَ صغيرة، وابواباَ قديمة وقف أمام المحل يتفرّع منه باب منزل النجّارمن خشب إنتهى لونه، وعليه خسفات.! يطرق مرتين؛ وهو ينظر إلى الكنتور والرائحة المنبعثة من طلائه. خرج النجّاربصوته الاجش، وهو يردّ السلام والترحيب. قال الرجل مسرعاً: أريدك أن تفكك كنتور البيت ذي الستة أبواب. ردَّ النجار:انا سأذهب معك الآنَ. لحظات وهو يحمل عدّة النجارة، وفي الطريق كانت أسئلته أ قديم هو ام جديد؟ مستورد ام صناعة محليّة؟ واخذ يسرد قصصاَ عن الكنتور المحلّي الصنع، وكيف رغبت به امرأة حضرت مع زوجها وهي تطلب منه أن يصنع قلباً في كلّ باب من بابي الكنتور يصنعه من الخشب، ويزينه باللون الأحمر. بينما يقف زوجها يهمهم ويخفض راسه بالموافقة؛ ورجل آخر اوصل كنتوراً إلى بيته وتلمّست زوجته الكفيفة واجهة الكنتور، وعلّقت قائلة:ولكنْ لا توجد مرآة فيه وقد اضحكتني! لكنَّها اردفت قائلة:لا تنسى علاقة المرأة بالمرآةومن ذلك قررت أن اجعل المرآة في كل عمل يدوي لي.
دخلا البيت وشرع النجار يفتح عدّته، وكانّه في مهمة إعتاد عليها ليبدي مهاراته وخفّة يديه في تفكيك الكنتور، وبعد يومين دخل إلى بيت الرجل ليشدَّ الكنتور، وهو يقترح البقاء عليه فهو مناسب ونظيف ومازال يحتفظ بالمرآة وسط أبوابه. قال بعدها :كنتورك مستورد ومرآة تشغل ثلاثة أبواب منه. ردَّ الرجل :نعم كما تراه. كان ينظر إليه والغبطة على وجهه، وكانَّه فهِم درس الحياة في العمل والثقة إنَّ حركة الإنسان من حركة الآخرينَ في التجديد، وشرط الزواج غرفة الاثاث كلّ هذه جعلته بمثابة مَنْ يمتلك الملايين من الاموال من سعادة الآخرينَ.
وفي آواخر الشتاء أراد الرجل ان ينزل الحقيبة أعلى الكنتور لمح كيساً صغيراَ، أخذ يتفحّصه إستبعد ان تكون اموالاَ، او هديّة متروكة فتحة ووجد المسامير الصدئة تمسكها حلقتا مغناطيسضحك ما لبث ان تذكّر النجار الذي شغلته المرأة الكفيفة، وهو في غبطة من عملهِ.!
وصل الرجل إلى بيت النجار يطرق بابه القديم، بخرج النجار مستبشراَ بعمل ما فتح الرجل الكيس الصغير، وهو يقول :هذا الكيس لك تركته أعلى الكنتور خذه.، وتغيّر وجه النجار وحلّت انقاض الحياة على غبطته، وهو يردُّ:لولا تركتها في القمامة. كان يحسب أنَّها شيء مهم او تركه مالٍ، وهو ينظر إليّ ثانية :هذه المسامير مكانها كراسي الحُكم، إنَّها مسامير صدئة من الزمن المسروق هي واضحة لا زيف فيها ولم تفسد أحداً، ولكي اتخلّص منها، ولكن َمنْ يوصلني إلى كراسيّهم؟ كان الرجل ينظر إليه شاحباً وجهه . انتهت الغبطة عنده وفرحة العمل؛ وتراكمت انقاض الهَّم عليه. شكر النجارالرجل، وأسرع يغلق بابه القديم.