كانتْ الزوجة تحمل ابنتها الصغيرة ذات السبعة أشهر وبجانبها زوجها في المنامة ، يتطلعان من النافذة ..
شيء يحدث في الخارج أثار فضول الزوجين ، وكذلك الرضيعة إذ كانت تنقل عينيها الصغيرتين والجميلتين بين أمها وأبوها…
الأب كان صامتا تكاد ملامحه حيادية، أما الزوجة فكانت تعلقُ بين الحين والأخر ، مرّة هامسة ، ومرات عديدة بصوت مرتفع حتى أنه كان يخيف طفلتها !
كانوا ينظرون الى عجوز سقطت على الرصيف ، وحينما أنهضتها إحدى النسوة تقاربها في السن ومعها طفلة صغيرة .. شرعتْ تلك المرأة تشكو ابنها وزوجته تارة بحزن ، وتارة أخرى بغضب ، وتارة ثالثة بالدموع …
تقول أن كنتها تدعي بأنها لا تسمعها لما تُناديها طلباً للماء، أو تطلب قهوة ، أو ماء ساخ لتتوضأ لأجل الصلاة …
كانت المرأة تنصت إليها متعاطفة صامتة ثم ما لبثتْ أن انفجرتْ تصرخ منتقدةً أبناء وبنات اليومْ! كلهم بدون استثناء أزواج أو زوجات خلت قلوبهم من الشفقة، وانطلقتْ تروي لها بصوت مرتفع متألم حكايتها مع زوجات أولادها الثلاثة ! هذا الابن العاق المُقرفْ الذّي ينسى أمه وأخواته بمجرد أن يتفرق المعزومون وسكوت أهازيج العرس!
توقفتْ المرأة عن الأنين وبدأت تنصتُ باهتمام لتك المرأة التي كانت تحاول مساعدتها في النهوض ، امرأة مفجوعة في أولادها الثلاث ، وقد حمدت الله أنها وجدت ابنتها الوحيدة فهي تعيش معها رغم تململ زوجها ، لكنها في المقابل تعتني بأحفادها وتوصلهم الى الروضة أو المدرسة ، وأشارت الى الفتاة التي تقف بجانبها فهي إحدى أحفادها …
تنهدتْ وقالت لتلك المرأة بعد أن استعادت هدوءها : ـــــ من العيب والعار أن أعيش مع ابنتي عند صهري ، لكن أولادي تنكروا لي ! ماذا افعل ؟ أيامي انتهت أو كادت ، لكن ما أغبى أولادي …
ثم انطلقت وتركت تلك المرأة المسنّة وراءها وقد هدأ روعها ، ومن فوق ، من النافذّة كانت ثلاثة رؤوس تتطلع إليها ؛ رجل ، امرأة ، وطفلة صغيرة …