قال : ” يا أبت أرعى إحدى عشرة زهرة وحلما ” .
قلت : ” لا وقت للوقت . تداخلت بذاكرتنا الأويقات وتشابكت فما عاد للحلم بعض المتسع ” .
قالت : “مما رويته عن البيولوجي عن الفيزيائي أن دورة الحياة ودورانها تحتاج لفترة زمنية ، قد تطول … وقد تقصر “.
– اللهم طولك يا روح .
تصاعد دخان سيجارته ، راسما شكلا لولبيا . فتذكرت إخوة يوسف وقد شدوا الرحال لمصر لنيل ما يسدون به رمقهم . تذكرت إخوة طه حسين وقد اختطفوا الطعام تاركين الفتات للكفيف ..
تزايدت الحركة الدخانية اللولبية .
ما بال هذا المنفلوطي يرمقه باشمئزاز ؟ .
لطالما دافع عن الفضيلة ونبل القيم ، لذا فهو لايقبل مجالس المدخنين .
تبادلا النظرة فلمعت بذهنه عملية الحرث والغطس ..
أسر كمن يجيب نفسه : سأبذر العاشرة . لعلها تثمر المرة زهرة بصيغة المذكر ..
أمصاب بالخرف ؟ هل من زهرة بصيغة المذكر ؟ .
لعل للا غنو في الطريق ..
بعد قليل سيقرع الجرس ، ليخرج هؤلاء الأنذال المهووسون بالحد من النسل ، الذين لا يريدون مباهاتنا بين الأمم . سأصبح سيد المكان ، وحيدا بهذه البناية المترامية الأطراف ..
عواشركم مباركة .
عن أي عواشر تتحدثون ؟ لا وجود لكلمة عواشر في أي مجمع لغوي .. إنها تجميع لكلمة : ” مبارك الشر عليكم ” ابتدعها الشلوميون لمخاطبة مخالفيهم .
أواه ..
ما بال هذا اللغوي شاهرا قلمه الأحمر ؟..
همس ساخرا : لي قلم دون هذا اللون . به أنا العزيز، ولي به مآرب أخرى .
ما كاد ينتهي من همهماته حتى زن الهاتف .. احمرت أرنبة أنفه ، إنها للا غنو لعلها قادمة في الطريق . عابت عليه غيابه الدائم ، فتحجج بمسؤوليات العمل . أخبرته باستفادة بعض الجيران من الدعم الذي تخصصه الحكومة للأطفال المتمدرسين ، فطلب منها أن تقدم السجل العائلي لوالده لينوب عنه في المهمة .. انقطعت المكالمة على إيقاع غاضب ، ليحلق مجددا مع سيجارة أخرى ..
صباح الغد تقدم الأب للخازن : تي بطاقة ولدي ، وذا سجله العائلي . إنه يعيل تسع بنات وزوجة وأمه .
لماذا لم يحضر بنفسه ؟
لا وقت له للقدوم . يظل معسكرا بباب المؤسسة طوال اليوم . إنه حارس أمن خاص ..
وهل له وقت للانجاب ؟ لكل هذا الانجاب .
قل للعزيز : الخزينة الجهوية نفذت ، ولا تعويضات لنا . اهبطوا العاصمة الرباط ولكم ما سألتم .
كانت الشمس قد مالت للأفول حينما جهر الحاج بنزوات العزيز وميولاته الزائدة ، حينها أدركت سر الزهرات . إثرها غادرت المكان على إيقاع بسمته الكاشفة عن أسنانه المتساقطة … كنت آخر ما التقطت : ” إن قبيلته قبيلة توالد ” .