1/
لجبران عندي مكانة كبرى ، تزداد كلما هجست لي الذكرى .وعاد بي الزمن إلي الوراء ، أري جبران، فأري ذاتي هائمة بين عرائس المروج ،، متأملة في تعاليم المصطفي وعظاته لأهل اورفليس متألمة مع الأرواح الحائرة والأجنحة المتكسرة ، أري جبران فأري روحي في زخم السنين تتشعبط جبلها الأول في مدينة الحجر، اراها وانادي علي ، انادي نثار المحو،واتذكر خليلي جبران خليل جبران ، انهض من رمادي ،اسأل الجبل وأنادي علي.
كلما قرأت لجبراني غمرتني الغبطة وعادت بي الذكري للزمن الجبراني الجميل ونصوصه البديعة دمعة وابتسامة والعواصف والبدائع والطرائف والارواح المتمردة والنبي وآلهة الارض .منذ اكثر من ثلاثين عاما عرفت جبران واحببته
2/
دأبت علي قراءة مقالات الاستاذ هنري زغيب في ” اسواق العرب “، وهو جبراني ومن القلائل المجدين والمهتمين بكل ما يتعلق بجبران،حياته ،ادبه ،فنه ،سيرته ،ووثائقه ، وقد أصدر دراسات عنه ، وقام مؤخرا بترجمة كتاب بربارة يونغ : هذا الرجل من لبنان / الصادر عن ، منشورات مركز التراث اللبناني، الجامعة اللبنانية الأمريكية، 2021 /
في مقالته جبران بين الإكبار والإنكار المنشورة في أسواق العرب بتاريخ 21 /2023/01/ ، يري الاستاذ الاديب الدكتور هنري زغيب في كتاب نعيمة ،الذي كتبه عن سيرة جبران وراي فيه البعض تحاملا علي جبران وتنقيصا من مكانته
أن نعيمة لم يتحامل علي صديقه وأنه كتب سيرة واقعية كما ينبغي ،سيرة انسان مثل جميع الناس فيها الطموح والمنازع والاهواء والضعف وليست سيرة ملاك كتلك التي كتبتها بربارة يونغ عن جبران بأسلوب الهاجيوغرافيا” (كتابة سِيَر القديسين بتعظيم وتفخيم وخُشُوع)
وفي رأيي ان ناسك الشحرورميخائيل نعيمة عندما كان يكتب سيرة صديقه كان في نفسه شيء من شهرة جبران الواسعة والتي امتدت في كل انحاء العالم وعبقريته الفذة النادرة التي تجاوزت الزمان والمكان وكتاباته التي تتابي علي التصنيف ، جبران من كبار العباقرة في الادب العربي والعالمي ، قد اجتمعت في شخصيته مواهب متعددة فقد كان رساما وشاعر وأديبا وفيلسوفا، وهو أمر من النادر حدوثه وعندما يحدث لشخص ان تجتمع فيه كل هذه العناصر فهو عبقري ومن الصعب تجاوزه ونسيانه ،والتاريخ يحدثنا عن مثل هؤلاء الافذاذ الخالدين الذين لايموتون ، من هؤلاء علي سبيل المثال لا الحصر الرسام ليوناردو دافنشي الذي كان رساما ونحاتا واديبا ومعماريا ومهندسا وموسيقيا وعالما في الفلك والرياضيات والفيزياء والجيولوجيا والنبات والخرائط ونيتشة الذي كان شاعرا وكاتبا وناقدا وعالما لغويا وملحنا وفيلسوفا ،هذان الرجلان العبقريان اللذان طبقت شهرتهما الآفاق لايزالان يحيران أهل العلم والفن والفلسفة
عندما كتب نعيمة كتابه /جبران خليل جبران ،سيرته ،حياته ،موته ،ادبه ،فنه . انتقده الكثير من الدارسين ورأوا في كتابه الذي كتب بطريقة سردية رائعة جميلة رواية تخييلية ابتدعها ناسك الشحرور، كتابة ادبية راقية تصلح ان تكون رواية وليست سيرة غيرية عن جبران خليل جبران ،وقد افرد طنسي زكا كتابه بين نعيمة وجبران لهذه القضية ، ورأى أن ميخائيل نعيمة سعي عن سوء قصد لخسف ظلال أديب الأرز إبن بشري ،عبقري لبنان الخالد. جبران خليل جبران ،واعتقد ان ماذهب إليه الباحث صحيح ، ذالك انه بمجرد قراءة كتاب نعيمة يتضح لأول وهلة للقاريء ان نعيمة يحمل معاول الهدم ويحاول تحطيم الاسطورة الجبرانية ، ويتضح الامر جليا عندما نقرأ كتاب نعيمة الذي خصصه لسيرته والذي يحمل أكثر من نقطة استفهام ،مما يدعم فرضيتنا ،
من يقرأ سيرة نعيمة “سبعون ” التي كتبها في ثلاثة اجزاء لايجد ذكرا لصديق عمره إلا مرتين وهو ما يثير السؤال والإستغراب .
وعليه نعتقد ان كتاب نعيمة عن جبران رغم أهميته الادبية والتوثيقية لم يكن كتاب سيرة غيرية خالصة لايقصد صاحبها سوي الحقيقة ، وانما كان كتابا أراده نعيمة لطمر الاسطورة الجبرانية ،نعتقد ان نعيمة وان كان شاعرا كبيرا وكاتبا وفيلسوفا عظيما كان يحسد جبران علي مجده الأدبي ويغار منه .