كيف على الشاعر أن ينهض ! بإعتبار الشعر من حيث هو نظرة ُ وتعبيرُ في آن واحد ، وهو ينشئ بنىً جديدة ، ورؤى مختلفة ، فالشاعرة ” راوية ” تتصادم مع الكثيرين من المفلسين في مجتمعها الذكوري، وهي أنثى وشاعرة ، وخطواتها بطيئة في ظل الإنكسارت والهزيمة لكنها معمقة ببعد ميتافيزيقي ، يتجاوز الظاهر إلى ما هو أبعد غورا ، ومن خلال قصائدها المنشورة في ديوانها ” خيول ناعمة ” والصادر عن دار المرتضى ويقع في 122 صفحة ، وهو من القطع المتوسط ، كما يبدو لي ، والذي من خلاله إنطلقت من موسيقى القصيدة الجديدة ، وهي محاولة منها لتأسيس لكتابة فيها من الذاتوية الكثير ، والإفصاح بخلجات شعرية فيها ومن خلالها تنشئُ طرقا ً أخرى للتذوق ! بإعتبار أن القصيدة بنية ايقاعية خاصة تأخذك مفرداتها الشعرية الملغزة والمفعمة باللوعة ، والحزن الشديد ،إلى عوالم الوطن المتداعي ، وما يجري حولها من نكسات ومصائب إجتاحت وطنها ، وهي تحلم بمدينتها الفاضلة التي لم تيأس منها ، فلديها أسئلة كثيرة ! تتمثل في مقاربة مشكلات الإنسان ! ولكنها تتعامل مع ذاتها برؤية حقيقية صادقة ، وهي تستكشف لنا أسرارَ هذا التلاقح بينها وبين الوطن ، الذي تتأمله وتصرخ من أجله . في قصيدة ” طقسُ السقوط ” ص8
” أشتاق ُ إليك َ … هكذا صدعي ، محصور بي ، دون َ ضلعك َ والوطن ”
فالشاعرة الدكتورة ” راوية الشاعر ” وهي تحاول أن تفجر مكبوتاً ما في ذاتها المبتلية بين عاشقها الغائب ، أو وطنها المحترق ، وبين ما يحيط ُ أبناء وطنها من مصاعب ، من جراء الآفات التي تخترق الحواجز الصماء لجموع الناس ، وهي تنطلق إلى مقاربة الأشياء في تماسها مع الواقع بطريقة مباشرة ، أو مقاربتها الأشياء بدءاً من تصوراتها ، ورؤيتها الشعرية المتعمقة بفلسفتها التي إستخلصتها من دراستها الأكاديمية في علم الجمال المسرحي ،بإعتبارها حاصلة على شهادة الدكتوراه في الفنون المسرحية ،كما في قصيدة ” نزيل الزجاج ” ص10
” والجرار ُ تصرخ ُ ب عطشِ السارقين ، حين كانت الحكايات ُ سبايا ، يرتدين وشاحَ الخيبة ِ”
يقول عنها الناقد الأستاذ ” جبار فرحان العكيلي ” تبحر بنا الشاعرة راوية إلى جغرافية الكلام ، وحرفنة الأمكنة ، ومعاصرتها كجزء من محاكاة تاريخ مدينة وشخوص تعكس حركة شعب عبر شواهد يومية عاشها الإنسان البغدادي بكل مافيها من دمع وضحكات تناغما مع جرح الكل ، وشغف الكل ، وموت حياة الكل . كما في قصيدة ” زمن الطحالب ” ص18
” الوطن ُ مغيب ، كما الورد ، وهو يخاصم ُ القبور ، كما الغفران “
وليس هذا فقط فهي لديها أسئلة إستفزاية تشتغل عليها في معظم قصائدها ، وهذه الأسئلة هي أشبه بأثقال من الحديد تتدحرج على الألسنة وفي الحناجر ، وخاصة للذين سرقوا الوطن ،من متحزبين ، ومتعهدي وطنيات ، جاءوا إلينا ، وهي تحزن على حالنا وحال الوطن . كما في قصيدة ” زمن الطحالب ” ص19
” وهي تختنق ُ ب حقائب ِ المدارس ِ ، الوطن ، مبتورُ الأخمص ِ ، فيه ِ الآثار تبتلع ُ سرًها ، المفضوح َ على خارطة ِ الكُره ِ ”
فهي في معظم قصائد الديوان تنطلق من ” الأساس الجمالي لفكرة تشكيل الجديد لموسيقى قصائدها المتنوعة كما في ” انكسار ُ الكسل ، شهداءُ البوح ، مواسم الغلق ، جناح ُ وطن ” وغيرها من القصائد وهي تؤكد على ارتباط الشاعر بمجتمعه ،وبمطالبة منها بفتح افاق جديدة لحياة جديدة ، وهي تعطي للشعر بعداً آخر بمفهومات أخرى ، وبأشكال أخرى ، ويبدو تمنياتها وأحلامها ليست بعيدة وسط الرماد السياسي الذي يهيمن على وطننا .كما في قصيدة ” لذة التكوين ” ص110
” وأنت أيها الحب ، أعبر قارة َ الحزن ، وتعال نم على الوسائد ، تحرش بكل ِ مقدسٍ ميت ”
تجدر الاشارة أن الشاعرة حاصلة على المركز الثاني في مجال كتابة النص المسرحي من الملتقى الأدبي في جامعة الإمارات عام 2005 ، حاصلة على المركز الثاني في مسابقة علي الغوار الأولى في مجال الشعر 2013 ، حاصلة على جائزة الإبداع العربية ” ألكسو “