الحوار: هو مناقشة الكلام بين الأشخاص بهدوء واحترام ودون تعصب لرأي معين أو عُنصرية، وفي جو إيجابي وعن طريقه يتواصل بين الأشخاص لتبادل الأفكار وفهمها، وهو أداة اقتناع وإقناع¹.
أن الحوار يعتبر القلب النابض للوعي والثقافة فأن لم يعمل هذا القلب ولم يُسمع لن يصل الشخص إلى الوعي اللازم بل سيبقى تائهاً في دومات عديدة.
أن القلب يكون في داخل الإنسان منذ وجوده كجنين إلى اخر يوم له في الحياة، يجب أن يكون الحوار حاضر منذ نشأة الفرد كجنين في بطن أمه حوار الأبوين في هذه المرحلة يعتبره مصدر للمعلومات البدائية مثل صوت اعتاد أن يسمعه أو الوضع النفسي للأم وما إلى ذلك.
بعدها تأتي مرحلة ما بعد الولادة واول سنين الطفولة تعتبر هذا السنوات من أهم مراحل حياة الشخص لأنها تحدد شخصيته المستقبلية الحوار هنا يعزز الأواصر بين أفراد الأسرة ويُكون شخصية سوية لدى الطفل من خلال الحوار الهادف بينه وبين الأبوين، الحديث معه واللعب وسؤاله عن رأيه في الأشياء التي تحدث أمامها تعزز انتباهه وفطنته وقدرته على التعبير الصريح والصحيح أيضاً عن ما يراه ويعطي رأيه بصراحة دون خوف.
الحوار يعزز الصحة النفسية التي نفتقدها بنسبة كبيرة في وقتنا الحالي.
فإن التربية تستوجب شخصين شخص يربي وآخر يُربى، وبينهما حوار التربية والحوار في التربية ركن لصيق بها لطالما افتقده الكثيرون، واستخدموا وسائل القسوة البالغة أو التفريط المدلل حتى صار عندنا كم من المعقدين نفسياً، والمهلهلين فكرياً².
ثم تأتي مرحلة المدرسة هنا يكون الحوار أسري وتعليمي الأبوين من جهة والمعلم من جهة أخرى، رافدين يجب أن يلتقيا بشكل إلزامي لينشأ عنهما شخصٌ سوي مهما اختلفت اتجاهات هذان الرافدان يجب أن تكون نقطة الالتقاء واحدة.
فمثلاً يلجأ الأبوين إلى أسلوب القصص والحديث بعدها عن ماذا تعلم ابنهما بينما يلجأ المعلم إلى شرح صفة أو مبدأ ومن ثم يفسح المجال للطلاب السؤال عنها وابداء رأيهم أو ملاحظاتهم عليها فهذا يعزز شجاعته وبناء شخصية قوية تصنع مكاناً لها في المستقبل لأنها لم تُكبت أو تهمش.
بعد هذه المراحل تأتي مرحلة تنمو فيها بذرة الحوار (وهي التساؤل) لدى الشخص سواء كان قد نشأ في بيئة حوارية ام لا، المراهقة وهي مرحلة تُقلق كل اب وام وصل لها ابنهما (سواء كان ذكر او أنثى).
هنا المراهق يبدأ بالتساؤل عن كل شيء يحدث أمامه ويكون متعطش للاجابات اذا كان قد نشأ في بيئة مثل التي ذكرناها الان سوف يحصل على الأجوبة التي تناسب مرحلة نضجه أما إذا كان الشخص نشأ وحده بدون تربية فقط وجود الوالدين ورعايتهم له سيكون أمام خيارين إما أن يبحث بنفسه ويحالفه الحظ وينفتح له باب رؤية طرق تطوير معلوماته وشخصيته فيَسأل ويُسأل ويتحاور ويناقش أو ينجر إلى متاهات قد لا يخرج منها فيقرر أن لا يتسائل مرة أخرى.
أن الشخص الذي لا يعرف طريقاً للحوار سيبقى هامش في الجلسات وفي الحياة بصورة عامة لا يُرى ولا يُسمع، هناك مقولة لسقراط يقول (تكلم حتى أراك) فالشخص لا يراه المقابل ولا يعرفه دون أن يتكلم.
حياة الفرد أن لم يكون فيها الحوار في احدى هذه المراحل ستكون حياة بلا هدف فارغة وغير سوية تكثر فيها القرارات الخاطئة الناتجة من قلة خبرة الشخص وعدم الوعي، وعدم الصعود بالمجتمع إلى طبقة ثقافية جيدة، غياب احترام رأي الآخر والاستماع إليه والعديد من الاشياء السلبية التي ستثقل الفرد وبالتالي تثقل المجتمع.
على الأسرة أن تلتفت إلى أسس التربية الصحيحة واهمها الحوار وان تخرج من دور رعاية الأولاد الذي تعتبره هو التربية، أننا نشهد ضعف في أساس المجتمع ونتجه إلى تدهور كبير مهما كانت مدة الوصل إليه يجب ان ننتبه ونتدارك الأجيال القادمة بالحوار الصريح وغير المريح مع أنفسنا اولاً لنحدد نقاط تقصيرنا في هذا الجانب ونعمل على إصلاحه ومن ثم نلجأ للحوار الثنائي أو الجماعي داخل الأسرة لتحديد القيم والمبادئ التي يجب أن تتجه الأسرة نحوها وإصلاح ما فسد منها؛ لكي نزيل الشوائب من طريق المستقبل.
ومن نِعم الحوار أياً كان نطاقه حوار فيه التجرد للحق، حوار لا تهارج فيه ولا تخاصم، حوار لا تسلط فيه ولا تقاتل حوار لا بغي فيه ولا تنافر، حوار للحوار، حوار تستفيد فيه من أدب وعلم المتحاورين، حوار تخرج منه بمزيد علم وتقوى³.
المصادر:
¹د. غادة حشاد_الحوار مع الأبناء علاج لكل داء_ دار عصير الكتب_صفحة 25.
² أ. خالد احمد علي عمر_ الحوار مع من؟_ دار العلوم_ صفحة 167.
³أ. خالد احمد علي عمر_ المصدر السابق_صفحة 72.