تسير متأرجح الساقين من فوق الجسر ،تمشي ملاصقا لجدران بيضاء في شوارع متسخة وأفريزها ملطخ ببقايا علك ملتصق
كم من المرات أعدت الحركات نفسها،والترهات التي نفسها لا تؤدي أبدا إلى أي وجهة، لا معين لك إلا تلك المقاهي الشعبية تدور ألف دورة ودورة التي تعيدك في كل مرة إلى النقطة التي انطلقت منها من الحدائق العمومية إلى الميادين العامة ،إلى المقاهي إلى السنيما ،من ضفاف نهر مارتيل إلى الحدائق وصالات الإنتظار في المحطات إلى واجهات المتاجر الكبرى ،الأشجار ،الأحجار، الرمل المطر ،عزلتك وحدها لها حساب : مهما فعلت، أينما ذهبت، كل ماتراه لا أهمية لك،كل ما تفعله باطل، كل ما تبحث عنه قبض الريح ،ضلال العزلة وحدها الموجودة هي التي عاجلا أو آجلا في كل مرة تعود فتراها في مواجهتك، لقد توقفت عن الكلام والصمت وحده هو الذي جاوبك،لكن تلك الكلمات آلاف ملايين كلمات التي توقفت في حلقك،الكلمات التي لا لكلمة لها صرخات الفرح،كلمات الحب ،الضحكات البلهاء متى إذن تستعيدها؟الآن تعيش في رعب الصمت،لكن ألست أكثر الجميع صمتا؟الوحوش دخلت حياتك،الجرذان أشباه وحوش صغيرة العشرات، المئات، الآلاف من وحوش تميزها ،تعرف عليها بعلامات خارج حدود الإدراك بنطلاقتها الهاربة،بنظرتها المتقلبةالمتأرجحة المذعورة التي كلما تقاطعت مع نظرتك، لكن الجلبة تنبعث من وقع خطوها في قلب الليل، لكن هذه الوجوه لا عمر لها، هذه الأطياف الضعيفة أو الرخوة، هذه الظهور المستديرة الرمادية تعرفها قريبة منك ،في كل ساحة تلاحق ظلها أنت ظلها تردده على علاماتها، على جحورها لك المخابيء ذاتها،لك الملاجيء ذاتها،السيمات المنتنة برائحتها العطنة
إحباطات تحاصرك وأنت جالس على مشبك المقاعد، ترسم وتمحى دون توقف على الرمل،قراءة صحف مرمية في سلل المهملات،،أوراق ملقاة على قارعة الطريق، إنهم يتبعون خطوط
سيرك نفسها بالعبث نفسه،بالتمهل نفسه، يترددون مثلك أمام كل محطات الحافلات،يأكلون خبزهم جالسين على ضفاف النهر ،مبعدون،منبوذون،محرمون،يمشون وثيابهم تحف بالجدران،خافضي رؤوسهم متهدلي الأكتاف متشيحي الأيدي وهم
يتطلعون للأفق البعيد،طافحين بالأمل يكتنفهم هدف واحد مثلك ،هو أن يموتوا خارج مداراتها الرهيبة ،وأن تتكور جثامينهم في حفر لينعموا بالصمت الذي فقدوه منذ ولجوا بوابات هذه المدينة الموبوءة بجرذان قذرة وعزلة.