إستيقظت في الوقت الذي أستيقظ فيه دائما. في الأيام الماضية كنت أستيقظ رغم عني كي أقوم بالواجبات والضروريات. الآن أنا في عطلة عن العمل وعن الدراسة، وربما في عطلة أيضا عن الحياة. أحيا ولا أعرف لماذا أنا حي. تقلب في الفراش مرات كثيرة وأنا مغمض العينين. حاولت العودة للنوم، لكني فشلت كما أفشل دوما في شؤوني الأخرى
فتحت عيني مستسلما. حدقت في السقف، ونظرت في الفراغ. غادرت الفراش واتجهت للمطبخ. شممت رائحة مقززة. غادرته بسرعة. غيرت الملابس وخرجت. إلتقيت قبل أن أصل للمقهى بصديق أعرفه منذ سنوات. تحدثنا قليلا، ثم مضينا للمقهى معا. سألني بعد أن تناولنا وجبة الفطور:
-كيف يكون يومك ؟
أجبته:
-حاليا يمر علي مملا. حينما كنت أشتغل كنت أنسى الهموم وأنسى الألم الذي يسكن جسدي
أخبرني عن نهاره كيف يمضي بدون أن أسأله. قال وهو يضحك:
-نهارك يمضي عليك يا صديقي مملا فحسب. أما أنا فكل يوم أموت فيه قليلا، لا أعمل لا أدرس. لا هدف لي أشتغل عليه. إني لا أعرف لماذا أعيش. أستهلكني وأستتزف طاقتي من أجل اللاشيء
توقف عن الكلام. طلب مني النهوض والمغادرة. نهضت وخرجنا. تسكعنا قليلا في المدينة. زرنا البحر. تمشينا قليلا. حينما هممنا بالمغادرة. توقف وأوقفني، ثم قال لي:
-أتعرف أني أفكر في الهجرة؟
-أجبته:
-وأنا أيضا أفكر فيها، لكني لم أجد سبيلا لأهاجر
عدنا من البحر إلى وسط المدينة. جلسنا في ساحتها قليلا. بعد وقت قصير نهض وأخبرني أنه سيغادر. توادعنا ومضى إلى حيث يريد. بقيت جالسا وحدي. أتأمل المارين وأشياء أخرى. فجأة رأيت متسولا قادما إلي. وصل عندي. مد لي يده. أخبرته أني لا أملك شيئا. كرر تمديد يده أكثر من مرة. أخبرته بما أخبرته في البداية. قبل أن يغادر شتمني، ثم قال كلاما آخر لم أفهمه. غادر وهو يتكلم ويبصق ويشتم ..
أخرجت الهاتف من جيب السروال لأرى الساعة. بدت لي الخامسة مساء. الشمس بدأت تميل وعلى وشك أن تغرب. نهاري مضى. أردت أن أستحضر ما فعلت فيه. لم أجد ما أستحضره، لأني لم أفعل فيه أي شيء. فعلت أشياء صغيرة تافهة، وربما مملة. نهضت من المكان الذي جلست فيه. تمشيت قليلا وببطء. حاولت أن أنزع عني الكآبة والقلق. رأيت مقهى قدامي ودخلت. رحب بي النادل الذي إلتقيته في الباب. جلست قريبا من التلفاز. لم أناد على النادل كي أطلب منه ما أريد شربه، ولم يأت عندي هو. نسيت أمره ونسيت ما أريد شربه.شاهدت جزءا من فيلم كان معروضا على التلفاز. حينما إنتهى. نظرت في الخارج. المساء قد مضى والليل أتى. نهضت لأخرج. قبل أن أصل إلى الباب أتى النادل إلي واعتذر مني قائلا:
-لقد نسيتك. اليوم نهاري لم يكن على ما يرام. لقد تخاصمت مع زوجتي. بالي لم يهدأ، لذلك نسيت ونسيت رواد آخرين..
تبسمت في وجهه وأخبرته أنه ليس هناك أي مشكل.ودعته. خرجت ومشيت. في الطريق فكرت في نهاري وفي النهر الأخرى التي مضت بنفس الوتيرة، فكرت في الليل أيضا. نهار كان مملا. ليلي الآتي لم أعشه بعد. قبل أدخل الغرفة. سمعت صوتا بداخلي يقول لي :
-إذا كان ليلك مثل نهارك فأنت لست حيا