ظهرت في الآونة الأخيرة عنوانات لمقالات مفاجئة إتخّذت من نص المكان لغتها، واثّرت الدوافع النفسيّة، والسايكولوجيّة في الكشف عن ماهيّة النص؛ ومنها عنوان “” النهضةرصيف آهات الجُند”” وعنوان”” كشوفات””
للكاتب خضيّر فليّح الزيدي الذي يمكن تسميته بالميداني في إيراده المكتشفات في النَّص الادبي/جريدة الصباح-الملحق الأدبي-عدد ٧٨٨في ٢٠٠٦/٣/١٥. وهذا الجنس المقالي؛ وإن بدت عليه لغة المقالة الصحفيّة التي يكثر فيها التكرار، او الوصف المباشر إلأّ إنَّه حاول التَّخلٍص من ذلك بإضفاء التقسيم عليها في محتوى وصف الكُنية العسكريّة، وما تفرزه من دواخل سلبيّة في نفيسّة الجندي/إحضر للسوق لخدمة الإحتياط حال دعوة اقرانك/وشر وحات قلم الوحدة… يأتي متنفّس الكتابة الميدانيّة بعد إنفراج هوس الحرب في إنزال الجندي من القِدر، وحمله على آلة حدباء ليفرغ ما اختزنت النَّفس النازعة للحرب قسراً في سرد ما كان من قديم حرب الألفيّة الثانية في ثلثها الاخير.
إنَّ نصَّ المكان في مثل هذه المقالات يختزن الكثير من السَّرد اللّغويّ والذي لا ينتهي إبتداء من /سِيق وإنتهاءً إلى اُنزل من القدر القوّة/ مما افرزه الكاتب، وبما تناوله من مفردة الكُنية ومحاولته ان ينسبها إلى المدارس النَّحويَّة فلم يفلح، وذلك لسطوتها في إختزان، واحتقان الجندي. كما إنَّ رموز الألفاظ التي فيها لا يعرف حلَّها إلأّ مَنّ دخل إلى ساحة المضمار وإنتهى به الحال إلى عَالم آخر.
ويحاول الكاتب جهد مقدرته على تتابع مفردات ق١، ق٢ القوّةو القِدر ومفردة (سِيق) التي يصفها بالفرمان الوطني.
وإذا كانت رِحلات إبن بطوّطة، والإدريسيّ قد افرزت من الكشوفات، المكتشفات في طبائع البلدان ثقافة أهلها، وواقع تجاربهم،، فلم تفرز كتابات الزيدي غير ثيمات لمقابر الجنود مصنّفة متنوّعةتحضر في ساحات المضمارعن مرحلة إنزال العقل منزلة ضرب ساحة التَّدريب المتكررة مروراً بحالة العنف النَّفسي.. وهذا هو جديد ادب المرحلة الحاليّة في كشف الممنوع الثقافي، و الأدبي والمستور منهما كنتاج أحال الكاتب، والشاعر في تلك الحقبة إلى المساهمة بشكل وآخر بنفخ صاحب الكُنية، وإيصال مرحلة المشروع القبرى باللغو، والغثيان؛وما يفرزه الأدب في هذه المرحلة اكبر من أن يوصف فهناك سرد الأسرى، و المعتقلين، وسرد الزنزانة المتشظّي، وسرد المقابر الجماعية؛ مهمّة الكاتب الآن إن يدخل نصَّ المكان بعد ان تجاهل الشَّخصيّة المُشار إليها ليفرز الكثير من انواع جنس الكتابة بمقالات جديدة.
نلمس بين ثنايا النص المقالي عنصر السخرية بين المد لول اللّغويّ، ونص المكان في المدارس النحوية حتّى المناهج اللغوية الحديثة عند (دي سوسير) وبين المنهج النقدي في إفراز ماهيّة هذه المصطلحات، والمنهج التقليدي في سيطرة مفردات الحرب يعلن خضيّر الزيدي إنَّ نشوء نظريّات القوّة، والقِدر/ق١، ق٢/قد فاق كلّ التَّصورات النقدية في الأدب وخروجه عن المسار الإجتماعي، مروراً بالسجن جرّاء الغياب حتى إنتظار فرصة المحرقة في آتون الحرب.
امَّا هامش الكُنى فيقرر الكاتب الزيدي مرحلة الإغلاق اللغوي في عدم الفهم عند القراءة الثانية، وغاية التَّاويل في الهامش الذي يزداد عتمة، وصعوبة في التَّفسير للمعاني التي ترد في هامش الكُنى..
إنَّ دراسة الكاتب قد فتحت الكثير من المشارب التي نضبت في حقبة ما قبل التَّغيير لتفصح عن حالة الإرتباك اللغوي، وهشاشة الألفاظ في قلم الوحدة العسكريّة بحقَّ ج. م، حتّى لحظة نزوله محرقة الحرب، او المقبرة الجماعية.
إنَّ مقالة الزيدي تُشكّل مرحلة جديدة في الجنس المقالي، ونحن في حاجة إليه في الوقت الحاضر بإسلوب فيه من التَّهكم، و السخرية ما يلفت النظر لثقافة مرّت على البلاد مرتبطة بفكر متَّشدد ركَّز على مرحلة الحرب بكلّ اهولالهاو نتائجها من اجل ان ينتصر لفكره الشَّمولي المقيت.