أطلقوا عليك أوصافا كثيرة. ألطفها وأخفها وقعا على نفسك: (اللويّن)*. هكذا بدأوا ينادونك عندما اشتد عودك. قبلت بالأمر على مضض. بدت الكلمة أقل إيلاما من غيرها. عانيت كثيرا وأنت طفل مع لونك.
أطفال الجيران ينادونك ب(القلاّوي)* ويهربون. وكلما أدركت أحدهم وسلخته، تأتي أسرته إلى البيت تُرغد وتُزبد وتتوعد، وتشتم كل ما هو أسود.
يحدث نفس الشيء في المدرسة. البعض يناديك ب (عزّي) والبعض يناديك ب (العنطيز)*. كل يوم خناقة. لكن المدير والمعلمين على الأقل تفهموا المشكل. وكتبوا على جدران القاعات ملخص لكلام الرسول الكريم حول المساواة بين الناس في اللون ببنط عريض:
“لا فَضْلَ… لأَبيض عَلَى أَسْوَدَ، وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَيض، إِلا بِالتَّقْوَى”.
كلام جميل يقع في القلب موقع حلوى الكوك. لكنه يذوب مثلها بسرعة، لأن الناس لا تعمل به. عندما باغتك المعلم تتحدث إلى زميلك، غضب منك، وشتمك بلونك:
ـ اسكت أ ذاك (الضراوي)*!
انفجر القسم بالضحك. تدارك هفوته، لكن بعد فوات الأوان!
ابتسمت لمريم التي تجلس في المقعد المقابل لطاولتك. نظرت إليك باشمئزاز، وعندما خرجت إلى الاستراحة، نعتتك ب (بلالا)*. تحولت المدرسة إلى كابوس. بدأت تتبرم منها، وتنقطع عن الحضور. سلخك الوالد، وشتمك وشتم نفسه، وهو في حالة غضب:
ـ ماذا تريد مني أن أصنع (القلاّوي) اللّي ولدك؟! تريد أن أصبغك بالحليب؟!
كبرت وتعلمت واشتغلت. تعبت أمك من أن تخطب لك فتاة بيضاء مثل الحليب. كل البيوت التي طرقت بابها، خيبت ظنها، ورفضت طلبها، وعللته كذبا بأن الفتاة مخطوبة. تيقنت أن ما نعتك به الصغار، تعلموه من الكبار.
لا تثق بالبيض. كلهم عنصريون. ألم يهددك كبيرهم يوم أزعجته، وأيقظته من النوم في الفجر؟ ألم يهددك بأنه لو كان يملك بندقية صيد لخطفك أنت وإخوتك وباعكم في موريطانيا؟؟!
في الأطلس الكبير ابتدعوا لك أسطورة للتمييز بينك وبينهم. عندما يشكون في لونك. يأتون بحبل قالب السكر، ويعقدونه من الوسط، ويقيسون رأسك من أعلى الجبهة إلى أسفل الذقن. إذا استقامت العقدة مع أرنبة الأنف فأنت حر، أي أبيض. وإذا صعدت أعلى الأرنبة، أو سقطت أسفلها فأنت (حرطاني)*. وفي جميع الحالات لا تستقيم العقدة مع أرنبة الأنف. وعليك أن تقبل بالنتيجة. فرضوا عليك اللعبة غصبا، رغم معرفة الجميع بأنها مغشوشة.
وأنت تستعيد عذاباتك، تذكرت المومس التي أقسمت بأنها لن تنام معك، ولو نثرت أمامها كل أموال قارون!
كم تعجبت يوم شاهدت فيديو في الهاتف لزنجي من افريقيا يجري عاريا في أحد شارع برشلونة. كدت تموت من الضحك. صرح المسكين للشرطة بأن امرأة شقراء اعتقلته داخل بيتها شهرا كاملا، وأغلقت على ملابسه في الدولاب، ومارست معه الجنس حتى طلع له الجنس في الرأس.
لا تذهب بخيالك بعيدا.. هناك وراء البحر الأبيض المتوسط نساء شقراوات يمتن في لون (الشكولاط)، لكن في الفراش فقط. بعدها أنت مجرد (صال نجرو)*
سمعت جدك وجدتك يحكيان قصصا تقشعر لها الأبدان. عليك ان تقبّل وجهي يدك، وتحمد الله وتشكره على أنك لم تعش في زمانهما.
وحدها الأم تضحك معك عندما كنت طفلا، وتشبهك ب(الشكولاط)، وتقول لك:
ـ تعال عندي أ الشكيليط!؟
تفرح وتحس بحلاوة (الشوكلاط) تذوب في فمك. تشعر وكأنك خليط من الكاكاو والحليب والسكر.
لو كان كل الناس مثل أمك لعشت سعيدا بلونك.
المعجم
ـ اللوين / القلاّوي / العنطيز / الضراوي: أوصاف قدحية للسود في الثقافة الشعبية.
ـ بلالا: المعز
ـ الحرطاني: نسبة إلى الحراطين وهم سكان الواحات في الصحراء الكبرى أي في موريطانيا والمغرب.
ـ صال نجرو: عبارة منقولة عن الفرنسية وتعني: العبد الوسخ.
مراكش 04 غشت 2023