قدم القاص قصة حدث مألوف وهي تصور نماذج من الناس البسيطة، فهم يقيمون وسط أحياء شعبية تزدحم فيها أنفاس الفقر المادي والمعنوي، وصارت منازلهم مفتوحة لصراعات واتهامات فيما بينهم ( كالمعتاد ، لم يتحرك أحد من سكان الحارة) فقد اعتاد أهل المكان على تكرار الأصوات التي تصدر من الزوجين في النهار تعبر عن القلق والفوضى النفسية التي تعم الطرفين، غاب الحب في زمن النهار، زمن العمل والعطاء وفقدان التوازن بين الزوجين للوظائف الأسرية ثم يأتي زمن الليل والسكينة فاسترخى العقل من التفكير وأظهرت المشاعر الإنسانية ليلا فكانت المفارقة في حدث مألوف ( أن يتطارحا غراما) قد يكون مصطنعا لتنطلق القصة إلى أحداثا أخرى وتتوالد قصص أخرى تصور حالة البسطاء في البحث عن الاستقرار السريع والمؤقت نذكر منها:
1-أبطال البسطاء :
نعم، إنهم البسطاء الذين أنهكتهم الحياة بوظائفها المادية والمعنوية، نحتوا الصخر بأيديهم للبحث عن السعادة بين الناس والخروج من القاع الاجتماعي .
أبطال قصص حدث مألوف نراها في حياتنا أو نسمع عنها ففي قصة (بشرى) كان البطل مطيعا لله محبوبا عند الناس في حياته وبعد مماته.
في قصة( فرج الله) أتى البطل على اسحياء لصديقه يتصنع الابتسامة ويتظاهر بالرضا وفي داخله يتصارع مع ذاته عند استلامه مبلغا من المال كدين لمصاريف عرسه.
إن أبطال البسطاء لا يتحدثون عن أفعالهم بصراحة في النصوص القصصية بل تقودهم سلوكهم نحو حركة مواقف بسيطة تخرجهم من العالم الواقعي سريعا ثم يستيقظون لحالهم عند العودة إلى طبيعتهم كقصة جدران، وقصة قسمة ونصيب.
إنها شخصيات غير راضية عن الواقع الاجتماعي تحاول النهوض من الأزمات ولكنها تقع مرة أخرى وتكشف حقيقة الموقف كقصة (رقي، هجرة، تقوى) وغيرها وهي شخصيات نامية واقعية تحركت مع تيار النفس الإنسانية والتحدي أمام رغباتها.
2- أمكنة البسطاء
تنوع المكان في قصص حدث مألوف ولكنها أماكن يزورها عامة الناس البسطاء فتدور المواقف والأحداث فيها مثل: المسجد في قصة بشرى، الحارة في قصة حدث مألوف والقرية كقصة المدينة أسفله، الجامعة كقصة قسمة ونصيب الحظيرة كقصة الحظيرة والمحل كقصة صفعتان وكان المكان مصورا حركتهم وردود أفعالهم وطبيعة بيئتهم التي يزورها تارة الفقر وتلرة قوة الإيمان ورضا بالحال وتارة أخرى بالمرض والمواساة بين أفرادها وأخيرا التمرد على المكان بتركه أو بإخفاء المظهر الحقيقي خوفا من البيئة المحيطة بهم.
3- حوار البسطاء :
كان حوارا عفويا يدور عن يومياتهم ، وجاء القاص بالحوار الخارجي تارة كقصة غفلة (سألته زوجته متى تنظر لي) أو نرجسية كقوله: ( يا معلم .. البشرى جاءك ولد) او الحوار على لسان الراوي كقصة نذالة ( ثم أخبرت صديقه أن طليقها قد رتب معها -ساعتها- أن تولوا وسط الحي ، وتتهم الصديق بالاعتداء عليها) وقصة تلغراف وقصة ملل ، كان الحوار يعتمد على الراوي في سرده فهو الذي يخبر المتلقي بالحدث وتطوره ويصور الشخصية وحركتها عن طريق السرد .