هل ثمّة جدوى للكتابة عن إشكالات لغويّة لازمت النَّص المكتوب على صفحات الجرائد، بل تسلب منه عنصر التكامل الفنّي، والأداء اللّغويّ. كثيراً ما تكون حصّة من يتولّى الطباعة كثيرة مع تكرار الغلط اللغوي بدوافع المواد المتراكمة، والمطلوب إنجازها في وقت محّدد مضافاً إليها معاكسات التَّيار الكهربائي، وخشية حدوث مسَّ كهربائي يطال الصفحات. وفي عام ٢٠٠٧. واجهني سؤال في الصفحة الثقافية لإحدى الجرائد من شاب طابعي عمل في الجريدة، وليس له إطلاع بمسالة التصحيح، وإزالة الاخطاء من النّص . لماذا نلتزم ليومنا هذا بقواعد اللّغة عند الكتابة في حين إنَّ التقدم المعلوماتي لا يعير اهميّة لهذا النزر القليل في جرائدنا.؟
وهذا السؤال هو محاولة التفريط بقواعد اللّغة في اللّحن، وقد يكون أحد المعاول التّي تنظر إلى اللّغة مجرد قواعد منهجيّة من اجل تحقيق النجاح. وكما نجد أنَّ المحرّر الثقافي يبرّر الاخطاء اللّغويّة بضرورة الإلقاء عليها كما هي لبيان إنّها أخطاء المرسل وحده. وهذا الرأي قد يُغرق الصفحة بالأخطاء التَّي لا ترحم القصيدة فيما أرادت؛ ولا القصّة فيما عبّرت عنه، ولا المقالة تاكل نفسها. وتعمل على تعطيل جمالية النّص وعدم الحفاظ على ممتلكات اللّغة، وادواتها. وإذا راجعنا الصفحات الثقافيّة قبل التغيير نجد الشَّذرات اللّغويّة في تصحيح الاخطاء الشائعة، وتصحيح اغلاط المثقفين كُلّها كانت مترافقة مع الجريدة فيها التوضيح، والتصريح، والتشذيب لمواطن الغلط اللّغويّ، وما افصحت عنه مطربة عراقيّة حين كان الدكتور مصطفى جواد مستشاراً لها تقرأ له الشعر قبل أن تُغنّيه كما عن لقاء معه. وكان في التصحيح من الودَّ ما يُضفي عليه مسحة التواضع بين صاحب النّص، و المصحح اللّغوي بالرأي،، والفكرة وهذه واجهات لتقويم النص؛ وقد اثمرت تللك الشذرات في الأخذ، والعطاء قلّما نجد مثيله في الصحف العربيّة الوافدة، والتّي لا تقيم للصفحة الثقافيّة وزناًوإهتماماً مثلما طرّزته صحفنا من خلاصات للتصحيح تُضيء في أعمدة الجرائد والمجلات، وترشد الذّي يلحن في القول ليطلّع على صورة اللّغة بعد إجراء اللازم. وجعل النص معافى. والجيل الثقافي الحالي إذا صحَّ التَّعبير والذَّي يؤشّر على من دخل أبواب الثقافة، وسكن بيوتها العامرة بالتَّراث عليه ان يُفتَّش عن القليل من الإرشاد اللغوي لمرض في مقالة، او ترجمة لكي يتماثل النَّص للشفاء ومن ذلك استعمال (هل كيف) ( قد فعلاَ) (انا في إنتظار ان تخبروني الإستلام) و(نجد أنفسنا ملزمون) (حِرف شعبيّة هل ستكون من الماضي ام يحافظ عليها) (هل بصفته قاصاَ ام قصصه) (إلى أن يتوّجه فنّاني الكاريكاتير) ، وفي الاذاعة(لم ناتِ بها من دَوْرَنا) بضم الدال وكسر الراء ( بِدين أكبر سنّاً في موضوع الشيخوخة) بفتح الباء.
وهذا القليل ممّا تجمّع في الصحف وعن المذيع يذوب إذا تكررّت المراجعات اللّغويّة في التَّوجه الذي نحتاج إليه جميعا من اجل لغة عربيّة خالية من الوقفات تعترض سبيل النَّص.
اليوم حين ننظر إلى اللّغة من منظار العملة الأولى بعد دخول الانترنت نكون قد سلّمناها إلى من لا يريد الحفاظ عليها، بعد ان كان لها من التأثّر والتأثير في الحياة الإجتماعيّة بقدر تأثيرها في الواقع الثقافي، وهي جديرة بالأمانة.