لم يكن فرويد من اكتشف الهستيريا ولا اللاشعور ,وان تميزه تركز بتطوير هذين المفهومين ,والتنظير المتفرد لهما .
عندما ظهر فرويد (1856 _ 1936 ) كانت النهضة العلمية قد بلغت اوجها في شتى العلوم خاصة علم الفسلجة والنفس , ويكفيك ان تلقي نظرة على كتاب ج.ك فلوجل (علم النفس في مائة عام ج4) لتدرك ان علم النفس مع بداية القرن التاسع عشر قد اكتمل تخصصه ونضجت نظرياته وانبثقت منه مدارس عدة اثارت جدلا واسعا في زمانها .
مرض الهستيريا ظهر بشكله البدائي في الطب اليوناني وكانوا يسمونه هسترا أي الرحم وحددوه بانه يصيب النساء دون الرجال .
حتى ظهر في القرن الثامن عشر الطبيب الفرنسي جين شاركو وقام بدراسة المرضى المصابين بالهيستريا وتمكن من احداث المرض بطريقة الايحاء واثبت الاساس التقني لمرض الهيستيريا ما دفع فرويد وزميله بروير لدراسة حالات الهستيريا واستخلصوا مفهوم اللاشعور وعلاقته بالكبت .
فقد نشر فرويد نصا عنوانه ( التحليل النفسي لمريضته دورا سنة 1905) .
سيكون مختلفا مفهوم الاضطرابات النفسية الهيستيريا تحديدا حين نقرؤه في الدليل التشخيصي والاحصائي للاضطرابات النفسية Dsm والتصنيف الدولي للامراض Icd الذي تنشره منظمة الصحة العالمية .
ممكن ان نلخص مرض الهيستيريا ببساطة هو العطب او الخلل العضوي الذي منبعه نفسي ,وهو محصور في الاطراف العليا والسفلى والعيون والحنجرة . والغاية منه هو استدرار التعاطف وجذب الاهتمام.
لهذا لا يمر الهيستيري بنوبات غيبوبة الا قرب شخص يهتم به حبيبا كان او اما كمثال .
وقد حدد الطب المفارق عشر علامات تميز من يسقط بغيبوبة اثر نوبة صرع او حالة هيستيرية , فالمصروع يهوي باي مكان وتحت اية ظروف اما الهيستيري فيسقط في مكان امن وقرب من يهتم به .
سنة 1936 اشترت تلميذة فرويد قبل رحيله بثلاث سنوات من دكان بائع عتيق مجموعة من الاوراق واتضح انها رسائل استاذها فرويد لتلميذه لفهلم فليس بسنوات 1887 و1904وكان مرفقا مع الرسائل مسودة لفرويد بعنوان (مخطط لسيكولوجية علمية ).
وكان الاعتقاد سائدا بان هذه النصوص قد ضاعت .
تحدث فيه فرويد عن بداياته الاولى فيما سيتطور الى مصطلح اومدرسة التحليل النفسي , موضحا اهمية اول بحث يحمل توقيعه مع زميله بروير الذي رافقه طويلا زمن البدايات قبل ان يختلفا فيفترقا وسيحدث سلوك متماثل مع صديقه فليس ويونغ فيفترقان ايضا .
في كتابهما فرويد ويونغ المشترك (دراسات حول الهيستيريا 1895 ) اكدا ان جذور ان جذور اعراض الهيستيريا نفسية لا عضوية واوضحا ان الحل السيكولوجي كفيل بالعلاج .
وهنا نتذكر ما انجزه بروير قبل 15 عاما وتبعه فرويد في معالجة المريضة آنا او.
في رسائله لفليس يختصر لنا فرويد مساحة تطوره فيؤكد له بانه بداية اتبع بروير بطريقة التنويم المغناطيسي واستبدله باسلوب التداعي الحر بان يترك مريضته مسترسلة بلا مقاطعة الا لحث او تشجيع .
هذا الكتاب يمثل بداية التحليل النفسي .
فيما بعد طور فرويد مفاهيمه في كتابه ( خمسة تحليلات نفسية ) منها حالة مريضته دورا .
كان فرويد كما دارون حين تواجهه ظاهرة يصعب تفسيرها يعترف بذلك فهو لم يتمكن من ادراك كيف تتحول الاضطرابات النفسية الى خلل عضوي.
وكان فرويد يتقدم على نفسه باستمرار ويطور افكاره ومفاهيمه.
وعلى الرغم من توفر علماء نفس في زمانه يفوقونه كما فانه كان الاعمق والاكثر اصالة .
وها نحن بعد قرن ونصف على ولادة التحليل النفسي بحاجة لتفهم فرويد جيدا وان نقيمه بموضوعية لا بحوارالمقاهي فنرميه الى سلة المهملات كمايحاول البعض ان يفعل