عُرف الأدب من خلال الأجناس الادبيّة التي رافقته قبل قرنين ونصف معتمدة على اللغة في تشكيل هذه الألوان الادبيّة، وما صدر من امهات الرواية، القصّة إتخذت من تصوير البيئة واحداث الزمان والمكان ثيمة لها. إضافة إلى عنصر السرد والقص فجاءت الرواية الإجتماعية، والرومانسيّة، و الواقعيّة وكذلك القصة القصيرة التي تعتمد على التحديد في ثيمة النص. وما شهدته السنوات في الالفيّة الثالثة من ظهور مفاهيم الالسنيّة، و العولمة، و الحداثة والمرحلة التفكيكيّة في القصيدة هل تترك بصماته على التطورات الحاصلة في عالمنا أمثال مفاهيم العنف والإرهاب؛ والمتغيرات على وجه الأرض من الاعاصير والزلزال، وتعمل على إنحسار الرواية العاطفية او الإجتماعيّة وتظهر روايات تحمل أشكال أدبية محتواها وفكرها الإرهاب بين نشوء أماكن حدوثه وبين اثره على قاريء الرواية؛ وهو يشهد الإنتشار لهذا المفهوم. وهل بإستطاعته تصوير كل هذه المشاهد وسرعة حدوثها على بإعتبار إنّ الكاتب قد إستوعب هذه المفاهيم تدارك خطرها.،وكيف ستكون لغة الرواية، او القصة مع حجم الدمار وإنهيار حضارات سادت وسوف تبيد؟
يبقى ثمَّة سؤال القاريء، وهو يشهد هذه الأحداث عن كثب بدقائقهاوصورها. هل يستوعب أبعاد هذه الإشكالات في مناحي الحياة؟ وعلى قول جاك دريدا”” إنَّ القارىء يكتب النص”” نجد أنَّ ما يحتاجه هو قدرته في التزام الإسلوب اللغوي، والثقافي في درء مخالفات هذا الإلتزام؛ ولكن أين سنجد هذا الجيل ونحن نتحسس استسلامه للدرس وطلب العلم، بل سيأتي يوم تشكو فيه مقاعد الدراسة من دارسها في عجز أكثرهم عن النطق، والمنطق، وضعف القدرة على التعبير، وهي إشكالات كثيرة تقف بوجه هذا الجيل المستسلم للشاشة المرئيّة ساعات وساعات، وعجزه عن إستيعاب القصة او الرواية؛ وهي تفوح برائحة الإرهاب والعنف وقدرته على التصدي لغة وثقافة إلى غايات تداخلت وتآلفت اُلفة العولمة والحداثة والعنف والإرهاب، وبين الأجناس الادبيّة وهذا ما سنراه مستقبلاً.