يُروى والعهدة على الرواة، أن شابا جميلا يصنع ويبيع الحلوى، كان يطوف بعربته في أحد أزقة المدينة القديمة.. حدث ذلك منذ زمن بعيد.. فرأى فتاة تُطل من شُبّاك نافذة في الطابق الثاني.. وجهها سبحان الخالق الناطق، كأنه قمر يُضيء عتمة الليل.. أوقف العربة، ونظر حواليه، بعث لها بقُبلة عبر الهواء.. ابتسمت، ثم اختفت، وكأن سحابة ممطرة غطّت النور المنبعث من خلف الشُبّاك..
في المساء عاد إلى البيت، وصورة الفتاة لا تُبارح خياله.. حطّت فكرة على ذهنه مثلما تحُط الفراشات على أشجار الليمون في فصل الربيع.. وخوفا من أن تطير، عجن حلوى رسم عليها قطعة من الشُبّاك الذي أطلت منه الفتاة.. وقرر أن يُقدم لها الحلوى عربون محبة، ويطلب يدها للزواج.
في اليوم التالي عاد بعربته إلى نفس الزقاق، نظر إلى الشباك، فإذا به مغلق.. سمع غناء وطربا.. اقترب من البيت أكثر، وانحرف على اليسار، فوجد جوقة من النساء يرقصن ويضربن على الطعارج والدفوف، ويُحطن بالفتاة، وهي تلبس القفطان والدفينة والتاج فوق الرأس، يزفّونها لعريسها.. أحس كأن شفرة حلاقة تجرح صدره.. عاد إلى منزله حزينا..
في اليوم التالي، وهو يصنع حلوى الشُبّاك، أدخل شريطا في آخر، وسمّاها الشباكية..
ذاعت القصة بين الناس في ذلك العصر، وأصبحت حلوى الشباكية رفيقتهم في شهر الصيام والمناسبات العزيزة.. ثم نسيها الرواة، ولم يعد أحد يسأل، أو يعلم السر وراء تسميتها، أو صنعها على ذلك الشكل..
مراكش 21 مارس 2024