صدر مؤخرا كتاب ا. م . د احمد عبد الواحد عبد النبي الباحث والاكاديمي في قسم دراسة الازمات – مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية – جامعة بغداد تحت عنوان “من نوري السعيد إلى عبد الكريم قاسم / قراءة في مواقف الأوساط الجماهيرية من الثورة التحريرية الجزائرية “
ملخص الكتاب :
تعد السنوات التالية من تاريخ الجزائر السياسي ، مؤشراً على دخولها مرحلة مهمة انفردت بخصائص وسمات ميزتها من غيرها من فترات التاريخ الجزائري المعاصر، واستطاعت أن تترك اثراً واضحاً ليس في الجزائر حسب، بل في المنطقة بأسرها فقد عدت القضية الجزائرية احد جناحي الثورة العربية الى جانب الجناح الآخر فلسطين كونها من أكثر القضايا السياسية اهمية في القرن العشرين . وكان اندلاع الثورة الجزائرية التحررية الكبرى عام 1954 هو الاختيار الصحيح الذي فرضه الشعب الجزائري على السلطات الاستعمارية والتي استمرت بحرب ثورية تحررية دامت سبعة سنوات انتهت بتحقيق آمال ابناء الشعب الجزائري في الحرية والاستقلال والتي ظل يحلم بها طوال قرن وربع القرن من الاستعمار . وعلى اساس ذلك ومن أجلهِ ولأن بلدنا العراق الحبيب كان من اوائل الدول التي دعمت الثورة في الجزائر فقد جاء كتابنا ليبحث القراءة السياسية المعاصرة لـ مواقف الأوساط والنخب الجماهيرية والشعبية من الثورة الجزائرية 1954-1962 أبان العهدين الملكي والجمهوري من الباشا نوري السعيد الى الزعيم عبد الكريم قاسم .
تألف الكتاب من مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة حاول المؤلف من خلالها إثارة تساؤلات عدة ؟ الهدف منها التوصل إلى عدد من النتائج يكفي وجودها لمتابعة هذا الملف المهم من تاريخ العراق السياسي :
اولا: التقاطع بين شخصية الباشا نوري سعيد القريب من بريطانيا ، وشخصية الزعيم عبدالكريم قاسم القريب من المعسكر الاشتراكي ، وما بينهما من ضغوط الأوساط الجماهيرية والشعبية والنخبوية في العراق لاتخاذ مواقف حقيقة ملموسة ازاء ثورة الجزائر ؟
ثانيا : كيف أسهمت الصحافة العراقية في العهدين الملكي والجمهوري ولعبت دوراً يُشار اليه بالبنان في نقل وتتبع اخبار الثورة الجزائرية اولاً بأول بغية اطلاع الأوساط الجماهيرية والشعبية عليها وتكوين رأي عام عراقي قوي ومؤثر وضاغط لنصرة الجزائر ؟
ثالثا : فعالية الأوساط الجماهيرية والشعبية والنخبوية والرأي العام في العراق تجبر حكومة نوري السعيد على انتهاج سياسة خارجية واضحة داعمة للقضية الجزائرية ؟
رابعا : الباشا نوري السعيد يقطع العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا ؟
خامسا : قيام ثورة 14 تموز 1958 في العراق واثرها الفعال في دعم ثورة الجزائر ؟
سادسا : التحول المهم في موقف العراق ابأن حكومة الزعيم عبدالكريم قاسم لنصرة القضية الجزائرية ؟
سابعا : الزعيم عبدالكريم قاسم يقطع العلاقات السياسية والاقتصادية كاملةً مع فرنسا ؟
ثامنا : الدعم المالي والادبي والعسكري والسياسي الذي مارستهُ الاوساط الجماهيرية والنخبوية والدينية والشعبية والطلابية في العراق تأييداً لثورة الجزائر التحريرية ؟
القراءة المعاصرة والاستنتاجات :
لاشك في ان الرئيسين، الباشا نوري السعيد والزعيم عبدالكريم قاسم ، كانوا قد مثلوا وجهات نظر متقاطعة من بعضهم البعض في مرحلة مهمة وحساسة من تاريخ بلدي العراق ، ولأن ظروف المرحلة التاريخية المعقدة والمضطربة اقليمياً و دولياً تلكم التي حكما فيها الرجلين قد اطلت بضلالها على نتائج الحكم والسياسة في الأعم المجمل على العهدين الملكي والجمهوري . فأن اراء الكُتاب والمؤرخين والسياسيين في العراق لا تزال متضاربة حتى وقتنا الراهن حول قيمة كل رئيس منهما. ولأن كتابي في الاصل جاء ليبحث قراءة معاصرة لمواقف الاوساط الجماهيرية والراي العام العراقي من الثورة الجزائرية. فقد آليت على نفسي إلا ان اذكر الرجلين وفقاً لرئيي الاكاديمي والموضوعي ، فحكمة عراب السياسة العراقية نوري السعيد ، وثورية ونزاهة عبدالكريم قاسم لاتزال محل اعجاب واطراء الكثير من ابناء بلدي . والمهم هنا القول بأن الرجلين في ذمة الله تعالى وكلاهما من رجال العراق البواسل الذين خدموه بإخلاص وشرف وإيثار … ان السياق التاريخي لقراءة مواقف الاوساط الجماهيرية من ثورة الجزائر قد جاء في فترتين مختلفتين سياسياً و دولياً من تاريخ العراق الملكي خلال حكومة نوري السعيد القريب من بريطانيا، الى التحول الجمهوري آبان حكومة عبدالكريم قاسم القريب من المعسكر الاشتراكي لذا فأن ارهاصات الثورة الجزائرية واثرها في الاوساط الشعبية والجماهيرية والنخبوية في العراق سارت بمنطلقين :
المرحلة الملكية :
قدم العراق واوساطهُ الجماهيرية للجزائر كل ما باستطاعته ان يقدمه من دعم اعلامي وسياسي ومالي وعسكري من اجل انجاح اهداف ثورة الجزائر . وقد وحدت القضية الجزائرية الاوساط والقوى الشعبية والسياسية والجماهيرية في العراق على اختلاف تنوع مشاربها الفكرية والثقافية والايدلوجية، حتى اصبحت ثورة الجزائر من اهم القضايا المطروحة ضمن أولويات الاوساط الجماهيرية. ورغم ان المرحلة الملكية لم تشهد امد الثورة الجزائرية حتى نهايتها ، وانما عاصرت فقط النصف الاول من احداثها التي وقعت 1954-1958. لكن تلك المدة كانت كفيلة بأثبات المواقف الاصيلة للأوساط الجماهيرية والسياسية في العراق
المرحلة الجمهورية :
كان التأييد العراقي للجزائر جدياً وملتزماً واكثر قوة من المرحلة السابقة ونتائجهُ كانت ملموسة ومؤثرة إيجابياً على مسار الثورة الجزائرية وهذا باعتراف رئيس الحكومة الانتقالية فرحات عباس بعد زيارته لبغداد حيث قال بالحرف الواحد: ان حكومة العراق أدت واجبها كاملاً وعلى الخصوص فيما كانت قد تعهدت به إلينا. ونفس التقييم تضمنه البيان المشترك بين حكومتي العراق في عهد عبدالكريم قاسم ، والجزائر أثناء زيارة الوفد الجزائري برئاسة فرحات عباس ، حيث لخص لنا بالضبط مواقف الاوساط الجماهيرية والسياسية والشعبية والنخبوية والنقابية قائلاً: العراق حكومةً وشعباً يؤازر القضية الجزائرية بالأسلحة والأموال وفي الميدان العالمي وبكل ما اوتي من قوة .
وصدر الكتاب عن مكتب دلير للطباعة والنشر والتوزيع تحت رقم الأيداع (491) لسنة 2024 في دار الكتب والوثائق الوطنية ببغداد .