(1)
( سُوءُ طَالِعٍ )
هَذا الصَّباحُ أَشْرَقْتُ باكِراً
عَلى صَفِيرِ دُورِيٍّ
عَلى شُعَاعٍ يَتَسَلَّلُ عَبْرَ مَسَامِّ نَافِذَة
وَجْهِي يَتَبَلَّلُ بِوادِي الْقَصَب
مَنامَتِي تَخْلَعُنِي
مَلابِسِي تَتَلَبَّسُ بِي
حِذائِي يَنْتَعِلُنِي
بابٌ البيت يَلْفُظُنِي نَحْوَ أَوْصالِ مَدِينَةٍ رَتِيبَة
دَرْبٌ ما يمشي بي إِلى إِكْرَاهٍ يَوْمِيٍّ
أَلْتَقِي بِقِطَطٍ شارِدَة تَمُوءُ شَهَوَاتٍ
أتملى أَشْجارا شاحِبَة تَلْعَنُ الاسْمَنْت
أتوجس من كِلابٍ ضَالَّة تَشُمُّ قَذَارَةَ العَالَمِ
شَمْسُ النَّهارِ تَمُرُّ عَلَى دوامتي مُرُورَ مُذَنَّبٍ
حِينَ باغَتَنِي مَسَاءٌ دَاهِمٌ
كُنْتُ أجُرُّ مَشاوِيرَ الْعَناءِ واللَّاجَدْوَى
إِلى مُسْتَوْدَعي المَهْجُور
لَمْ تَزُرْنِي فِكْرَةٌ فِي عُزْلَتِي
لَمْ أَحْظَ بِتَحِيَّة عَابِرٍ
أوْ قُبْلَةَ فَرَاشَةٍ
لَمْ تُراوِدْنِي عَنْ نَفْسِهَا قَصِيدَة
ذَلِكَ أنِّي نَسِيتُ أَنْ أُحَيِّي عَامِلَ النَّظافَة…
نَسِيتُ أَنْ أُصَفِّرَ للِدُّورِيِّ : ” صَبَاحَ الْخَيْر …”
نَسِيتُ أَنْ أَبْتَسِمَ لِوَجْهِي فِي الْمِرْآةِ …
(2)
لص
اللص الذي داهم عزلتي
تسلل إلى وجداني
إلى دفاتري
سرق مني قصيدة بإيقاع البحر
نشرها على حبل الأفق
لكنها تبللت بموجة هائجة
فصارت سمكة
اصطادها صعلوك بشص معقوف
باعها في سوق السماكين بورقة خريف
كنت أنا المشتري الملهوف صدفة
أخدتها إلى البيت للتتبيل
تملصت من يدي
غاصت في دفتري
فاستوت على البياض قصيدة جامحة
سألتها عن اللص
همست في سري :
– ” لم يكن غير شيطانك…
أوحى لنفسه أن يغوي الشاعر باقتصاد السوق…!!! “
(3)
انقراض
بعيني زرقاء اليمامة
بحدس ( برگسون )
أرى عقارب الوقت
تنسل من المعصم
من الجدران
من أبراج المدن العتيقة
من الهواتف الذكية والغبية
على شكل كتائب موت
تدبُّ على الرصيف
تداهم البيوت
المقاهي
السجون
الملاعب
والأسواق…
تنفث سُمَّها في المسامِّ
تسُمُّ العابرين
الوافقين
الجالسين
الكادحين
اللاعبين
المدمنين
والنائمين
تغتال النسمات
بالقتل البطيئ
ثم تعود أدراجها إلى المراصد
لتحصي أنفاسهم ثانية ثانية
على مذبح الليل والنهار
لكن الناس لا تهلك بعقارب الوقت إلا لماما
الناس تتلاشى بتجفيف الْمُزْن
بعدوان السِّلْمِ…
بعلَّة الواو في الوطن…
بطغيان الوثنْ …