مرة أخرى يطالعنا الشاعر العراقي الاستاذ عبد الحسين بريسم في قصيدته الاخيرة من ديوان المنطقة الخضراء وهي (أمّي و قمر الحوت)
الى عالم كبير غير متناهي من الاشباع للرغبة الذاتية والحنين الجارف إلى الذكريات والايام حيث مهد ولادته وطفولته مدينة ميسان هذه المدينة الغافية على شواطيء دجلة ورفيف أجنحة النوارس والقصب الجنوبي، فمع كل هذه البيئة تولدت عند شاعرنا البرسيم ذكريات موغلة بالحنين والحب الجارف إلى كل شيء جميل مع التوق الى اللغة والامساك بتلابيبها من أجل القصيدة التي أصبحت بعد ذلك توأم يبحث في خفايا الإنسان، وانثروبولوجيا الذات البشرية بكل مافيها، سواءا الطبيعية والحضارية والثقافية، فاستاذنا البريسم هو نتاج هذه البيئة الجنوبية كما اسلفنا، وديوان المنطقة الخضراء (نصوص في استنطاق المكان)، الصادر حديثا عن الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق جمع بين طياته عدة قصائد مفعمة بالشجن والحب والألم ومنها هذه القصيدة التي يقول في مقدمتها
يُجرجرني
وأتعبه حنين مشبع
برذاذ مطر قديم
ثم ينتقل إلى الوجع السومري الذي يسكن وجدان الشاعر ويُبحر مع أحلامه وتطلعاته عندما يقول/
خطّت على جسده وجعا سومرياً
تعويذة
يرتل ألمه على قمصان حبيبته
وبعد ذلك يستفزنا بخاتمة قصيدته وهو يبوح بكل ماعنده من ثورة لاتهدأ
الى حب الأرض والانسان والتوق إلى الجنوب العراقي عندما يتغنى بأجنحة النوارس وخصلات شعر حبيبته ليقول/
ألا خصلات شعر
سرجتها الريح أجنحة النوارس
شكرا للشاعر البريسم الذي اتحفنا بهذا النص مع جمال وروعة نصوص الديوان باجمعه /
أمّي وقمر الحوت
يجرجني
وأتعبه حنين مشبع
برذاذ مطر قديم
رائحته تراب ومهد طفولة
حدائق قلبه ترفل أجنحة فراشات محنّطة
وأضواء لاتكفي لإنارة كفّه
موشحاً بالسواد
وآثار أصابع أمّه
خطّت على جسده
وجعاً سومرياً
تعويذة
يرتّل ألمه على قمصان صِبية
لم يكتشفوا النهر
إلا بالعشق حتى الغرق
مقالات ذات الصلة
21/10/2024