طَائِري الجَرِيح
بقَلْب ذَبِيح
ورُوحٍ تَوّاقَة لِلرّيح
لِيُدَاعبَ جَدائِلَها
ويُقَهْقهَ معَ الفَجْر
جنَاحُهُ يأْنَفُ السّفُوحَ الخَانِعَات
فيَجُوبُ في رُؤاهُ القِمَمَ الشّامِخَات
يَهْتاجُ فُؤادُه السّجِينُ في بحْر الأُمْنِيات
يُسَرّجُ همْسَ الذّاكِرَة
وفي شَرايِينهِ ينْسَكِب دِفْقُ الحِكايَات
ومِن أحْلامِه تمْتَدّ يدُ الجَدّات
تفْرِك النّدُوب بأنَامِلها الحَانِيَات
وبصَوْتِها الرّخِيم تَطرُدُ الأشْبَاحَ السّابِحَات
تُعِيد خلْقَ عالَمِ الرّؤَى
وتزْرَع في الرّوحِ إيقَاعَ الأُغْنيَات
من خِمَارِها تنْكَشِف الأسْرَارُ الآسِرَات
وكُرْسِيها الهَزازُ يُعْلِن وِلاَدةَ الرّوَايَات
حينَها تَنْسَل الشّخُوصُ الخَالِدَات
لإِنسَانٍ أزَلِيّ مِن وَحْي البُطُولاَت
سيْفُ ذو اليَزَن يَخْتَرِقُ القِلاَع المُحَصّنات
بفَرَسٍ لا يَهَابُ الجُسُور
ولاَ تَرْدَعُه الصّافِرَات
أشَمٌّ يشْتَهِي قَرْعَ الطبُول والصّيْحَات
فَارِسُه عَربِيٌّ لا تُخْضِعُه أكُفّ الزّمَن الغَادِرَات
جَسدُهُ المُثْخَن بالجِرَاح
ونُدوبُه دِرْعُ الكَرَامَة
لأُمّةٍ ألِفَتْ صُعودَ الأَجمَات
فجْأة …
تكُفّ الجَدّة عَن سرْدِ الأسَاطير
بعْد أنْ ذوَت ذاكِرتُها في زمَن الهَنات
وبيْن الفيْنةِ والأُخْرى تَصْدر الأصْوَاتُ
مشْرُوخَةً خَشَبِيّةً تحْكي
عَن أرْضيَ الثكْلى التِي أثْقلَتْها اللعَنات
عبَثا يُقاوِم طيْري الشّرِيدُ صَقيعَ اللفَحَات
مِن أهْوَال الواقِع والانْهِزامَات
وشَيْئا فشَيْئا تَخْفُتُ النبَضَات
لِيحْتَرِقَ جَسَدُهُ في طَيّاتِ الذّكْرَيات