وقف علال أمام دكان بائع الدجاج، ينتظر دوره.. قِطَعُ اللحم معروضة أمام الزبائن.. يمكن أن تطلب ربع أو نصف كيلو أو حتى خمسة دراهم.. كل واحد يقتني حسب جيبه.. البائع يفتح المُبرّد، ويأخذ طائرا مذبوحا، ومُنقّى من الريش، يزنه ويحدد ثمنه بالآلة الحاسبة، ثم يضعه في كيس من البلاستيك، ويقدمه للزبون..
حلّ رجل بدين وطويل القامة، يبدو أنه زبون خاص، سأل بصوت عال:
ـ كم ثمن المرحوم؟
أجابه صاحب الدكان:
ـ ستة دراهم ..
أضاف الرجل:
ـ احجز لي عشرة، سأعود بعد قليل..
لاحظ علال بأن هؤلاء المعتوهين يتكلمون بالمرموز.. انتابه الشك.. لما حان دوره سأله صاحب الدكان:
ـ تفضل ما طلبك؟
أجاب من غير تردد:
ـ أريد طائرا حيا، تزنه وتذبحه، وتنقيه من الريش..
أجاب صاحب الدكان بلا مبالاة، وهو ينظر إلى زبون آخر:
ـ لا أستطيع تلبية طلبك.. سيأخذ مني ذلك وقتا، ويشغلني عن باقي الزبائن، ثم إني لا أتوفر الآن على طيور حية..
عندما انصرف علال، قال لنفسه:
ـ أولاد الحرام!؟ يبيعون دجاجا ميتا.. وبعض المطاعم تطبخه، وتقدمه للزبائن.. هؤلاء الناس فقدوا عقولهم؟!.. يغتنون بأبشع الطرق.. أولاد الكلاب! ليلة الخميس تجدهم يلبسون ثيابا فاخرة، يدخنون الشيشة، ويرقصون صحبة فتيات في سن الزهور، ويسهرون حتى آذان الفجر.. ويوم الجمعة يرتدون جلابيب بيضاء وبلغات صفر، ويتهافتون على الصفوف الأولى خلف الإمام لمنافسة باقي المؤمنين على الحجز في فندق من خمسة نجوم بعد يوم الحساب..
كثرت هذه الأيام الفضائح.. من لحم الحمير إلى المرحوم.. بالأمس نقلت سيارات الإسعاف أكثر من عشرين مصابا بتسسم غذائي إلى أقسام المستعجلات.. مات منهم أربعة.. لا يعلم إلا الله وصاحب المطعم والعين التي لاتنام ماذا تناولوا؟!
هاتف علال مسؤولا في منظمة تعمل على حماية المستهلك رآه في التلفزيون، ولازال يحتفظ برقمه.. ظل الهاتف يرن من غير جواب.. كان يودّ فقط في أن يسأل هل تتوفر دكاكين الدجاج المذبوح على تراخيص لبيع المرحوم؟!
مراكش في 6 ماي 2024