
عندما وقف الموسيقار الفنان محمد عبد الوهاب على أحد المسارح يستعد لتقديم الأغاني بين العديد من الشخصيات وكبار الموظفين في شهر رمضان وما أن شرع في الغناء إلا وصاح واحدا بين الحاضرين : هو رمضان أتغير ولا إيه هنسمع فيه كلام حب وشوق ؟ فين التواشيح ؟ فين الذكر ؟ وحاول الكثيرون إقناعه أنه ليس مبتهلًا أو شيخًا لكنه لم يقتنع حتى أنه أطلق العديد من الطلقات في الهواء وما أن سمع محمد عبد الوهاب ذلك حتى قدم بعض الأناشيد على طريقة الذكر في موقف طريف لم يصدق كيف تصرف هكذا ؟
أيضا الموسيقار الفنان فريد الأطرش دعا محمد عبد الوهاب إلى الإفطار في منزله وبينما تطوعت إحدى المدعوات من أقارب فريد الأطرش لتوزع العصير وكان قمر الدين تعلقت عين محمد عبد الوهاب بها لجمالها فطلب المشروب مرة أخرى حتى يراها ولمح فريد الأطرش الموقف من بعيد فذهب لخادمه وأوصاه بتقديم العصير له وفوجئ محمد عبد الوهاب بالخادم أمامه فصاح غاضبًا ولم يتوقف فريد الأطرش عن الضحك على هذا المقلب ولكن لم ينس هذا الموقف.
أيضا خلال إحدى رحلات محمد عبد الوهاب إلى العاصمة الفرنسية باريس لإحياء حفل حل عليه شهر رمضان ولم يّعد القاهرة ونفدت كل أمواله في باريس ولم يتبق له سوى ورقة عبارة عن شيك ينتظر الصرف فقط وهو ما كان يشعره بالاطمئنان وأوصى محمد عبد الوهاب عامل الفندق الذي كان يقيم فيه بالعاصمة الفرنسية باريس بأن يوقظه مبكرًا من أجل أن يتمكن من الذهاب إلى أحد البنوك في الصباح لصرف الشيك ثم ذهب لسريره وخلد إلى النوم وليس معه سوى 20 فرانكا فقط أي 10 قروش بالعملة الفرنسية علما بأن الجنيه المصري حينها كان يقدر بـ 200 فرانك فتأخر عامل الفندق في إيقاظه مبكرا كما طلب منه فارتدى محمد عبد الوهاب ملابسه مسرعا في محاولة منه للحاق بأي من البنوك لصرف الشيك قبل انتهاء مواعيد عملها لكنه فشل ومن الضروري أن يتناول وجبة الإفطار لكن ظل يفكر كيف يتمكن من الحصول على الوجبة وهو لا يملك أي أموال فتجول بين مقاهي باريس أملا في أن يجد صديقا يعرفه ليطلب اقتراض مبلغا من المال أو يقوم بإفطاره إلى أن يتمكن من صرف الشيك في اليوم الذي يليه لكنه فشل في أن يجد أيًا من أصدقائه على المقاهي الأمر الذي جعله يتجه إلى أحد المطاعم بجوار مسجد بباريس وهو مطعم شرقي يملكه أحد المصريين وكانا يعرفان بعضهما البعض وجلس على مائدة الإفطار وطلب الكثير من الأطعمة والوجبات لكنه صُدم في النهاية فصاحب المطعم لم يكن موجودًا لكن كان محمد عبد الوهاب على أمل أن يأتي صاحب المطعم ويراه ويحل مشكلته فظل يتلكأ في تناول وجبة الإفطار كلما مر الوقت ولم يصل صاحب المطعم حتى لفت انتباه كافة الحاضرين فقام وقتها بالمناداة على كبير العاملين في هذا المطعم وكان لحسن الحظ أنه مصري الجنسية وحكى له ما مر به وخلع الساعة والمعطف من أجل إعطائه للعامل رهن حتى يعيد له الأموال بعد صرف الشيك لكن العامل المصري رفض أخذ معطفه أو ساعته بل قال له : حسابك مدفوع وساعده في حل أزمته إذ أخذ العامل الشيك من موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وأعطاه قيمة هذا الشيك على أن يقوم العامل بصرفه لكي يستطيع محمد عبد الوهاب أن يتحرك ومعه المال الذي يكفيه.
أيضا موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب دعى لأول مرة لتسجيل أحد البرامج للتليفزيون وعندما بدأ التسجيل أراد محمد عبد الوهاب أن يتنحنح كعادته ولكن صاح فيه المخرج : إيه ده يا أستاذ ؟ فرد محمد عبد الوهاب : أنا عادتى كده وأعيد التسجيل من جديد وحرص محمد عبد الوهاب على أن يكتم النحنحة حتى انتهى التسجيل وبعدها تنفس الصعداء قائلاً : إيه ده دى حبسة وحشة خالص
أيضا المخرج محمد سالم أحد كبار مخرجى التليفزيون حين كان سالم يجهز حلقة من حلقات برنامج البيانو الأبيض وكان قد اتفق مع محمد عبد الوهاب على تقديم فقرات البرنامج ولم يكن محمد سالم يعرف شيئًا عن عادات موسيقار الأجيال وبدأت البروفات للبرنامج فى الساعة 8 مساء وكان محمد عبد الوهاب متحمس جد وكان مقررًا أن يتم بث البرنامج على الهواء فى الساعة 11 مساء وجلس محمد سالم فى غرفة الكنترول يتابع العمل وعندما دقت الساعة 9 اختفى محمد عبد الوهاب نهائيًا من الاستديو وبدأ الجميع يبحثون عنه وتحير محمد سالم ماذا يفعل فى هذا الموقف الحرج ؟ وبينما يفكر صرخ أحد المساعدين فرحًا وهو يقول : وجدته حيث كان محمد عبد الوهاب يتناول العشاء فى إحدى القاعات الخارجية لمبنى التليفزيون فجرى إليه المخرج وتكلف بابتسامة وقال له : هتخلص عشا امتى يا أستاذ ؟ فأجاب بكل هدوء : بعد ساعة بالضبط وهنا رد المخرج : طيب والبروفات ؟ فرد محمد عبد الوهاب بكل هدوء : نبدأها الساعة 10 وفى تمام الساعة 10 وجد محمد عبد الوهاب فى الاستديو ولكن لم تكد تبدأ البروفة حتى بحث عنه مرة أخرى فلم يجده وعلى الفور ذهب المخرج للقاعة التى تناول فيها محمد عبد الوهاب الطعام فوجده يتناول بعض الفاكهة وسأله متعجبًا : إيه ده يا أستاذ ؟ فأجاب موسيقار الأجيال بكل هدوء : أصلى نسيت الفاكهة وأتت غير مثلجة فأرسلت لإحضار فاكهة مثلجة من المنزل وظل محمد عبد الوهاب يأكل حتى الساعة الحادية عشرة إلا الربع وكاد محمد سالم يشد شعره من التوتر والغيظ وانتظر حتى عاد بمحمد عبد الوهاب إلى الاستديو ثم أغلق الأبواب بالمفتاح ووضعه فى جيبه خوفًا من أن يخرج مرة أخرى ليشرب القهوة وعندما دقت الساعة 11 بدأ بث البرنامج وكان محمد عبد الوهاب متألقًا وفى غاية النشاط والإبداع ولكن محمد سالم تعلم من هذا الموقف أن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب يتناول عشاءه الساعة 9 مهما كانت الظروف
أيضا عام 1960 كان محمد عبد الوهاب يقف أمام الأسانسير بمنزله فاقترب منه رجل أسمر طويل قائلا : سعيدة يا أستاذ فرد محمد عبد الوهاب بهدوء : أهلا وسهلا .. مين حضرتك يا افندم ؟ فاقترب منه الرجل والشر يتطاير من عينيه وقال : بقى مش عارفنى أنا أحمد فراج اللى صنعت مجدك وعملت كل ألحانك ؟ وهنا أدرك محمد عبد الوهاب أنه أمام شخص مختل وقبل أن يتراجع للوراء أمسك به الرجل وانهال عليه ضرباً بقطعة فخار كان يخفيها فصرخ محمد عبد الوهاب بأعلى صوته وسقطت النظارة من فوق عينيه ولم يعد يرى سوى خطوط الدماء التى تسيل من رأسه وفى هذه اللحظة هبط الأسانسير وبه الأسطى محمد كامل سائق مدير إحدى الشركات الذى كان يسكن نفس العمارة وفوجئ بالرجل الأسمر ينهال ضربا على محمد عبد الوهاب قائلا : بقى ماتعرفنيش طيب خد وأخرج الرجل من جيبه مقصا وكاد يضرب به موسيقار الأجيال فأسرع السائق نحوه ودفعه بعيدا بينما جرى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب إلى شقته وهو يصرخ والدماء تسيل من وجهه ورأسه ويقول : امسكوا السفاح المجنون ضربنى وعورنى فأسرع خادمه للاتصال بالنجدة بينما امسك الجيران والسائق بالمجنون فيما دخل كامل الشناوى وموسى صبرى اللذان أتيا لزيارة محمد عبد الوهاب وفوجئا بهذا المشهد واتصلا بالطبيب لعلاج موسيقار الأجيال وفى نفس الوقت اتصلت نهلة القدسى زوجة محمد عبد الوهاب بكوكب الشرق أم كلثوم لاستدعاء طبيب العيون وأسرعت كوكب الشرق لزيارة موسيقار الأجيال والاطمئنان عليه وامتلأت شقته بالأصدقاء بعد انتشار الخبر ومنهم فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ومحمد حسنين هيكل ومحمد التابعى والشاعر حسين السيد، وظلت أم كلثوم فى بيت محمد عبد الوهاب وإلى جواره حتى الثالثة فجراً وفى أحد الأيام دعاه صديقه لإحياء فرح ابنته وكان هذا الصديق مديراً لأحد المستشفيات وكان محمد عبد الوهاب نادراً ما يلبى مثل هذه الدعوات لكنه قبل هذه الدعوة لشدة علاقته بهذا الصديق ووصل محمد عبدالوهاب إلى بيت صديقه الذى كان يقام فيه الحفل فى الساعة العاشرة مساء ونزل ليجد معظم المدعوين من أقارب العروسين الذين يعرفهم جيداً فى انتظاره وظل محمد عبد الوهاب يغنى حتى ما بعد منتصف الليل ومع غنائه ازداد عدد الحضور وامتلأ المكان بالمدعوين الذين جاءوا لسماع موسيقار الأجيال وعندما انتهى من الغناء تقدم إليه أحد المدعوين وكان محمد عبد الوهاب لا يعرفه وقال له : باسم ملك الهند أمنحك هذا الوسام ومد يده ووضع قطعة من الحديد اللامع على صدر محمد عبد الوهاب وسط تصفيق الحاضرين وإعجابهم وفكر محمد عبد الوهاب قليلاً وعندما وجد صديقه قريباً منه سأله عن هذا الرجل ؟ فأجابه بأنه أحد نزلاء المستشفى الذين يعالجهم وهنا تذكر محمد عبد الوهاب أن صديقه يعمل مديراً لمستشفى الأمراض العقلية ويقطن فى نفس المبنى الذى تقع فيه المستشفى وأيقن أن من منحه الوسام أحد المجانين وكان موسيقار الأجيال يضحك دائما كلما تذكر هذا الموقف.