حاورتها: هيام الفرشيشي :
المرأة نصف مجتمعها في الغرب لكن في الشرق أقل من الربع وجودا وليس فكرا أو عددا
من الصعب أن تتحدث الأديبة والشاعرة العراقية وفاء عبدالرزاق عن نفسها، لكنها تشكر الله أنه وهبها محبين حول العالم يتابعون كل ما تكتبه ويتواصلون معها، وهذا كنز رباني لا يدركه إلا من ساقه نبض قلبه إلى حب الإنسانية والبحث عن صدق الإنسان بين أضلعهم حسب تعبيرها .كتاباتها متنوعة ومنذ الصغر سلكت سبيل الشعر والقص.لكن كل ما كتبته لم يفِ بما تعيشه من قلق وجداني وأفكار إبداعية نتيجة هذا القلق تحاول الوصول إلى هموم النفس البشرية وعقبات الحياة التي يضعها القدر أمام أبطال أعمالها الذين هم من الواقع طبعا وانعكاس هذه الهموم على سلوكيات الناس سلبا أم إيجابا.
ببساطة هي تحب الجميع وتجسد من تراه أهلا لما أكتب،ولا يأتي الاختيار اعتباطي إنما مناقشة وحوار بين الحياة والقدر والواقع والغرائبية التي تشتغل عليها.
* وفاء عبد الرزاق والكتابة بالرمز واحيانا بالنقاط والخطوط، هل تصمم وفاء عبد الرزاق نصحها على لوحة تشكيلية قبل كتابته؟
– نعم تصميم وبناء وهندسة الفكرة التي أنوي مناقشتها والرسالة وكيفية إيصالها إلى قارئ باحث وعارف ومتسائل، بمعنى قارئ قلق مثلي،تثيره تساؤلاتي بين السطور.حين أقرر كتابة عمل قصصي مثلا لا أجمع قصصا متفرقة كتبتها ثم أقوم بجمعها في كتاب وأعطيها عنوانا، أبداإنما تخطر في بالي فكرة وموضوع أنوي طرحه ومعالجته نصيا، بعد ذلك ابني على لبنة العمل الأفكار والشخوص في كل قصة على أن يجمعهم محور واحد.حتى العنوان أختاره بدقة متناهية ليتواءم مع سيرة أبطال القصص وحياتهم ونقاشهم المتواصل وارتباطهم ببعض.
فمثلا المجموعة القصصية( نقط) اشتغلت على فلسفة النقطة وتأثير النقط في حياتنا ابتداء من نقطة الخلق حتى واقعنا الراهن، هذا البعد الفلسفي أما محور العمل وثيمته فهو( لماذا يلجأ الناس إلى الشارع، مثل المجانين والثائرين وأطفال الشوارع والمتسولين ووو إلى آخره).
يدخل رجل إلى غرفة طعام فيجد الغرفة فارغة فيها طاولة مكونة من 12 كرسي فارغ والصمت سيد المكان،يلاحظ الرجل البطل الأساسي أن الطاولة بكراسيها كلها بثلاث قوائم، ثم يبدأ يتخيل الجالس على كل كرسي ويدخل معه سيرته ويحاوره عنها من خلال سردية مكثفة من قبل صاحب الكرسي.وهنا تركيز على أن ركيزتنا عرجاء وهي السبب الرئيسي لمعاناتنا ولجوء الأبطال إلى الشارع ولكل بطل سبب دعاه يرى في حضن الشارع أمانه وسلامه.
* كتاباتك، فهل ثمة أسئلة تلازم المرأة أينما كانت؟ تغوصين في مواضيع تخص المرأة، واحيانا يبدو البعد الفلسفي جليا في
– المرأة كلها أسئلة فواقعنا وحده سؤال بلا جواب،لذا كانت مجموعتي الجديدة التي سترى النور قريبا بعنوان( في غياب الجواب)والتي كل أبطالها أنعل وأحذية أجلَّك الله.تساؤلات كثيرة نطرحها على أنفسنا كبشر ولا جواب يوصلنا إلى نتيجة.أما المرأة فهي الكائن الذي خانته الطبيعة من الأم الكبرى، الأم الكونية التي جعلوها من ضلع ناقص، كي يضعون وشم النقص على جبينها مدى الحياة، من هنا تنبثق أسئلة المرأة، وجوديا ودينيا واجتماعيا وسياسيا وأسريا.
* تعيشين بين الشرق والغرب، بين بلد عربي شرقي وهو الامارات، وبين بلاد الضباب وهي بريطانيا، ما هي الفروقات بين المرأة الشرقية والمرأة الغربية؟
– الفرق بينهما كما الفرق بين فكر الرجل الشرقي والغربي، لأنه أساس حرية المرأة وحقها في الحياة، الرجل الغربي لم يعش ازدواجية فكر الشرقي، وإن كان ظالما أو قاسيا عليها وهذه حالات قد أعتبرها شاذة في الغرب باعتبارهم يؤسسون لمساواة إنسانية وقد تكون مزعومة بعض الأحيان.المرأة نصف مجتمعها في الغرب لكن في الشرق أقل من الربع وجودا وليس فكرا أو عددا..ومع ذلك نجد المرأة تتعرض لاضطهاد وضرب في الغرب لكن مقاسا بالأخريات لها حرية مطلقة باختيار حياتها بالشكل الذي ترتئيه لتلك الحياة.. في الشرق مازالت القيود ذاتها لكن بشكل مختلف عن قيود جداتنا وأمهاتنا.والله أحيانا أجد أمي أكثر حرية من شابات اليوم.
سأطرح مثلا ،، قرأت الأساطير شعرا وجدت الأسطورة الشعرية بصوت المرأة جريئة جدا بتعاملها مع رغباتها وملكيتها لجسدها والتعبير عنه بصراحة متناهية، لو كتبت شاعر أو كاتبة اليوم عن الجسد وإن بتورية ستعتبر الكتابة الايروسية محرمة وفاضحة ووو إلى آخر الصفات من الجرأة غير المتناهية..
* زرت تونس في مناسبة شعرية بعد الثورة، ما الذي ارتسم في ذهنك عن المراة التونسية؟
– ليس المرأة فقط إنما تونس برمتها فالمرأة والرجل كلاهما حياة نصف يكمل النصف لبناء مجتمع راق في تونس وغيرها،أقول نحن في بداية الطريق،وأية ثورة لا تثمر نتائجها بسهولة وبالسرعة التي نرجوها.
حتما تمر بمراحل كثيرة وتضحيات أكثر لأن الثورة تأسيس وبناء. وثوراتنا لم تقم على تأسيس وبناء إنما جاءت عشوائية من شعب محقتن مظلوم ووجد فرصة أمامه ليخوض هذه المرحلة.وهناك من استثمر ثورة الشعب الهائج وبهدوء ليجيرها لصالحه. هنا المشكلة الأساسية التي يجب الاشتغال عليها من الواعين بمسؤوليتهم تجاه الوطن الشعب.
كل الثورات التي حصلت الآن لم توجه بداياتها بالشكل الصحيح، في كيفية رفض الظلم وتوجيه الأصوات المنادية بحريتها وتثقيفهم على معنى صنع الثورة، من السهل جدا أن نجمع أعدادا غفيرة في الشوارع أو الساحات العامة لان الشعوب كلها مظلومة من الطواغيت، لكن هذه الجماهير الثائرة قبل خروجها والتعبير عن حقها في الحياة لم تطرح السؤال الأهم( ماذا بعد الثورة) هذا لو أطلقنا عليها ثورة بالأساس.الآن وعى الشارع وعرف أين تكمن الفجوة، ما أرجوه من مثقفي بلداننا وأولهم تونس لأنها بذرة الثورات،أن يأخذوا دورهم في صناعة القرار لأنهم الفئة المهمة الواعية لوطنها وتقع على أكتافهم المسؤولية الكبرى.
* من هن الكاتبات التونسيات اللاتي تتابع وفاء عبد الرزاق ما يكتبن؟
– تعددت الأسماء سيدتي ففي تونس تجارب كثيرة يجب الوقوف عندها سواء قصا أم شعرا ورواية،تجربة المبدعة نافلة ذهب الحائزة على جوائز وترجمات لأعمالها إلى لغات عدة،حياة الرايس،جميلة الماجري،هيام الفرشيشي، نجاة الورغي التي تكتب باللغتين العربية والفرنسية.آمال موسى، فضيلة مسعي قاصة وروائية وشاعرة وناقدة.كثيرات سيدتي ولا مجال لحصرهن هنا بين الورق أو عبر المجال الافتراضي لأنهن فوق أي افتراض بإبداعهن.
* ما هو طموحك كامراة؟
– بل قولي طموحي كإنسانة،لي مشروع أشتغل عليه منذ سنة 2008 كل أعمالي المكتوبة والتي سأكتبها لاحقا بكفة وتحقيقه بكفة.البحث عن ممول لمشروع إنساني كبير في غاية الصعوبة،لكن هذا لا يثنيني عن الاستمرار في تحقيقه ولو بعد حين.
* كيف هي وفاء عبد الرزاق كأم، وما هي علاقتها بابنائها؟
– علاقة صداقة رائعة. أي نعم أنا صديقة لأبنائي والأم اقدر من حماية أبنائها من غر الحياة..
هم أول جمهور يسمع أشعاري وينتقدها سلبا أم إيجابا.استمع إلى عزف ابني خالد على العود الذي ينقلني إلى عوالم كشف إبداعية جديدة من خلال صوفياته المرتجلة وجدانيا وألحانه لقصائدي خاصة قصائد لأطفال الشوارع أو مسرحة قصائد لشعراء كبار في مشروعه الغنائي الشعري مع المسرحي حبيب غلوم في الإمارات.