ثامر سعيد آل غريب :
( 1 )
شط الترك
على صخرةٍ
قبالة المطار القديم ،
حدّثني عن أيامهم الآسنة .
رسم لي في الهواء ،
دخانَ مواقدهم .
أسمعني خوفهم وشتائمهم
كأني بهم
تحت سماءٍ غريبة
يحلمون بالمراكبِ والزوجات
برائحة المناديلِ والضفائر
بالبراري والجيادِ المطهّمة
بوسائد لا يبللها القلق
وليلٍ طويل
يقضمونه قبلةً إثر أخرى .
أسارى الترك …
ليس بعيداً عن نهر معقل ،
لا مآذنَ ولا قطارات
ظهورهم التي أثقلها التراب
وكفوفهم التي أيبستها المعاول
تفتشُ عن أجنحة …
يقايضون حزناً قديماً
بدمعٍ جديد
ليعوضوا هزائمهم …
كانوا قساةً على الطين .
( 2 )
جسرُ العبيد
على حَدَبتهِ أودع طبلتهُ ،
جوهرُ بن كيف
وائتمن عليها بجناحيهِ ،
النهر !
ما زال إيقاعها ،
يرجُّ الكونَ …
لكن الدروبَ نائمةٌ
والرجالَ مشغولون بزوجاتهم
والطنابيرَ محنطةٌ على الجدران ،
والدفوف .
النوافذ دائخة بالغبار
والزقزقات .
في شارع ابن برد
تلفظُ بذاءاتها على العابرين ،
الفضائياتُ !
عزُّ الدين يقيمُ الليلَ
مخنوقاً بأرصفة السمك
والخليليةُ في ميدان ،
بلا ساريةٍ …
ولا بخورٍ في مكيد
تفتشُ عن جسرٍ أحدب
تعبرهُ الجنيّاتُ
ويذوبُ الزنجُ عليه .
المغنون بلا رؤوس
ما عادوا يعبرونه
وما عادتْ على آجرّهِ
النسوةُ يعقدنَ الآسَ
ويبخّرنَ أطفالهنَّ بالحرملِ
من الزيران !
ما تتلوى من الوجدِ
أشباحُهُ …
ولا السعفُ !
لا النهرُ عاد …
ولا الناياتُ !
كيف يجمعُ الليلُ جنونَهُ
ويرقصُ ؟