غادة هيكل:
لم ينصفنى الدعاء فى السَحر ، لابد من تأدية العمرة ، ومحاولة الوصول الى الحجر الاسعد ، لن تتقبل دعواتى الا هناك ، ولن تتقبل الا بلمس الحجر ويا حبذا لو تمكنت من طبع قبلة عليه لعلى اعود وأطبعها على شفتيه فينسى لى ذنبى ويغفر لى مذلتى ويعود.
قلبى موجوع وعقلى مشتت ، ولن اتركه لها ما حييت ،ولن يرضى ربى عنى إن تخاذلت فى حقى ،اليس هو حقى الذى وهبنيه الله !
الدعوة فى الحرم مجابة من قلب صادق ، ومن يؤمن بغير ذلك حرام عليه ويعتبر كافر ، هو من قال لى هذا الكلام ، وسوف آتى بماء زمزم كى أسقيه له وأنا ادعو أن يرده الله لى ويترك تلك الساحرة .
هى تستخدم السحر ومخاوات الجن ، أما أنا سوف استخدم سحر الدعاء ، والعُمرة كفارة الذنوب ،سوف أترك كل خطاياى هناك واعود كما ولدتنى امى ، وهل يرفض أن يرانى كما ولدتنى امى ؟
كان يتلهف أن يرانى حتى من خلف ستار ، يتلصص على وأنا عارية ثم يفاجئنى بضمة تنتهى بتماهى كل منا فى الآخر ، يقول لى : أنتِ عالمى وبدونك كله خواء ، لا ضوء فيه ولا سكن ،كنت أنا جوعه ، وكنت شبعه ، أحفظ خطوط جبهته العريضة عندما يضم ما بين حاجبيه ، ينتشى بوضع شفتى عليها لأفردها له يسابق جبهتى ليلتهمهما أولا ، يرتشف من فنجان قهوتى .
من يتذوقه اولا يظل يدور فى فلك الأخر ، ثم يتذوقه ثانية مستمتعا ببقايا احمر الشفاه ،طالبا منى أن أقلل من سكرها المرة القادمة ، يكفيه بقايا سكرى .
ولمسة يدى على رجليه ادللها فى ماء الورد وتترك أثر البلل فى حجرى، يسارع بحملى بين كفيه حتى أغير ملابسى المبتلة ينتهزها فرصة ويختلى بى متأملا ابداع الخالق فى هذا الجسد وصورته .
صورته المعلقة على الجدار منذ أول ليلة لى معه ، كلما غدا أو راح يبتسم لها وتبتسم له .
لم تعد تبتسم ، منذ سلمته التفاحة بيدي ليقضمها ويذهب معها ، أيقظتُ فيه الرغبة الكامنة منذ زمن … أن ليس على هذا الكون جنة غيرى .
الأن عرف أن هناك جِنان وتفاحات يقضمهن ويُثمرن ،يفقد تماسكه امامهن ويتعرى بلا خجل ، يمرر يديه بين شعرها ، يشم رائحته وهى تتوسد صدره ، -إحتكاك جلديهما كان له زخم خاص ، اود لو استطيع العودة للبقاء داخل جلده كما كانت حواء فى البدء ، أن يكتشف كل منا ممرات الأخر التى يعبر منها اليه حتى يمتزجا .
هل ما زال معها فى مرحلة اكتشاف ممراتها السرية ؟ أم أنه غاص فى عمق التفاحة وضمها ليكونا جسدا واحدا ! يرتجف أحدهما فوق الأخر ليثمرا للعالم ما أخفقتُ فيه .
سوف أرسل له برائحة عطرى كى تظل معه ، وأذهب لاغتسل عند الكعبة بماء زمزم كى أمحو ذلة لسانى التى أودت بى الى هذا الكهف وحيدة ، وانهيار جنتى والعودة بى الى عالم الغاب عالم الارض .
أنا لست قديسة ، عندما طلبت منك أن تتزوجها لكى تنجب كنت أنتظر منك أن تتعلق بى فوق الشجرة الوحيدة بعيدا عن الهاوية كما فعل آدم بحواء ، أن تمسح عرق جبينى الذى تفصد تحت جناحيك طيلة فترة مكوثى معك بجنتك .
الأن تركتنى وحدى أهوى فى فجوة الارض العميقة متعللا برغبة البقاء فى نسل ينتسب لك ، والانكى أنى من اشرت لك بذلك ، وتوسلت وركعت وسجدت ، ولكنك لم تفهم أن صلاتى هى كالمتيمم فى وجود الماء ، وأنا فقط كنت ماءك الذى انتصبت له رخوتك ، وغابت فيه الكلمات وتحدث الجسدان بلغة صماء تبادلا فيها المعرفة الأولى .
الأن وقد تعلمت لغة الحيوان ركبت مهرة جديدة ولكن هل تركت اللجام بين يديها ؟
سوف تكون صلاتى الجديدة لك أيضا ، وأيمانى بعودتك هو مطلبى ، وركوعى وسجودى بين يدى الله من اجلك ، ودعائى فى السَحر ، قبلات تشفع لى لتغفر ذنبى ، وتعلن لك توبتى .
—————-
غادة هيكل: صحفية/باحثة اكاديمية/استانفورد كوليدج-مصر