(1)
من أهم سمات الوعي بالحداثة ،هي التعايش السلمي بين الأجناس الأدبية ..وبهذا التعايش ذابت السمات الصارمة للحدود الاجناسية وتم التلاقح الاتصالي بين الشعر وغيره من الاجناس ،ومنها السرد
ونجاة عبدالله هنا بقيت شاعرة في تناولها للموضوعات وكأنها قامت بتشظية نَفَسَها الشعري في وحدات سردية مشعرنة..(تسرقين الدفء من أقدام المارة التي تلتهب بالسير نحو المجهول/ ص41/ صورنا العائلية) مابين القوسين حين نتأمله بعمق فهو ينتسب لقصيدة النثر، وليس للسرد الذي ألفناه في القص أو الروي أو الحكي..اذ تحتوي الجملة وهي ليست بالقصيرة على فاعلين كلاهما يستفزان بهجة التلقي : تسرقين / تلتهب !!
وكذلك الحال مع مفتتح قصة (شاهدة): (غربة شاسعة تسير من رأسي حتى قبرك ياعلي/ ص75) جملة مضغوطة مختزلة، تلتبس على القارىء العادي أما القارىء المنتخب..فسيرى فيها سيرة حياة متشيئة لأسباب متشابكة..وهي تنتمي للتركيز الشعري..
وتكملها الجملة التالية( نعم أنا هنا، الرقم صحيح لكني خطأ/ص81).. وقبلها تستوقني هذه الشعرنة للمسرود ..(كانت الأضواء والدبك مثيرين حقا..لبكاء جف بين عنقي وسبابتي طيلة أيام الحرب الماضية..كدت ان أحمل قدمي المتعبتين وأجعلهما تسيران أمامي ترافقان هذا الخراب الذي ما برح يلقي بفوطة أختي الكبرى على كل الذين يرقصون أو أقمط العيون اللواتي ينظرن بصبابة الى قميصي الأبيض / ص37) ان هذه الوحدة السردية مشعرنة بنسبة عالية حيث ينغمر المسرود في قاع الشعرنة أراني كقارىء منتج ،أمام عينات شعرية،ذات مجاز منتهك لصرامة النظام اللغوي، هذه العينات هي تمتلك ماينقلها من المعيارية الى الشعرية في اللغة..وهذه العينات ليست الوحيدة وبمقدور قارىء المجموعة، ان يلتقط عينات وفق مشيئته في التلقي…أخرج من هذا لأقول ان الاجناس الادبية هجينة وبالهجنة تكتمل جماليا ودلاليا، وهذا الأمر لم نستورده من الشكلانية الروسية..أعني التعايش السلمي بين الاجناس الادبية ، ليس جديدا على نقادنا القدامى، جاء في(مناهج البلغاء- )..(ان صناعة الشعر تستعمل يسيرا من الأقوال الخطابية،كما ان الخطابة تستعمل يسيرا من الاقوال الشعرية لتعضيد المحاكاة في هذا الإقناع،والإقناع في ذلك بالمحاكاة /ص291- حازم القرطاجني) من جهة ثانية يتميز السرد بحيادية اللغة، بينما سردنة الشعر في( أصابع جدي) ، تكون الكلمة، كلمة وليست مجرد بديل عن الشيء المسمّى ولا كأنبثاق للأنفعال،وتتجلى الكلمات وتركيبها في كون الكلمات ودلالاتها..ليست علامات مختلفة عن اليومي المعيش بل للكلمات قيمتها الخاصة ضمن سياقها النصي – حسب باختين …
(2)
هذه القصص القصيرة والقصيرة جدا ،سيرورتها قائمة على تأزم الاتصال في تنويعاته الاجتماعية…وأسلوبيتها مشيدة على أقتصاد شعرنة المسرود..تتوزع فرشة المجموعة القصصية من ناحية الحجم كالتالي:
* من ص5 الى ص9 قصة قصيرة
*من ص11 الى ص15 ثلاث قصص قصيرة جداً، تتسم بفضاء شفيف وسيرورة وامضة..
من ص17 الى ص46 قصص قصيرة
*من ص47 الى ص 89 قصص قصيرة جدا..
إذاً من ناحية الأجناسية المتجاورة ،تتمفصل المجموعة الى مفصلين
*قصص قصيرة
*قصص قصيرة جدا
والتساؤل هنا هو ماالذي أضطر منتجة النصوص الى التشويش في التنضيد الطباعي ؟!، أعني ما العائق في تنضيد النصوص في مفصلين ..؟! قصص قصيرة ثم قصص قصيرة جدا او بالعكس ..
(3)
مشيدات القص
*المقاسمة : أعني بذلك ان الفضاء النصي يتموضع بين مكانين / زمنين
قصة (في القلب) تبدأ من المنفى البعيد (الوقت يمضي بسرعة وما زال رأسي مائلاً صوب نافذة القطار الذاهب الى(جونسنفل )/ ص5)
وبعد أسطر تنتقل الى حي شعبي في بغداد..(لايمكن لإمرأة في هذا (القطّاع) ان تحتمل مايعتمل في رأس تلك المعلمة..كأنها تقول لي إن خالد ابن سيد حسين ،قد جلبوا كتبه المدرسية قبل ان يجلبوا جثته التي أمتنعت الحكومة عن تسليمها إلاّ بعد دفع ثمن الرصاص /ص6)..وهكذا تستمر هذه المتوالية / الضفيرة، المتكون من منفيين ، منفى ضمن مصطلح الجغرافيا ،وهناك المنفى الاشد قساوة داخل الوطن، المبأر بالفوهات
وفي المقطع التالي ،نتقدم خطوة ضمن المسار نفسه، من خلال الفرق بين صرامة النشيد وطراوة الاغنية..(حشد من النساء تتوسطهن المعلمة الماورية(الماوريون سكان نيوزلندا الأصليون) حتى ظن البعض إننا سوف نصرخ مثل طلبة الابتدائية (وطن مدَّ على الأفق جناحا…) ثم بدأت أصواتنا تتضح شيئا فشيئا وهي تردد أغنية الحب..الحب فقط وليس عن
الوطن الذي قدمه الدكتاتور على طبق من ذهب مقابل النفط وأشياء أخرى/ ص8)..وتواصل المتواليات سيرورتها الثائية بين المنفى والوطن المنفى
في (لاوي ياتين) نحن امام أشكالية الاتصال بين الحلم والوقع ويمكن لنا ان نعرف ان السطرين الاولين هما كل مكونات الذرة القصصية:
(- قالت له لم أحبك يوما ما
– أعرف ذلك جيدا ،والشيء الذي أعرفه أيضا بأني لم أحبك ِ أبدا/ 13)
سنتابع في هذه القصة القصيرة جدا سيرورة متوالية سردانية، تشتغل على طرافة التحاور،التي تجنح بمقدار، نحو السخرية كعلاج رياضي ،لتعليق ماجرى..وثمة ايماءة شفيفة تغمز الملكية الخاصة،حين تكون القوة الدافعة في أنقى العلائق الانسانية
(كنتُ أعتقد أنك تمتلك تلك النخلات جميعا..وقلتُ بأني سوف أصبح حرم صاحب النخلات) فيجيء جواب الرجل كطرف ثان للمتوالية..(أنا حسبت انك تمتلكين حقول التين تلك ….)
ثم تجيء الضربة الختام في القص
(قالت له مهلا..أين هو النخيل ؟
قال لها ولكن..أين هو التين؟)..
القص هنا أقرب الى قصيدة نثر،تعتمد المحاورة .. السطرالأول في(بستوكة) يعلن ..مؤثرية الزمن.. مثنوي : الصمت/ الفقد..أليس الصمت فقداننا شهية الكلام ؟
(مضى زمن طويل لم نتحدث فيه،مضت خمسة أعوام فقدت فيها
ضفائري ولعبي وأسناني وبيتي وأناملي../ ص15)
يالها من معادلة آيلة للخراب وليس للفقد..!!
خمسة أعوام = منظومة فقدانات ،إذن كيف لايتفسخ طين الحضارة من مسمار سفينة ؟!.. والاعوام الخمسة تراكمت في الأربعين يوم
والأربعون : نتاج تذرعنا بقيم اجتماعية لافكاك منها…
(أليس من العار أن يعود المرء بعد هذه الغيبة من غير أن يحمل معه ولو حفنة من الطرشي /ص15- قصة بستوكة) في(قطعة ألم)..تحاول الذات التملص من هيمنة المنشور،علها تفلت من الشيئية..(لم أطمح في يوم ما ان اتحول الى قطعة ما،أي قطعة،قطعة جبن مالحة تمرح على جنبيها الفئران ،قطعة قماش بالية خشية أن ألف وأرمى مع الفساتين القديمة، أو قطعة رصاص أصهر من جديد ..غذاءً لفوهات الحروب../ص17)..أتوقف عند الفعل المجزوم (لم أطمح) !! ان الفعل موظف في الوحدة السردية
خارج سياقه المتعارف عليه،فالطموح قوة دافعة الى الاعلى في الذات البشرية، أما في الوحدة السردية /الأستهلالية، فهو يحدث
صدمة ً للمتلقي ..ان الذات التي تخاف من تشيوءٍ يستعملها وفق
إرادته، ضمن تنويعات الجزئي/ المسخ : أي قطعة، قطعة جبن / ..قماش بالية /..رصاص لفوهات الحروب.. ان هذه وجدت نفسها
فجأة ..(قطعة موشور تطلق أشعة من الألم )..القصة مشحونة بكثافة الشعر،وتحديدا شعرها في مجاميعها التي كانت مدار الحلقة الاولى من دراستي (2)
ان الذات في البدء أكتفت بالخوف وهذا الاكتفاء الذاتي، يجعلها واقفة في (خط الافق)، اي ظاهرة للعيان وللفوهات..وهذا يعني ان الذات أكتفت بأقل من الدفاع عن ذاتيتها وهكذا تحولت بالقوة الى قطعة موشور،يستلب حيويتها (..أصبحت وليدة لموشور أحمق يعكس ضوئي خطأ،ويكتم ظلمتي بين أشعة خيباته )..هنا ثانية مع المشاكلة ذاتها ضوء/ ظلام..(لانعرف كيف نعيد ترتيب الضوء على شاكلة الظلام الذي تبدد ولم نلم شمله /ص18) في قصة (الخفاش) الأشياء متداخلة : الصحو/ النوم ، /الوجوه / ،الشهادة / الغيب ،الماضي / الحاضر..، / فصول السنة :(لاأدري ،ربما لم يكن شتاء، ربما هو بقايا خريف مدثر برائحة الجوز الطرية وعذوبة المطر المشتهاة / 21)..الصحو / النوم
(كأني أستيقظت من نوم لذيذ في فراش دافىء ومشمس )(ربما كنت غائبة منذ زمن ،لاأذكر هذا بالضبط /ص24)..(كنت نائمة أو ..لا، تذكرت ، كنت هناك في تلك الزاوية،ثم أني لم أبرحها قط /ص26)..وهناك هلامية ملامح البشري واشتباك الخيالي والرمزي ..(كأني لم أستطع تحديد ملامحه جيدا، رجل ،امرأة، شبح أو…ربما هو خليط من أحلام متناثرة لطفولة بعيدة ) وقد يكون وجهان في وجه واحد (بينما كنت أنظر في وجهي الذي يذكرني بجدتي /ص23) في قصة (أدغال ) يفتتح النص بسطر ساطعٍ، خلافا لشمس ظهيرة النص (الظهيرة على أشد ماتكون ..لكن الشمس ليست عمودية ،ذلك أن الضوء يتوزع بانكسارات مختلفة ويرسم على بلاط الرتابة زوايا ومنحنيات لاحصر لها/ 25) وهناك تشاكل الحركة/ السكون ..(هذا السقف المبتل بالسكون والرغبة في السفر/ص26)..في قصة (أدغال ) نسبة الظلام تفوق نسبة الضوء، فتغمروه بغموضها حينا وبإغمضها حين آخر..
القص ينطلق من شحنة بارانويا..وكلما توغلت ُ كقارىء في أدغال القص ،أستعادت الادغال تماسكها بشكل يصعب عليّ كقارىء العودة وسأقول ما قالته ساردة النص (أصبت بدوار…/ ص30)
في قصة( كش ملك )نكون أمام نسخة سردية مشعرنة من قصيدة (أسود ..أبيض) في(قيامة استفهام) مجموعتها الشعرية(3)..
في القصة نتابع لعبة شطرنج ونسمع حوارا بين البيادق وحوارا آخر بين المرأة وظلها
(4)
كائنات القص:
تكرار قراءتي لنصوص (أصابع جدي)، لايعني ان النصوص صامتة ولاتجيد الحديث عن نفسها،ولا غاية قراءتي البحث عن المفتقد في النصوص ،بل هو غواية النصوص ،التي رسمت دوائر بهجة في التلقي..وبسنارة هذه البهجة التقطُ تكرار فعل القراءة
:كيف منحت هذه النصوصُ الحيوانُ وظيفة في مسرودها :
* قصة (في القلب) – (تشد بردائها الاسود على كتفها الثقيل وتطلق عصافير بيضاً كن قد أختبأن لسنوات طوال بين الكتل الحجرية وخلف الستائر السود على النوافذ .)…نلاحظ ان الشحنة العلاماتية، تشير الى سلطة قمع تعرضت اليها (فضيلة)..من خلال سياق النص..
*(تحلق العقبان خلف السراب..السراب الذي بدأ يبتعد أكثر فأكثر حتى بدأت الشوارع والساحات تأخذ حجمها الحقيقي..)
مابين السطرين،بمثابة صورةٍ شعرية، للعقبان وظيفة المعادل الموضوعي ،لما كان يجري للمواطنين الذين يقتطف السرد عينة منهم ..(داود ابن سعدون قد حملوا عشرين عاماً من نضاله المسلح في واحدة من غرفة التعذيب وإن عبد الكريم ابن كاظم قد أتوا به في علبة صغيرة ظنت أخته إنها دواء فشهقت به شهقت الموت…وإن عباس بن سوادي قد… وسالم ابن جواد قد…/ص8-9) النوارس تشكل دوائر بيضا يبزغ من بينها وجه الست حليمة
ان الست حليمة، لاأراها إلاّ مستودعاً للألم الجمعي..
* نلتقط السطر الثاني من قصة (قطعة ألم )…(قطعة جبن تمرح على جنبيها الفئران /17) في هذه الصورة ،قطعة الجبن منتهكة
من قبل الفئران ..والمقتطف من السطر الثاني، يستدعي السطرالأول الى القارىء: (لم أطمح في يوم ما أن أتحول الى قطعة ما، أي قطعة) الطموح هنا يشع سخرية، من تمسيخ الكائن البشري..
*يتصدر (الخفاش) ثريا القصة..ولايكتفي بالعنونة..
*في قصة (ادغال) لانرى الكناري، بل تصلنا عبر السرد سعة محلقة..(الآن في هذه اللحظات السرية التي تكون بانوراما نعاسية في جمجمة شاسعة محشوة بأراجيح ومديات، قد تتسع لأحلام قبيلة من عصافير الكناري/ص25)..وهناك الطير المغاير لوداعة عصافير الكناري..(الآن لاشيء يتحرك على الأطلاق إلا عينا صقر خرافي ينتمي الى سلالة في طريقها الى الانقراض ،صقر بجناحين هائلين /25)..
* في قصة (كش ملك) ثمة فراشة لها حضور بهي..(فراشة تحط على أحداقي تغدو أينما أغدو..أحتمي بها من المطر وتحتمي بي من الأرض / ص33)
*قصة (في أقصى الجنوب) تدخل القطة كتشبيه ..(أجلس كأية قطة في مؤخرة المكان /37) وسنجد القطة ، كناية قد تحولت الى( قطط أكلت حتى عصافير بكائي /85- رواية في الطريق)..
و(في أقصى الجنوب) ..(ثم غادرت بخطوة سوداء تتبعها غربان المكان بنعيق أطلقوه مرة واحدة/ 38)
*في(قبل ساعة من الآن)..تهجم النوارس والحمامات في المطبخ
(على القدر المليء بالرز /ص44)
*(وأياديهم ملوثة بذباب الموائد/ ص51- ليمونة على ذباب المائدة)
*(حركت يدي بطريقة تشبه دورة السمكة في نهر ميت /53- فنجان مالح )
*(حشد من النوارس/65- نزهة)…
ان للحيوان في (أصابع جدي) وظيفة تعميق دلالة النص وتوسيع مدياته ..
(5)
الزمن.. كشخصية رئيسة في السرد
في السرد ،لابد من زمن ِ سواء كان الزمن نفسيا استذكاريا أو غير ذلك ، نلتقط من المسرود زمنيته وننضدها كالتالي :
*الوقت يمضي بسرعة عجيبة / السطر الاول / من قصة (في القلب)
*لم أطمح يوما/ السطر الأول من (قطعة ألم)
*تعبت بعدها من نبش ذاكرتي / ص24/ قصة الخفاش
*الظهيرة على أشد ماتكون / السطر الاول في قصة أدغال
*في هذا الليل الغض ..ستذبل أصابعي/ السطر الأخير من قصة كش ملك
*في قصة (صورنا العائلية) يكون القارىء من خلال التوثيق الفوتو مضغوطا بين خوذ وشظايا وسرفات وفوهات الحرب
*عنوان القصة التالية يفي بالغرض (قبل ساعة من الآن) وسيفعل القص على تفعيل العنونة في السطر الأخير من القصة..(ذهبت مسرعة الى الشرفة فكان زوجها يلتقط حبات الدواء الواحدة تلو الأخرى وهو يهم بطرد الحمامات قبل ساعة من الآن/ ص44) وكذا الأمر مع قصة
(سنوات تلد نفسها) ص77
*في قصة( طاقة نفاذة) يكون التركيز جاحظاً على سيرورة الزمن عبر نسق ثلاثي:
*السطر الاول في الوحدة السردية الاولى من النص نقرأ
(كل يوم في البث المسائي/ ص45)
*السطر الاول في الوحدة السردية الثانية (طوال سنوات..ظلت مكانها خشية ان يحررها الموت من عقدة الكرسي )
*السطر الاول في الوحدة الثالثة (ذات يوم..ونحن نرقب السنوات وهي تزحف على عنقها الرقيق وابتسامتها الغضة)
*ونفس الشيء كقراء سيلاحقنا الزمن في قصة(إنهما يفقدان الانتظار)
*كم سبت يمر دون ان يعرف/ السطر الاول من القصة
*مر سبت آخر حلقت روحها مع هذا اللحن / ..الأول من الوحدة السردية الثانية
*وبينما كانت تواصل انتظاره…فقدت ساعة الحائط رقاصها لأن الفضاء أصبح ساخنا..وكان الضباب قد غطى كل شيء/ الوحدة الاخيرة في القصة
*في قصة (موعد) تبدأ القصة هكذا (أنتظرته طويلا وقد سال حليب روحها فوق الاريكة / 59)..
الزمن في (أصابع جدي) له وظيفة المصدات الكونكريت ، فهو لايمنع السيرورة، لكنه يجعلها بطيئة دون ارادتها ،فتكون السيرورة بالقوة وليست بالفعل ..لكن ضوء الإرادة الإنسانية هو من سييضىء نفق النص كله..وبهجة التلقي..
(6)
إستعادة الغائب والمغيّب
(وتلك الصورة ذات الملامح المشوهة تجلس في رأسي، حين حملوه باردا وديعا ومخيفا بدموع جفت على عينيه /ص5 (في القلب)..)
(ربما كنت غائبة منذ زمن ،لاأذكر هذا بالضبط / ص24(الخفاش) ..)
(إنه يختصر سنوات من الخيبة ويأتي..لم يكن يشبه ذلك الذي سافر /ص26(ادغال)..)
(وبينما كانت تواصل انتظاره../ ص47(إنهما يفقدان الانتظار)..)
(انتظرته طويلا…/ ص59( موعد)…)
(مازال ينتظرني بسيارته العتيقة قرب المكتبة المركزية/ ص71( سنوات من تراب)..)
(غربة شاسعة تسير من رأسي حتى قبرك ياعلي../ص75(شاهدة )..)
ترى قراءتي للنصوص ان هذا الغياب والتغيّب الناتج بمؤثرية الزمن، هو نتاج ما تعتمل به البنية المجتمعية التي كابدها مجتمعنا العراقية، من جراء التعسف الشمولي الذي أوصل عراقنا الى الكولونيالية بهيمنتها السافرة منذ ربيع 2003
—————
*المقالة منشورة في صحيفة الزمان 27/ 3/ 2014
*القسم الاول من مقالتنا/ ضوء يشاكله الظلام / جريدة الزمان / 2آذار/ 2014
*نجاة عبدالله/ أصابع جدي/ الحضارة للنشر – القاهرة / ط1/ فبراير/ 2010
*نجاة عبدالله/ قيامة استفهام/ الحضارة للنشر – القاهرة /ط2/ 2010