الحسين بري:
رغم تجاوزها العقد الثامن لازالت تحتفظ بصلابة عودها،وروحها المرحة.
احتوت التجاعيد ملامح وجهها الجميلة،لفتها في ثوب حريري أبيض،حولت ابتسامتها الى براءة طاهرة نقية.
تتواجدفي أحد أسواق المدينة العتيقة،تصر دائما أن تكون في مكانها المعتاد،ووقتها المحدد.تعرض سلعتها المتواضعة،ترتبها،تداعبها بأنامل مسترخية.تحدث نفسها بين الفينة والاخرى غيرعابئة بمايدور حواليها.لايهمها أن تكسب بقدرمايهمها أن تؤثت الفضاء بحضورها.فغيابها ،كغياب عروس ليلة زفافها.
أمر أمامها، يستوقفني شموخها،عزة نفسها.توزع ابتسامتها الرقيقة بسخاء منقطع النظير.
أسمعهاصوتي ،تقابلني بحرارتها المعهودة.تتلقف راحة يدي.أحس بدفء الأمومة يسري في شراييني.أسألها عن حالها،تتجاهل السؤال،وبنبرة ساخرةتنغمس في أحاديث أخرى.تقسم بخالقهاأنها لن تمد يدها لأحد.كلماتها البسيطة تغرقني في صمت أفكاري.ودون أن أنبس بكلمة،أغادرها وصدى كلماتها يرافقني ،يستفزني،يدفعني كي أعيد حساباتي.صوت متسول ينتشلني من غيبوبتي،يعيدني الى عالم الضوضاء.يستعطفني،يحاصرني بيد ممدودة قوية.أتجنبه وأتابع سيري.ترافقني كلماتها من جديد .أغوص مرة أخرى في بحرأفكاري،أبحث عن شمعة تنير طريقي لعلي أشفي غليل هذا الفضول اللئيم،والذي كلما أكرمته تمرد علي من جديد…