الشاعر المرحوم ضياء الدين الخاقاني 1933 – 2008
القيت بأمسية مؤتمر الأدباء العرب في تونس عام 1973م
سرى الركب فلترتفعْ هامُها … الى حيث تخفق أعلامُها
بنى الحشدُ يا اُمّة لم تزلْ … تنام على الفتح أحلامُها
هو العشق يا أمّتي فالحياة … مع الحبّ يبدع اِلهامُها
سما الشعبُ نهرين في ربوة … تعالت الى النجم آكامُها
قد ابتدأ الشوط يا مهرة … تسلقت الأفق أزلامُها
ومن ههنا والى ههنا … مشتْ تزرع النصرَ أقدامُها
وها نحن في الأفق فوج النسور … تجول وبالعز أحجامها
حشدنا لها كلما تشتهيه … فلا عجْب أنْ قام ضرغامُها
وجئنا لها بالنفوس الكبار … يرحّبُ بالمجد اِقدامُها
اذا لم تكن قبلة مثلما … نريد وماشاء أقوامُها
فلا ضير في ان يذوبَ الجليد … وأنْ يوقدُ الصخرَ صمصامُها
لأنا هنا اليوم اِمّا الحياة … واِمّا ولا فخر اِعدامُها
واِنْ كان للزحفِ هذا اللقاء … فاِنا مع الودّ خدامُها
فيا طائرين على صهوةٍ … تصولُ فيصعبُ اِرغامُها
ويا صاعدين الى قمّةٍ … تقاسمتِ الكونَ أقسامُها
أطلوا بنا حيث جئتم هناك … ملايين لم يكتملْ عامُها
هناك الضحايا هناك الدماء … تسيل هنالك أيتامُها
هناك صدى حاصرته القرون … فصاح وهابتهُ أعوامُها
ومنها الحضارة لن تستريح … اِلا اِذا مات هدامُها
وفيها الذبيحة لمّا تزلْ … يشير الى السيفِ اِبهامُها
هناك محرّرة لم تعُدْ … تناغي المكبّل أرحامُها
يدٌ فوق ضلعين مقطوعة … سقتها المنية أقزامُها
وحاملة جودها للسقاء … تقوّس للماءِ بلامُها
هناك ابنة العمِّ حتى مَ لا … يجيب النداءات أعمامُها
وحيث تحاول ليلى الكلام … فتعيى وهيهات اِفهامُها
هو الصدق اِنْ لم نكن صادقين … فكلُّ الذي قيلَ أوهامُها
الى الموت اِنْ لم نكن قادرين … فلن تكتب النصرَ أقلامُها
خذوا عين أرملةٍ وانظروا … وحسب اليتيمةِ أسقامُها
عبوديّة روح هذا الدخيل … تدنسُ في الأرض أصنامُها
سقتنا كؤوس اللظى طافحا … على جمرة الكأس اِجرامُها
فمات الرضيعُ وضاع القطيع … وتاهت مع الريح أغنامُها
ولم يبق اِلا الصدى المستجير … والا الجروح وأورامُها
وطافت على الحي كف العذاب … لتنسف مافيه ألغامُها
جنتْ كلما لم يكن ممكنا … ولو لم يك الحقدُ يستامُها
سيعتصر السجن هاما بنته … وتترك للدود أجسامُها
عجبت لها تدعي الأجتهاد … وبالظلم يأمر اِسلامُها
يمينا بوقعةِ طفِّ الحسين … وسارية جاد قوامُها
ستبتلع القادمات الغموض … بشائر تمتد أنغامُها
تعالوا نعدْ لضحى الذكريات … الى حيث يسكرنا جامُها
الى ساعةٍ حلوة كي تعود … وأخرى تعالجُ آلامُها
على جبل ضاربٍ في السماء … تناغيه في الليل أجرامُها
به خيمةٍ زوقتها الرياح … فعطرت القصرَ أكمامُها
لظى صحوةٍ في خضم الوجود … تعاصت على النوم أكوامُها
الى حيث فاجأ صبح السعادة … ليلٌ هوتْ فيه لوّامها
يقول الشهيدُ احملوا جبهتي … لجبهتكم يرتفع هامُها
ودسّوا يدي بين أيديكم … لتزداد في الزحف أرقامُها
حلفتُ بكمْ يوم أسْلمْتُ روحي … وعندكم اليوم اِطعامُها
واقسمتُ أن لا تهون الدماء … وفيما تجودون اِكرامُها
تهون الشهادة اِنْ لم تعد … لما طبعت فيه أختامُها
فلا بدّ أنْ نسحقَ الظالمين … وأنْ يشربَ الكأسَ قسّامُها
لأنّ الجريحَ الذي الغموه … أفاق ولم يجد نوامُها
فيا سفن البحر لا ترجفي … فقد وعت الشوط أنسامُها
ويا طالب الحقّ طالتْ يداك … فقد بارك الساحَ مِقدامُها
وقلْ لأشقائنا والصديق … سينتظرُ الحقّ حكامُها
فأجيالنا اليوم فجرٌ يجول … وساطعة ذلّ حجامُها
دعتْ باسْمه الله فاستقبلته … بيارق ما خاب رزامُها
فقال لها انتفضي فالخلاص … ملاحم يمتاز عوّامُها
الى حيث قال ارفعوا أمّة … تبارك ذو العرش مقدامها
ومن حيث وحي يقيم العراق … نهوضا وللعُرب أحكامُها
يداه الكريمة جاءت به … ليعْرُبَ فارتاع نمامُها
فقد نوّر اللهُ هذا الطريق … بشمس تفجّر أعلامُها
أتى الفتح فلتمش هذي الشعوب … الى حيث قدّر علّامُها
هو السلم يا موطني لوحة … تنائى عن اللوم رسامُها
علا المجد فليسر نحو العراق … فلسطين والتنتصر شامُها
تعاليت يا موطني ههنا … بنوك وفي الكون أحشامُها
فيا سيدي حامت الأمنيات … عليك لأنك بسامُها
لمستقبل العرب قلب يدق … عراقاً فعيناك صمّامُها
ومهما ادعى الكبر في النازلات … عِداك فانك هزامُها
ستبقى المشع منارا يطول … وتغتال أعداك آثامُها
وحسب العقيدة اِنا نموت … لتحيا واِنك أيامها
……………………
1973م
*القصيدة: سرى الركب /الديوان : من وحي الانتماء للأديب المرحوم العلامة ضياء الدين الخاقاني 1933 المحمرة العربية – 2008 النجف الأشرف )