لقد أنفق أديب كمال الدين المولود ببابل- العراق 1953 عمره في الكتابة والتعلّم. فهو حاصل على بكلوريوسين في الاقتصاد والأدب الإنكليزي من جامعة بغداد، وعمل صحفياً ومترجماً بجانب نجاحه الملحوظ كشاعر غزير النشر. وقد نشر، حتّى الآن، عشر مجاميع شعرية. مثلما تُرجِمَتْ قصائده إلى لغات عديدة، بضمنها الإنكليزية والألمانية والفرنسية. ومؤخراً نال دبلوم الترجمة الفورية (عربي- إنكليزي) من المعهد التقني لولاية جنوب أستراليا يُعْرَف أديب كمال الدين في وطنه الأم ب)الحُروفيّ(. ففي دراسة أدبية لأعماله، نُشِرتْ عام 2007 في لبنان، ناقش وامتدح 33 ناقداً شعره. ونال أديب كمال الدين، بسرعة، شهرةً كأحد الشعراء الأستراليين الرفيعي المستوى، بأعمال نُشِرتْ في المجلات الأدبية الأسترالية المهمة جداً مثل: (مينجن Meanjin) و(ساوثلي Southerly )، وفي أنطولوجيات مثل: أفضل القصائد الأسترالية لعام2007 2007 The Best Australian Poems حررها: بيتر روز، ونشرتها دار (بلاك برس Black Inc Press). وأنطولوجيا (الثقافة هي) (Culture is) 2008 التي حررتها آن ماري سمث Anne-Marie Smith ونشرتها دار ويكفيلد (Wakefield Pres).
إنّ شعر أديب كمال الدين المنفصل إلى طبقات في المعنى وظلّه، غنيّ بالصورة البارعة واللغة المختارة ذات الضربة النفّاذة غالباً. فالشاعر يدفع- وهو يختار مدى واسعاً لموضوعه الشعري- ضريبةً ثقيلةً صادرةً من القلب إلى الخسارة والأسى، وكذلك، إلى الحبّ في أشكاله المتعددة. غير هيّاب في التعامل مع قضايا مثل الحرب، وحقوق الإنسان، والعلاقات الشخصية، فإنّ كمال الدين يفعل الأمر ذاته بمهارةٍ وتقمّصٍ عاطفي. توقّع اللاّمتوقّع! هذه القصائد محمّلة بالغرابة والرمزية. فالمعاناة مشتركة، وأسرار وتعقيدات الثقافة العراقية مكتشفة بطريقة عميقة التفكير لتجعل ما هو شخصي عالمياً.
خَيار أديب كمال الدين في الإستعارات والتشبيهات شديد الذكاء دائماً، وغريب في إثارته للإعجاب في أكثر الأحيان:
(فرحتُ كما تفرح جثةٌ بلحدها الجديد).
وقصائده تعكس حبّه للغتين الإنكليزية والعربية معاً، وهي غنيّة بالصورة الشديدة الغرابة، كما في (محاولة في الرثاء). هنا استخدام التكرار واللعب بالكلمات يخلق صورةً شبه حلمية في ذهن القارئ:
(طيّباً كموعدٍ ضائع
نحيلاً كنارٍ بدوية).
(نحيلاً كموعدٍ ضائع
طيّباً كنارٍ بدوية).
إنّ حبّ كمال الدين للغة، للكلمات، وعلى وجه الخصوص لحروف الألفباء العربية، ظاهر في هذه المجموعة. فالحروف التي تؤلّف القرآن الكريم قد سُبِرتْ أعماقها ورمزيتها الغاطسة.
وفي قصيدته الرقيقة( كلمات) فإنّ الشاعر يكتب إلى ابنته ذات السنوات العشر:
(كلما أريدُ أن أشرب الكأس:
كأس السمّ
كما فعل سقراط
أتذكّرك
فأرمي بالكأس بعيداً).
إنّ الاحساس اللطيف بالفكاهة عند الشاعر قُدّرَ جيداً كذلك مهيّئاً التوازن إلى ظلال الظلام، أستشهدُ ب(كنارٍ طيّبةٍ بالتْ عليها الكلاب). ولذا فإنّ هذه القصائد ذات الشكل الحَلْقيّ (من الحَلْقة) غالباً، والمقُنِعَة للجميع دائماً، تعرف كيف ترقص!
كزميلةٍ للشاعر، فإنني شاكرة أن أديب كمال الدين قد اختار مدينة ( أديلايد)* موطناً. فمساهمته في مجتمع الكتّاب لولاية جنوب أستراليا ولنشر الشعر الأسترالي هي الآن ذات شأن. كما إنّ إخلاصه للفن واضح في الدفق المتواصل لعمله الجديد الذي ينتجه وينشره. وإنّي لأتطلّع لقراءة المزيد من كتاباته المترجمة الجديدة والقديمة معاً.
إنّي على يقين من أن الصوت الشعري المؤثر للشاعر أديب كمال الدين سيستمر ليأخذ صداه عند القرّاء حول العالم
——————-
* جود أكولينا Jude Aquilina– شاعرة وكاتبة أسترالية
*مدينة أديلايد هي عاصمة ولاية جنوب أستراليا حيث يقيم الشاعر.
*ترجمة للمقدمة التي كتبتها الشاعرة والكاتبة الأسترالية جود أكولينا Jude Aquilina لمجموعة أبوّة Fatherhood للشاعر أديب كمال الدين والصادرة عن دار سيفيو الأسترالية Seaview Press .