حسين علي غالب :
(1)
ما هو عمله
كعادته يخرج جاري من بيته في الوقت المحدد ، يلقي التحية علي وأنا في دكاني والحزن واضح على وجهه وهو مرتدي بذلته السوداء الكئيبة للغاية .
كلما أسأله عن مكان ذهابه يجيبني بجوابه المعروف والمكرر المتكون من كلمتين فقط “”إلى العمل””..!!
رحم الله أبن عمي ، الآن علمت عبر اتصال من أخي أنه قد توفى .
أغلق دكاني ،وأتوجه إلى خيمة العزاء القريبة من بيته .
كان المكان ممتلئ ،أصافح كل أهلي هناك وأعزيهم بالكلمات المعروفة.
أجد جاري واقف وهو يمد يده لي ..!!
أوجه أنظاري إليه بدقة ،وإذ أجده يمسك “”دلة قهوة”” وفناجين في يده الأخرى وأخيرا حينها عرفت ما هو عمل جاري بالتحديد .
————————-
(2)
مسكن للألم
تحتضن أبنها الصغير للحظات قصيرة لأنه خائف بسبب أصوات الرصاص والصواريخ، وتقول له: لا تخف الآن سوف تتوقف هذه الأصوات.
تترك أبنها وتذهب لزوجها،وهي قد رسمت ابتسامة مزيفة على وجهها فينظر لها زوجها من دون أن ينطق بكلمة ..!!
تمر الساعات والثلاث محصورين في الغرفة صغيرة، الزوج والزوجة والابن الصغير.
ينظر الزوج لزوجته وهو شاحب الوجه ويبتسم ابتسامة صفراء ويقول بصوت منخفض : شكرا لكي فبكلامك وتصرفاتك المتزنة أصبحت لي ولأبننا كالمسكن الذي يقف بوجه الألم ، الألم الذي نعانيه كل ساعة بسبب الظروف التي نعيشها .