المرء ينتابه شعور البعد عند وطره للأشياء وفي كل لحظة يختزل فيها الأحتياج التي فقدت وجودها فيه في عالم الأمكان وقبل أن يجليه العدم في أعطاء صفة تجبره على أمتثاله له وهو وجود قوة بالنسبة اليه وبهذا الأستدراج يصبح له بعداً في ذاته وهو قريب منه
وفي طبيعة الحال أن للبعد أقسام تختلف بتنوع قابلية الذهن عند التفكر بمدلول الأثر والتأمل في أستحضار مقامه الذي أتسم به ذلك المنوال طبقاً لتصور الحيز لذلك البعد ومن هذهِ الأقسام هي
أولاً : البعد الزماني
ثانياً : البعد المكاني
ثالثاً : البعد الروحي
رابعاً : بعد الأنتظار
خامساً : بعد الآفاق
سادساً : بعد الأنتظار
كل هذهِ الأقسام التي ذكرناها لها بعد من حيث الأثر المعنوي مع وجود المادة التي يتقوم بها المؤثر وأبعادها عن أطالة العارض وتغلغل صفاتها فيه من تصور الأثر وحضور الشيء في الذهن وهذا يحدث بتعدد البعد لتلك الماهية المنفردة في أحتلالها للمكان
وبعدهاعن حلول أحتوائي كأن تريد الشيء وتبغي نظيره بماهو موجود ولكن عدم أمتناعك عنه له وجود يقوض ذلك القرب فيصبح بعداً لك
إن الأشياء بماهي ممكنة البعد فلها وجود مختلف عن هيئتها السابقة إذ أنها تحتل صفة في الذهن في وجودها الواقعي وأنشغاله فيها أما من حيث التفكر أوالتذكر
وهذا الأنخراط في السلوك يشدُّ من أزر العمل بذلك الشيء وهو موجود علماً إن أقتضت أنتفائه بعض العلل ألا وأنه قائم بذاته والوهن لايضعف ذلك الفهم لتجرده عن المعرفة وألتصاقة بالعلم كمفهوم له عنوان الذي لم يكتمل وجوده بعد مع حصول الهيئة الأنشائية له بل مجرد علم محتاج إلى معرفة علماً قد يتحول إلى يقين بعد تكراره ولكن يمر في مراحل أبتدائية للعلم وينصدع أحياناً إذا لم تنجده العلة من خلال أقسام اليقين قبل أنسيابه في العدم في معرفة ذلك البعد
هنالك مثال بسيط يلج في ماهية البعد وآثار أبعاده المادية والمعنوية وهو أن لكل شيء كائن بذاته له بعد أما يكون أرتقائي بحد ذاته أوأنتقائي من فكر العلل لكي يعرف مدى وجدانية محضه فيه إذ أن الوجدان تقين به والعقل تمسك به في محص أتحاده مع الثبوت في مقتبل ألفاظ وصفه
كل شيء مرت عليه فترة من الزمن أصبح له بعد ينعت به ويقال قديم كالبناء له أثر معنوي ينازحه في الظهور بمعنى أنه تسربل في البعد الزماني بدليل أحراز المكان له وتوحده فيه وأصبح له بعداً من حيث أن له عمق زماني محدود
ولذلك تسمى بعض الأشياء قديمة لأنها أحرزت لنفسها قدم زماني معين وهذا الواقع قائم مع العلم دون المعرفة أنها حادثة في أذهان بعض الموجودات ليس لها بعداً بل مجرد تصور تقتدي به وأستحواذها قد صنع لها بعداً معيناً يترآى لها حقيقة لأن وجودها لايتسم بأي سمّة تجعل له قيمة وجودية يمتثل الفصل
وبعد هذهِ المقدمة يجب علينا معرفة أقسام منازل البعد ومدى ثأرها على العقل البشري الذي يتوق إلى العقلائية دون سجال أوسفسطة الذي لاتوحي بشيء سوى عقم الحال في أستحصال المنال وهي كالآتي
أولاً : البعد الزماني
يتعلق هذا البعد في أفعال القوة المتجردة عن الحيز المكاني وخشية أمتثال وحدانيتها في أعتناق ذلك الزمن وقد يتحدد طبائع الفعل في عالم الكون بل يجعل وجوده منصرفاَ في الأمور المتافيزيقا كظواهر تجلت للبعض على هيئة مشاهدة مع عدم ألتباسها في ذلك العالم وإن لم تكن جزءاً منه على الرغم من وجود زلفى الآثار في الشوق إلى ذلك البعد كالتبعية في السلوك والمشايعة في أقترانها مع الممكن المتحد الصفات
إن الأرتباط بين الزمان وبعده يتخلله وجود يوثق ذلك الألزام الذي وضع له الكائن ماهية معينة يرتقي بها اليه عند عشق الخواطر لذلك المقتضى الزمني الذي أستحالة فصلة لأنه جزء منه منازل الزمن في أطلالة التأمل ويعتبر هذا المنحى الأزدواجي بداهة ثقافية لها ميزة أدبية كمعرفة الأشياء من جانب مختضب دون غيره
وإن العلم بمسمياتها مع أدراك وجودها العلمي أجمالاً من جانب يراها الباحث باعثاً على التدقيق والتفنيد مع تزاحم الأضداد عند نزر السبل وكثرة لغايات المكفهرة بعد التقصي والتحقق تبعاً لزمان وجودها الذي كان الشاهد على ثبوتها وهذا يتمثل بالتأريخ بصورة عامة
إن بعض الأشياء تفتقر إلى زمان في ثبوت الدلالة على وجودها وتصعر في بيانها عند تعرضها للزمن والمكان والحركة المتناوبة بينهما وهي تعتبر من العوامل الأساسية في أنتفاء العين بعد مرور الزمن عليها الذي ستنتهي بأحلال الزمن كعمق زماني لها وقد خلدها ذلك الوقت
فعندها يكون الزمان له بعد حقيقي لأنه أساس الحدث الوجودي ويكون له منهجاً وارداً في المعرفة لذلك الزمن بعد تواري العصور وتكون الفكرة آنذاك تعين تجريدي لزمانها مع أندماج العين مع دهرها وهذا الشيء نراه زاخراَ في مضمون قضية الزمن كما عرف بما هو غير مبهم عن أفصاح آثاره التي حدثت في زمن معين آنذاك
والبعد الزماني ينقسم إلى قسمين
أولاً : بعد زماني مبعثر الأحداث ومتحدة الأهداف ويعد وجوده من الزمن الماضي إذ أن كل حدث طرأ عليه شيئاً يستلهم منه المستقبل لكن قد وقع حدوثه في العصور الغابرة
ثانياً : بعد زماني لاينقطع أبداً بأستمرار ماهية المنفعة المتبادلة وهو أساس وجود الطمأنينة في أمتنان الواجب لذلك الزمن السالف
نلاحظ أن الزمان لايتغير بل المكان يستلهم وجوداً معيناً لايتقوم بذاته وإنما يقترن به فيكون له ظاهرة مادية يستدل بها على الزمان وهو أثر معنوي لذلك البعد الزمني الذي أشترك فيه كلاهما من حيث البقاء لأحدهما أحياناً
إن هذا التحول في البعد الزماني من أنعدام المكان وأستهلال الزمان ماهي إلا إمارة لخلود الزمان وأنتفاء المكان مع العلم إن لكل منها له وجود بعد العدم
نلاحظ أن الزمان لايتغير بل المكان يستلهم وجوداً معيناً لايتقوم بذاته وإنما يقترن به فيكون له ظاهرة مادية يستدل بها على الزمان وهو أثر معنوي لذلك البعد الزمني الذي أشترك فيه كلاهما من حيث البقاء لأحدهما أحياناً
إن هذا التحول في البعد الزماني من أنعدام المكان وأستهلال الزمان ماهي إلا إمارة لخلود الزمان وأنتفاء المكان مع العلم إن لكل منها له وجود بعد العدم
إن بعض الآثار تحجب بأنعدام المكان وشهادة الزمان ولكن البعد المتعلق بينهما يوثق الأثر المعنوي ولكن تبقى هنالك شكوك واردة في أيجاد المكان لذلك الزمن ولوكان تصوراً ينبيء الكائن بوجوده
إن الظواهر الطبيعية تنبه الباطن بوجود تجليات تتحكم بها الذاتية الأحدية وهي نشأة بتسديها ولها بعد زماني غير متناهي بل الأبعاد تتقوم بوجودها المحض
وقد يصدح في الذاكرة تغير الزمن ونسيان البعد له من خلال توارث الأحداث المتعلقة بالمكان بيد أن الحقيقة تؤكد بأن المكان يخلده الزمان وهذا مجرد مبدأ عند بعض الناس لماعانوه وهذا نوع من التصور عند البعض وفي طبيعة الحال الزمان يتسربل في أثبات وجوده لكن الأثر المكان نقيض واقع الزمان الذي وصفوه وهذا مجرد أستنهاض بأشياء لاوجود لها
وهذا من جانب سلب الشيء مع وجود إمارة لأثباته بمعنى ذكر البعد المكاني يوحي لك بألهام ذلك العصر ويكون له أثراَ جلياً في السلوك وتبتله بين الأسباب
ثانياً : البعد المكاني
وهو أساس جميع الأبعاد التي وصفتها القرائن ولم تندثر مازال عارض المكان يدل على ديمومة وجودها لأنه أثر لتلك الأزمان الغابرة كما يعتقد ثلة من الأنام
لكن تلك الأزمان مخلدة بدون مشاهدة المكان لأنه مجرد علامة جلية واضحة من خلال البعد المكاني ليس إلا والأصل الكل متفاني مع وجود غيره ومشترك في قرينة بعده وأستدلال معيته
وإلا فكل الأزمنة لاتتقوض بدليل عقلائية الشيء وأدراك أصوله التي أوجدت بدون أعتمادها على التأمل الزماني المسموح وأن المكان يتلاشى مع طول الزمان وبعد تعاقبه فيه
والمعروف أن المكان يزول بعد مرور الأزمان عليه وعدم قدرته على أستمراره بذاته ولكن البعد لهذا الأثر المادي يبقى ويتحول إلى معنى في ذاكرة الأيام لايصدأ مهما طال عليه الزمن لأن المادة ينسى ذكرى إذ لم ترى بأستمرار وينخرط الشيء إلى نظيره الآخر مادام البعد المكاني موجود معنى والأثر المادي مفقود من البديهي حينما نراقب علائق المضمون نجد المكان محل وضعي مقترن فيه مقتضى الزمان ويعطي له قيمة حضورية تتجلى فيها الحضارة التي أتسمت آنذاك بالوعي الشعوري لدى الفصل دون مبالغة أوأستهجان متن وجودها على قيد الزمن إن لكل عمل مقبول تتجسم فيه صور حقيقية بعيدة عن الوهم والخيال ولها وجود أثر معنوي يرافق صيرورتها ولاينآها البعد المكاني مطلقاً لأنه جزء من تلك الفعالية الكامنة في البعد ويكتنزها الزمان ولما كانت صفة البعد المكاني لها مراتب في البيان ودرجات في الأخذ والعطاء المعنوي ويكون لهذا الأقتداء باعثاً على البهجة والسرور بعد مراعاة الأثر أختياراً وتمحيص الحدث الذي كان يقترن بأمتزاج الشيء وصفاً لتلك المادة الذي يدركها العقل وتميز البعد المكاني وجعله الهداية الواضحة لتلك القوى الغائية في معرفة السبب والوصول له من خلال صفات الزمن وأرتباطه في البعد وتكون على شكل ظاهرة معنوية وحقيقة أرتضائية وكمال أقتضائي في مقام البعد المكاني
ثالثاً : البعد الروحي
وهذا المفهوم لغة : يعنى الأنتقال من بعد الوجود إلى بعد الملكوت
أصطلاحاً : يعني أعراج الروح من عالم وجودها الحاضر ومستودع وأستهلالها فيه إلى وجودها الأول الذي خلقت فيه وأخذ العهد والوثوق به وجوباً لما كانت في ذلك العالم ونفهم من هذا التحول كنتبجة أعتقادية في أعراج الروح من مكانها المادي إلى وجودها الأول أي تنتقل من خلال البعد الروحي الموصوف لها إذ أن مجرد التفكير في عوالم مرت بها الروح تستنتج من قدرتها على الأيحاء في أحتلال وأدراك ذلك المكان سابقاً وكأنها عاشت فيه من قبل ومن المعلوم فعلاً أنها قد كان لها حيزاً معنوياً في ذلك المكان كل الموجود تناط بمدلول الظواهر وترويض وجودها فيه وأن الروح قد أختبرت في ذلك البعد أي في عالم الغيب قبل تمثلها في عالم الملك وهذا تصور غيبي للروح ومدى تمسكها فيه وتعلقها في الفطرة إيحاءً من واجب الوجود والسير على نهجها في ملاحظة أمورها ومازالت هذهِ الصفة الربانية ملازمة مع ديمومتها لأنها تذكر الروح بعروجها إلى ذلك المكان وأنشغالها فيه بما تروم لذلك البعد المكاني الذي أمتثلت له الروح طاعة لمولاها حقيقة أعراج الروح موجودة منذ قدم خلقها إذ أنها كانت تتطلع إلى وجودها الأول ويتم أعراجها آنذاك من خلال ماهية الأمكان التي كانت تتمخض فيه عند إيجادها فيه أي بدأ ذلك الأعراج من عالم الملك إلى عالم الغيب مفهوم الأعراج يتم بواسطة تصور الروح في ذلك المحل والرغبة في الرحيل اليه لأنه عالم الطهر والنقاء وعندما تمر الروح في جميع مراحلها وكل مايتعلق في سلسلة وجودها وتقيدها في عالم الشهادة وهذا المرور يدور لها مابين عالمين هما عالم الشهادة وعالم الغيب كما يصف ذلك بعض علماء العرفان إن أرتداء الروح هذا السلوك وخضوعها له هو أعتدادها هذا القصد المنشود والمنوال الحي منذ أعتناقها ذلك الوجود ولكن الأنسان قد لايدرك تصرف روحه في تلك العوالم الماضية يحدث أشتياق الروح إلى ذلك البعد بعد نشأة الدنيا وحلولها مقام الملك وقبل أرتحالها إلى عالم الشهادة وشغف الروح في سيرها لتلك العوالم وأعراجها الشفافي دون المادة ماهو إلا بعداً واقعياً يسطر على سلوكها وجاذبية شوقها لتلك العوالم ممايجعلها تابعة في أقتدائها ذلك المنحى الذي يغلب على حركة الروح وولوجها فيه إن نشأة هذا المقام الروحاني هو جاذبيتها لتلك المنازل وهو تسربلها في ذلك الهدف المشهود وإن هي الجاذبية موجودة ويحملها صنف من الملائكة ولكن هذهِ الجاذبية تجعل الملائكة تتحكم بها القوى وتهيمن عليها الحيرة في معرفة الحقيقة المطلقة وبعد ذات المقدس ممايصير للروح تساؤلاً واقعياً لماذا أن الروح خلقت في ذلك العالم وأحتوتها كمقام الروح والعقل والغيب والآخرة
ومن الطبيعي أن يسأل المرء ماحكمة ولوج الروح في هذهِ العوالم المختلفة كعالم الذر وعالم الأجنة وعالم الدنيا وعالم البرزخ وعالم الخيال ومقام الملك وعالم الشهادة وعالم الغيب ومقام الروحانية والعقل
الجواب على هذا السؤال يجب أولاً معرفة هذهِ العوالم وحكمة وجودها ومن ثم يعرف هل حكم هذهِ المنازل وبعدها التكويني حكم توقيفي أم جواز والسماح الخوض في تفاصيل وجودها
وأيضاً يطرح سؤالاً من قبل الورى حول أعراج الروح ولماذا روح آدم عليه السلام تشتاق إلى الجنة ولكن لماذا أخرج منها ؟ وغيرها
بدءً إن الله عزوجل بعد أن خلق آدم عليه السلام وأمر الملائكة بالسجود له وقد سجدوا إلا أبليس أبى وأستكبر عن ذلك السجود الذي أتيانه طاعة لله سبحانه وتعالى وتركه عصيان ومخالفة صريحة للخالق عزوجل كان نبي الله آدم عليه السلام تجذبه أشياء مختلفة نحو عالم الغيب ليعرفها ويرى عالم الشهادة والمقام المقدس لله سبحانه وتعالى وكان آنذاك يتطلع إلى البعد الروحي الذي كان يعيشه قبل وجوده في عالم الأمكان وكان أعراج روحه يشغل كل تفكيره تجديد هذه الأشياء وأستمالة آدم اليها بشدة وذلك الميول يقيد آدم عن عالم الملك وتارة أخرى يتحول من عالمه الطبيعي إلى عالم آخر يحتج اليه في وصول روحه وكانت روحه تعرج به آنذاك إن هذا التحول في روحه وأعراجها وأسلوبه الحركي كان يدفعه وتأخذ به اليها مازالت هذه الحركة تتيقن على سلب الآدمية منه وكان يريد معرفة أشياء لايحق له معرفة سوى كانت بأعراج روحه إلى التفكير بذلك العالم الخاص بالذات المقدس الذي يسمى الحقيقة المطلقة وعلى هذا الأساس قد سلط الله سبحانه وتعالى الشيطان على أدم عليه السلام لكي يشغله عن ذلك الأعراج والتفكير بذات المقدس ويجعله يعيش في روضة ممزوجة بثمار الجنة تلك الموارد الطبيعة مماجعل آدم عليه السلام يفكر في تلك الشجرة ويغض تفكيره عن الجاذبية الملكوتية التي كانت تشغله
وبهذا جعل الله آدم ( ع ) ينصرف تفكيره حول أحتياز عالم الملك الواقعي الذي كان فيه آنذاك حباً للخلود كما هو مشهود في أطراء الفعل والعمل على البعد المادي في أعراج روحه
رابعا : بعد الأنتظار
الأنتظار : هو البعد الزماني المتعلق بالماهية ( المادة – المعنى ) عند ملاحظه الحال وأنشغاله أصطباراً ممزوج بفكر يخالجه المكان ويسيره الزمان أختياراً بعد أن أضمحلت عنه الأسباب وسهدته الأفكار حينها أصبح مناصاً تلاصقه معية الواقع وتصور المنشأ وأمتعاظ معقبات الزمن عندما يستطيل الحدث عند موازنة الزمن مع ثمن الوصول يعيش الفكر في حيرة طي الأنتظار أن طال ذلك البعد وأنثنى العزم وأقترب الملل مع العلم أنه متسربل فيه سابقاً أن لم يكن له أيمان يعتصم به من الوقوع في هفوات منازل البعد الطارئة التي يبعثها وهن الشوق وشدة الحرمان من حصول المنال بعدما دام الهوى له وهماً يغتر به عند الأحتياج إن تصور الشيء في الذاكرة قبل بلوغه وبعد الأنتظار يصيب الأنسان خسران الهدف إن كان السبيل من مقدمات الوثوق بالأشياء تأملاً أي تناسب البعد مع الفناء إذ أنك ترى الأشياء على حقيقتها لكن الغاية تجلو المآرب وريثما تظهر أسباب وضع البعد فأنك في طريقك لنيل الغاية وفقدان العرض وذلك أمتثالاً لذات الشيء وهذا لايتأتى دون سبر وأجتهاد وطول الأمل وأستبيان القصد ضمن حيز الأفق الذي واقع محسوس للبعض وخيال لثلة أخرى إن بعد الأنتظار مختلفة حسب العناية الوجودية له مثال ذلك تأملك لشيء بعد صبر وتجلد وهو له وجود متمثل بالآثار وهو يسمى وجود لوجود قريب يفصله بعد الأنتظار مع أحتمال حدوثه عينا وأحياناً مايزال المرء يتعقب ذلك الشيء ولم يناله مطلقاً لعدم بلوغ ذلك المرفأ وهذا يسمى وجود لوجود بعيد يفصله عن نيل حصوله الموت ولكنه له إمارة واضحة تتجلى في الدلالات العقلية
وقد ينتظر الأنسان شيئاً تعقل في في وجود ذاته ورسم له صورة واقعية وقد أقتنع بوجودها مع كثرة تكرارها أي تحول الصفة الخيالية إلى وجود حقيقي له دون غيره وهو بالأصل لاوجود له ولم يصل أليه مطلقاً وهذا يسمى وجود وهمي لأمتناع حقيقي وهو بمثابة الخيال
من خلال هذا البعد نجد أن الأنتظار ينقسم إلى جزئين
أولاً : أنتظار عقائدي وهو مسموح به ضمن مايعتنقه الأنسان في كلياته ويجهل جزئياته
ثانياً : أنتظار وجداني وهو ولوج طبع وتخمين لعاطفة معينة حسب ملاحظة الشعور وهذا النوع يصيبه الجهد والعناء حينما تنبلج نظائره وهو في حل منها وقد أستهوى دلالة أخرى يراها ناجعة الوضوح
خامساً : بعد الآفاق
هذا البعد يعني النظرة التفصيلية التي تعتليه البصيرة في ملاحظة قول وفعل الموجودات بماهي واردة في مأمن عن تلك العوارض الحادثة ولها معيار عقلي خاص طياً مع المعية في تميز العمل+
وتزكية لذلك تنعم بتسديد المحل أن برز فيه فيض الحسن وظواهر سوابغ الخير وهي تتآتى جلياً في طيفها التكويني مع الملموس أثراً والمحسوس قلبياً وهي بدورها تتزاحم مع هالة الوضع الذي أرتأت فيه بعد تواتر لواقح النبل والأخلاص ولوكان قولاً دون أتيان العمل ولكن هنا يتوجب الصدق بذلك الواقع قوة لم يظهر بيان الفعل المفروض على عاتق المؤمن به دون سواه ثم توجد لبعد الآفاق مراتب للأشراف على ضرورة الأعتداد ودرجات للرفعة والمنزلة تتناسب مع مقام هذا البعد وهو على بعدين
أولاً : البعد المطلق
يقصد به التحكم بلحاظ الموجود وهو محض الوجود ولكن لايدرك بالبصر فيصبح له حيزاً قد أمتثل فيه مجسداً تلك الأبعاد ولكن حقائق الأيمان ماهي إلا بصائر لتلك القلوب التي تيقنت تلك الوجود وهو واجب الوجود وهذا البعد مؤسس جميع الأبعاد وهي حاضرة اليه في وجوده الغير متناهي ولها أمتثال حي بكل معانيها الوصفية ( المادة – المعنى ) الواضحة على شكل حقائق
ويحدث في ذاتها هيبة هي بعيدة الوصف عن غيرها التي لاتمتطي آثار الأضداد بل هي سبب لوجود الممكن لتلك التجربة لهداية الأنام
ثانياً : البعد المحدود
يقصد به ذلك البعد المتناهي الوجود ويحمل صفات الممكن ومتنزه عن الزلل ولايطرأ على سلوكه سهواً ولاخلل لأنه يمثل حكمة ذلك الوجود وهبة من واجد الأيسات وإن فعله مؤيد من الحق ويوسدد بحكم الموجودات أرتضاءً منه اليه ويشرف في ذلك البعد من خلال الولاية التكوينية كما هي معروفة عند الأنبياء والأولياء عليهم السلام حيث أن بها يرى الموجود معنى بعناية القوة منهم والفعل من الله عزوجل وهم يرون الخير من العباد فعلاً محسوساً وبالثواب قوة ستنال بعد الفناء أن طاع وجوداً قبل الرحيل وخضع لأوامر مولاه وتارة هم شهوداً على فعل المعصية الذي يناهض الصواب من خلال بعد الآفاق عند تبصرة أحوال العمل وتحديد السلوك وأن الله سبحانه وتعالى رقيب من ورائهم حين يرى فعل الطاعة من بعد غير متناهي الوجود وله فيض سرمدي منه هبة لعباده عندما يرى الخير وتسمو آثاره النورانية إما العباد يرون العمل من خلال آفاق الأثر الملموس كدلالة على الحسن المعنوي للخير والبركة فعند ذلك يبتهلون لله تعالى على صدق العمل وصفاء النوايا ووثاقة الفعل وهذا دليل على التسديد الكامل من الواجد لما رأؤه صالحاً في أنفسهم وهو عوناً معنوياً للعباد على أزدياد الأجر والثواب ورفعة الدرجة وأحتلال منازل الأولياء الصالحين ويتم هذا النداء من قوة الآفاق وأبعادها المتنوعة
سادساً : بعد الألفاظ
هو عالم لغوي له بعد خاص قائم على حسن المعنى وتفضيل الصور البلاغية في أظهار المعنى المناسب وأستبعاد الجحود المطلق من الفحوى وأن كل لفظ له قصد يتناغم مع الحال ويوضح سلوكاً يطرأ على عباب مفهومي السلب والأيجاب من حيث الكلام نجد أن للفظ مرفأ لجزئية بسيطة يتقبلها البصير بماهي مستوحاة من فكره وتتلائم مع عقله ويغفل عنها تماماً إذا تأرجحت بين التمويه والأستعارة ويستدرج ذلك الفهم من الفحوى ولكن هذا التكيف لاينطبق على ذوي البصيرة أبداً ولاينطلي ذلك على تصور ما لأنه يسلب الغاية العلية منه
ومجمل القول عن منازل البعد فهنالك أبعاد ممتنعة عن الوجود ومحتاجة إلى تفصيل ولكنها موجودة من حيث جعل المعنى موصوفاً لها وصيرورة الآثار تثبت ذلك
والأبعاد الأخرى على سبيل الذكر والأجمال والمحتاجة إلى تفصيل هي
بعد الفكر
بعد العين
البعد الجزئي للذات
بعد التصور
بعد الأعتقاد
بعد الوجوب
وهذه الأبعاد تستلهم معانيها من بعد الوجود المطلق الذي لاتطرأ عليه آثار الزمان والمكان لأن الأشياء مستمدة أبعادها من وجوده الغير متناهي وهنالك أبعاد لم نذكرها لأن ذكرها محتاج إلى إيجاد السبب دون العارض التي يجب معرفة محمولها وماهية موضوعها لكي تفهم وهذا مايجعل الكلام متشعب ويخرج عن أدراك البعض وسلوك مقول منازل البعد الذي ينآى الشكوك ويعتني بالدلالات العقلية والنقلية وغيرها
الكاتب العراقي الأستاذ كريم حسن كريم السماوي