حسن رحيم الخرساني :
1 ـ
أنا معي أختلفُ في الرغبات..دجلةُ تعرفُني،
أما الفراتُ لا علاقةَ لهُ بجرائم الحرب،
هكذا أدخلُ،ثم أخرجُ للعالم.
قطرةُ مطرٍ تكفي لإبتسامةِ طفلٍ أفريقي يُعاملُهُ الموتُ بقساوةٍ لا مثيلَ لها أمامَ عدالتي.
أمي تقولُ:
أنتَ من مجرةٍ لا علاقةً لها بالأرض، لذلك ولدتُكَ في نور محبتي،
كنتُ أنظرُ إليكَ وكأنّكَ طيفٌ تطوفُ بهِ جنةُ قلبي،
كلُ هذا وسقطتُ في جهنم الخيانة
حين رمتْ بي قدماي خارج الوطن، وتركتُها ـ أمي ـ وهي تحرثُ بدموعِها وتفتشُ عني.
أنا مثلَ قدميّ ضحيةُ الحرب،
الحربُ التي أكلتْ رأسي قبلَ أنْ أفتحَ عيوني،
أكلتْ قامتي،ثم بصقتْ دخانَها في رئتيّ.
أنفاسي تقولُ:
لم أكُ يوماً أُشاهد طفولتي في محراب والدتي،
كذلكَ قلبي.
أمس
ألتقيتُ معلمتي في السويد،
قلتُ لها:
أنا لم أُدخن أبداً، ولم أشربْ الكحول،
أبتسمتْ لي بحزن،
ثم قالت:
(Jag tycker Synd om dig)أنا أشفقُ عليكَ
ضحكتُ وهمستُ في أُذنها:
بلْ أنا مَنْ يشفقُ عليكِ..إنّكِ في متاهة اللعبة، وأنا أفهمُها لهذا أنظرُ من بابٍ أخر.
ــ لا تصدقونني ـ
كم تمنيتُ أنْ أشربَ وأُدخن،
لكنّ عصا أبي تُطاردُني بالكلمات التي كنتُ لا أفهمها وإلى الآن!
الطريقُ متخمٌ بالتفكك ـ في بلادنا ـ
نحنُ جميعا ً أصنامُ تخلقُها الأعرافُ والتقاليدُ والدينُ والقانون ـ القانون ههههه ـ
القانونُ هو حبلُ المشنقة ِبيد الحاكم!
ـ في بلادنا ـ
أيّها الطينُ ..لماذا أنا فقط؟
جئتَ بي إلى هنا
وتحتَ هذه ِ الخيمة؟
¤¤¤¤¤¤
2 ـ
نحتاجُ نهراً من أقدامِ الأمهات
نهراً من أصابعِ الآباء
نهراً من دموعِ أطفالِنا
ونهراً من خسوفنا وكسوفنا كلَ يوم
كي نغسلَ أثوابَ الوطن
حتى يستيقظَ كأيِ وليدٍ سليم
حتى يستيقظَ بلا رمال
حتى يستيقظَ وعلى كفوفه ِ يرقصُ الحبُ والسلام.
السلامُ يرقدُ في المقابرِ الجماعية وهو مطمئن..أما هنا
لا مكانَ لهُ بيننا،
ـ نحنُ الكوارثُ اللاطبيعيةـ
لنا هدفٌ واحدٌ غائبٌ فينا
هدفٌ يابس يُكسرُنا ويلعبُ بنا أمامَ الغرباء!
نحنُ نلعبُ معَهُ
لأننا أهدافٌ أُخرى لأيد ٍ أُخرى!
جارتي العمياءُ لا تحبُ القطط
ولأنها عمياءُ
صمتتِ القططُ أمامَ سوادها.
وحينَ توفيتْ
كانَ أولُ المبتهجين بموتها صديقي السمين
رغمَ أنّهُ لا يمتلكُ قطةً واحدةً
لكنّهُ كانَ يكرهُ جارتي العمياء
ويحبُ أن ينامَ على صوتِ القطط!
الغريبُ هنا
القططُ لا تعرفُ أشواكَ الكراهيةِ
لكنّها تُحب!
وعليهِ
نحنُ نحتاجُ قططاً
كي تعلمَنا فنَ الحبِ
والتسامحِ،
تعلمُنا أنْ ننتمي لنا
قبلَ أنْ تسقطَ السماءُ على رؤوسِنا
في الليل!
¤¤¤¤¤¤