يعد عرض (ذات صباح معتم ) للمؤلف الشاعر عبد الرزاق الربيعي والمخرج طالب كحيلان من أعمال فرقة ظفار المسرحية المتميزة ، وقد قدمت الفرقة عددا من الأعمال، منها : مسرحية (مملكة الأشرار) ومسرحية (عيال الحارة) ومسرحية (أستار) ومسرحية ( الحقيبة) ومسرحية (الهاوية)….كما شاركت بعرض مسرحية (غيث السماء) في ألمانيا.
يتضمن هذا العرض مضامين عدة تنطوي على عدد من الأبعاد الفلسفية التي ترمز إلى غياب قرص الشمس، نتيجة ضياع الضمير الإنساني. حيث يفتتح العرض بصوت نشرة الأخبار التي تقول: ( إضراب الشمس عن الشروق هذا الصباح) ” النص، ص2″..وخرج رجل ليقول وهو في حالة هلع وفزع: ( الشمس ملت من الإقامة على أرضنا…كنا نختبئ عنها في جحور الأرض، ولم نهتم لأمرها، ولطالما لعناها في الصباح لأنها تفسد علينا نومنا) ” النص، ص3″ .
هكذا نجد أنفسنا أمام تساؤل كبير، وهو كيف يستطيع الناس التصرف في ظل غياب الشمس؟ .. وتتكشف الأحداث عندما يشعر الجميع بالاعتراف بعقدة الذنب. عقب ذلك تتوالى الأحداث من خلال خروج عدد من الشخصيات من عباءة الحدث الرئيسي، الذي ينبلج من تيمة “غياب الشمس” حيث نتفاجأ بظهور أكثر من شخصية تمثل تيارا فكريا، حيث برزت شخصية (الشيخ) الذي يدعو الناس إلى الحق وعدم ارتكاب الرذيلة، كما يدعوهم إلى الاعتراف بالخطايا كنوع من تطهير الذات ..لذا فإن في ذلك اليوم يجتمع الناس ويبدأ كل واحد منهم في سرد قصة ارتكابه للخطأ …على أمل يكون ذلك الاعتراف بمثابة تطهير الذات البشرية، حيث قال الشيخ في أحد المقاطع : ( إنها الساعة التي جاء ذكرها في الكتب السماوية)..” النص، ص7″.
كما شكل (غياب الشمس) إطارا عاما يختفي وراء عباءته عدد من الشخصيات، منها اللصوص الذين يتسللون خفية في جنح الليل مستغلين ظلامه الحالك بغية القيام بالسرقة، حيث يقول أحد اللصوص: ( دع الأمور لوقتها، المهم أن نستغل هذه الفرصة التي لم تتح لغيرنا).. ” النص، ص 17″ ..فيما يستغل رجال الأعمال غياب الشمس لتحقيق مآربهم التجارية مثل إقامة الملاهي الليلية، كما في المقطع التالي: ( التاجر: وما أهمية التجربة ما دام هدفنا أن نربح أكثر …إن ما نريد هو أن نستغل هذا الظرف لمدة قصيرة ثم نهجره إلى عمل آخر) ” النص، ص 21″. بينما يتقاطع حوار العراف مع الشيخ : ( العراف..ألم تسمعوا بالطوفان وغضب السماء ..إنها ستدوس مدينتكم إذا لم تصافحوا الشمس. الشيخ: إن الساعة قائمة لا محالة ..ستدمر المدينة ..أيها الرجال صدقوا هذا العراف واعملوا بما يقول) ” النص، ص 37″.
ثم يطلب الشيخ من أهالي المدينة أن يعترفوا بخطاياهم، حيث يقول في أحد المقاطع: ” هيا يا أبنائي ..اعترفوا ..الخطيئة مقدرة على البشر …اعترفوا لتعود الشمس لتعل رؤوسكم الجرأة والصراحة وسنغمض أعيننا، أما المخطئ فليصعد على هذه الصخرة وليدق برجله الحجر، عندها سنرفع أعيننا إليه لنستمع إلى خطيئته..) ” النص، ص 39″. وهكذا تستمر الشخصيات تدور في حلقات الحدث المتوالية في سرد تفاصيل الخطايا التي ارتكبها أهالي المدينة، التي ربما كانت من أسباب أفول نجم الشمس وضياع ضمير الإنسانية!
اشتغل المخرج على ” السينوجرافيا” العامة لتشكيل الأجواء التي ترتبط بالعتمة، لذا أوحت المشاهد بشيء من الهلامية المفزعة، التي كانت سببا في زيادة الإيهام لدى المشاهد، خاصة أن العرض يحتمل نوعا من الشاعرية الجمالية. وقد صور الديكور العام للعرض المسرحي مدينة تغلب عليها الألوان الداكنة التي تعكس معاناة الناس نتيجة سيادة ظلام الليل الحالك في عز النهار !
ولقد استخدم المخرج ” قناديل الكورلسين” المضيئة بغية أعطاء جمالية للعرض، حيث أنارت العرض، وأعطته توهجا أضاء الزوايا المعتمة عند غياب قرص الشمس. في حين جاء استخدام الدخان للإيحاء بضبابية المواقف الدرامية، إلا أن زيادة كمية الدخان حجبت الرؤية، كما تسبب ذلك في الشعور بالاختناق للجمهور خاصة في المقاعد الأمامية، ونأمل في العروض القادمة أن تختفي هذه الظاهرة في المسرح العماني، فهي تقليدية ولا تضيف شيئا يحسب للعروض المقدمة! …كما تخللت العرض الإضاءة التي تباينت في رسم الحدث ومواقف الشخصيات وخصوصا الشيخ الذي كانت تحيط به هالة من النور، التي تتباين بين اللون الأصفر والبرتقالي، مما زاد العرض توهجا وجمالا . في حين تباينت ألوان الإضاءة الأخرى، في تصوير المواقف الإنسانية وحالة الغليان التي تعيشها الشخصيات في هذه المسرحية.
وعلى مستوى المؤثرات الموسيقية، وظفت “آلة السكسفون” الموسيقية في تضخيم “الحدث التراجيدي” الذي يصور الليل الحالك وظلامه الدامس، مما ساعد في تصوير التوتر المشهدي، نظرا لما عرف عن هذه الآلة، بمقدرتها على رفع الإيقاع التراجيدي، ولكن المخرج لم يكتف بذلك، وإنما لجأ إلى استخدام المؤثرات الموسيقية الأخرى..ولو اكتفى بأنغام هذه الآلة لكانت أكثر تأثيرا في تصعيد الإيقاع وإعطاء المشاهد شاعرية أكبر بغية تلمس مفرداته الجميلة.
غلب على العرض الأداء الجماعي من خلال الحركة الاستعراضية للممثلين، والذين كونوا كورسا يتشكل حسب الأداء التمثيلي والاستعراضات الراقصة، وارتدى الممثلون “البشت الأسود” باستثناء الممثلة التي كانت ترتدي زيا نسائيا مختلفا…لذا جاء الأداء التمثيلي متماثلا، وعزف على وتيرة واحدة، باستثناء (الشيخ) الذي كان يرفع إيقاع العمل بين الفترة والأخرى. وبشكل عام، جاء مستوى الأداء في أطار قدرات المشاركين، التي كانت تحتاج إلى مزيد من التدريب على استغلال قدراتهم الابداعية. كما تم تقليص المشاهد في العرض عن النص الأصلي، مما جعل العرض يفتقد الوحدة العضوية بين أحداثه، لذا كانت هناك قفزات سريعة، جعلت المشاهد يدور في لج الحدث الدرامي بسرعة إلى أن تفاجأ بأنه وصل إلى خاتمة المسرحية، التي كشفت السر حول غياب قرص الشمس. العرض من بطولة الفنان محمد باشعيب و هشام اليافعي والفنانة الإستعراضية المغربية نادية عقيل و ممدوح اليافعي ومجموعة من أعضاء الفرقة .
وتبقى تجربة عرض مسرحية (ذات صباح معتم) تجربة فنية تتصف بنوع من الشاعرية والتحليق في عوالم الذات البشرية، الباحثة دائما عن مرافئ الحقيقة التي تبدو في أغلب الأحيان مغيبة، وتختفي وراءها الأقنعة التي رسمها البشر، لذا دارت في رحى المجتمع بشيء من المعاناة للبحث عن القيم والمثل التي غابت مع قرص الشمس ذات يوم!
يتضمن هذا العرض مضامين عدة تنطوي على عدد من الأبعاد الفلسفية التي ترمز إلى غياب قرص الشمس، نتيجة ضياع الضمير الإنساني. حيث يفتتح العرض بصوت نشرة الأخبار التي تقول: ( إضراب الشمس عن الشروق هذا الصباح) ” النص، ص2″..وخرج رجل ليقول وهو في حالة هلع وفزع: ( الشمس ملت من الإقامة على أرضنا…كنا نختبئ عنها في جحور الأرض، ولم نهتم لأمرها، ولطالما لعناها في الصباح لأنها تفسد علينا نومنا) ” النص، ص3″ .
هكذا نجد أنفسنا أمام تساؤل كبير، وهو كيف يستطيع الناس التصرف في ظل غياب الشمس؟ .. وتتكشف الأحداث عندما يشعر الجميع بالاعتراف بعقدة الذنب. عقب ذلك تتوالى الأحداث من خلال خروج عدد من الشخصيات من عباءة الحدث الرئيسي، الذي ينبلج من تيمة “غياب الشمس” حيث نتفاجأ بظهور أكثر من شخصية تمثل تيارا فكريا، حيث برزت شخصية (الشيخ) الذي يدعو الناس إلى الحق وعدم ارتكاب الرذيلة، كما يدعوهم إلى الاعتراف بالخطايا كنوع من تطهير الذات ..لذا فإن في ذلك اليوم يجتمع الناس ويبدأ كل واحد منهم في سرد قصة ارتكابه للخطأ …على أمل يكون ذلك الاعتراف بمثابة تطهير الذات البشرية، حيث قال الشيخ في أحد المقاطع : ( إنها الساعة التي جاء ذكرها في الكتب السماوية)..” النص، ص7″.
كما شكل (غياب الشمس) إطارا عاما يختفي وراء عباءته عدد من الشخصيات، منها اللصوص الذين يتسللون خفية في جنح الليل مستغلين ظلامه الحالك بغية القيام بالسرقة، حيث يقول أحد اللصوص: ( دع الأمور لوقتها، المهم أن نستغل هذه الفرصة التي لم تتح لغيرنا).. ” النص، ص 17″ ..فيما يستغل رجال الأعمال غياب الشمس لتحقيق مآربهم التجارية مثل إقامة الملاهي الليلية، كما في المقطع التالي: ( التاجر: وما أهمية التجربة ما دام هدفنا أن نربح أكثر …إن ما نريد هو أن نستغل هذا الظرف لمدة قصيرة ثم نهجره إلى عمل آخر) ” النص، ص 21″. بينما يتقاطع حوار العراف مع الشيخ : ( العراف..ألم تسمعوا بالطوفان وغضب السماء ..إنها ستدوس مدينتكم إذا لم تصافحوا الشمس. الشيخ: إن الساعة قائمة لا محالة ..ستدمر المدينة ..أيها الرجال صدقوا هذا العراف واعملوا بما يقول) ” النص، ص 37″.
ثم يطلب الشيخ من أهالي المدينة أن يعترفوا بخطاياهم، حيث يقول في أحد المقاطع: ” هيا يا أبنائي ..اعترفوا ..الخطيئة مقدرة على البشر …اعترفوا لتعود الشمس لتعل رؤوسكم الجرأة والصراحة وسنغمض أعيننا، أما المخطئ فليصعد على هذه الصخرة وليدق برجله الحجر، عندها سنرفع أعيننا إليه لنستمع إلى خطيئته..) ” النص، ص 39″. وهكذا تستمر الشخصيات تدور في حلقات الحدث المتوالية في سرد تفاصيل الخطايا التي ارتكبها أهالي المدينة، التي ربما كانت من أسباب أفول نجم الشمس وضياع ضمير الإنسانية!
اشتغل المخرج على ” السينوجرافيا” العامة لتشكيل الأجواء التي ترتبط بالعتمة، لذا أوحت المشاهد بشيء من الهلامية المفزعة، التي كانت سببا في زيادة الإيهام لدى المشاهد، خاصة أن العرض يحتمل نوعا من الشاعرية الجمالية. وقد صور الديكور العام للعرض المسرحي مدينة تغلب عليها الألوان الداكنة التي تعكس معاناة الناس نتيجة سيادة ظلام الليل الحالك في عز النهار !
ولقد استخدم المخرج ” قناديل الكورلسين” المضيئة بغية أعطاء جمالية للعرض، حيث أنارت العرض، وأعطته توهجا أضاء الزوايا المعتمة عند غياب قرص الشمس. في حين جاء استخدام الدخان للإيحاء بضبابية المواقف الدرامية، إلا أن زيادة كمية الدخان حجبت الرؤية، كما تسبب ذلك في الشعور بالاختناق للجمهور خاصة في المقاعد الأمامية، ونأمل في العروض القادمة أن تختفي هذه الظاهرة في المسرح العماني، فهي تقليدية ولا تضيف شيئا يحسب للعروض المقدمة! …كما تخللت العرض الإضاءة التي تباينت في رسم الحدث ومواقف الشخصيات وخصوصا الشيخ الذي كانت تحيط به هالة من النور، التي تتباين بين اللون الأصفر والبرتقالي، مما زاد العرض توهجا وجمالا . في حين تباينت ألوان الإضاءة الأخرى، في تصوير المواقف الإنسانية وحالة الغليان التي تعيشها الشخصيات في هذه المسرحية.
وعلى مستوى المؤثرات الموسيقية، وظفت “آلة السكسفون” الموسيقية في تضخيم “الحدث التراجيدي” الذي يصور الليل الحالك وظلامه الدامس، مما ساعد في تصوير التوتر المشهدي، نظرا لما عرف عن هذه الآلة، بمقدرتها على رفع الإيقاع التراجيدي، ولكن المخرج لم يكتف بذلك، وإنما لجأ إلى استخدام المؤثرات الموسيقية الأخرى..ولو اكتفى بأنغام هذه الآلة لكانت أكثر تأثيرا في تصعيد الإيقاع وإعطاء المشاهد شاعرية أكبر بغية تلمس مفرداته الجميلة.
غلب على العرض الأداء الجماعي من خلال الحركة الاستعراضية للممثلين، والذين كونوا كورسا يتشكل حسب الأداء التمثيلي والاستعراضات الراقصة، وارتدى الممثلون “البشت الأسود” باستثناء الممثلة التي كانت ترتدي زيا نسائيا مختلفا…لذا جاء الأداء التمثيلي متماثلا، وعزف على وتيرة واحدة، باستثناء (الشيخ) الذي كان يرفع إيقاع العمل بين الفترة والأخرى. وبشكل عام، جاء مستوى الأداء في أطار قدرات المشاركين، التي كانت تحتاج إلى مزيد من التدريب على استغلال قدراتهم الابداعية. كما تم تقليص المشاهد في العرض عن النص الأصلي، مما جعل العرض يفتقد الوحدة العضوية بين أحداثه، لذا كانت هناك قفزات سريعة، جعلت المشاهد يدور في لج الحدث الدرامي بسرعة إلى أن تفاجأ بأنه وصل إلى خاتمة المسرحية، التي كشفت السر حول غياب قرص الشمس. العرض من بطولة الفنان محمد باشعيب و هشام اليافعي والفنانة الإستعراضية المغربية نادية عقيل و ممدوح اليافعي ومجموعة من أعضاء الفرقة .
وتبقى تجربة عرض مسرحية (ذات صباح معتم) تجربة فنية تتصف بنوع من الشاعرية والتحليق في عوالم الذات البشرية، الباحثة دائما عن مرافئ الحقيقة التي تبدو في أغلب الأحيان مغيبة، وتختفي وراءها الأقنعة التي رسمها البشر، لذا دارت في رحى المجتمع بشيء من المعاناة للبحث عن القيم والمثل التي غابت مع قرص الشمس ذات يوم!