ليس من الصدفة أن يطالب أهالي مدينة المحرس التونسية والواعون بأهميتها بتحويلها إلى مركز ولاية ثان يحمل الثقل عن ولاية صفاقس الكبيرة.
فبرغم التهميش الذي طالها من قبل الحكومات المتعاقبة، فإن هذه المدينة الهامة تشتمل على أبرز الشروط لتكون ولاية بالتمام والكمال.
التاريخ:
انتصبت مدينة المحرس، حسب المؤرخين، على بقايا مدينة فينيقية قديمة تدعى «أوليس» بالقرب من مدينة رومانية اسمها «يونقا» أو «وونقة»، وسميت «محرس بن سالم» نسبة الى القائد الأغلبي علي بن سالم، وتعني كلمة «محرس» الحراسة والمراقبة، وهي من أهم المحارس في تونس في عهد الأغالبة المسلمين أتباع عقبة بن نافع.
المحرس تعتبر مهدا لحضارات عدة الفينيقية والرومانية والأغلبية والفاطمية والوندالية والبيزنطية، وذلك لأهمية موقعها الاستراتيجي الرابط بين الطريق الممتدة على الشريط الساحلي بين تونس وسوسة وصفاقس وبقية مدن الجنوب الأبية، كما أنها مبنية على شاطئ البحر مباشرة، حيث كان القادة قديما يمرون منها في اتجاه تونس أو ذهابا إلى ليبيا، فاعتبرت عبّارة مغاربية، وبحرها جعل منها عبّارة عالمية تستقبل كل وفود العالم للتجارة فيها أو دخول الجنوب التونسي.
فاحتضان البحر الأبيض المتوسط شرقا وغابات الزياتين التي تحدها من جل الجهات جعلها لوحة مختلفة عن جميع المدن تمزج بين الطبيعة وقوة التاريخ وحيوية التغيرات السكانية فيها.
يذكر أن بقايا الآثار التي أهملتها الدولة التونسية، مازالت موجودة إلى الآن رغم أنه تمّت سرقة أهم معالمها، حيث أن أول مسجد «الجامع الكبير» في المحرس بني سنة 148 هجري، كما أن قلعة يونقا الأثرية تعود إلى سنتي 574 و578 قبل الميلاد مثلما هو مذكور على حجارة مكتوبة باللغة اللاتينية وقد ضم حصن يونقا لوحات من الفسيفساء شبيهة بلوحات كنيسة صالونيك اليونانية.
الموقع:
تبلغ مساحتها 436 كم مربع وهي أكثر المعتمديات التابعة لولاية صفاقس أهمية من حيث التاريخ ومن حيث موقعها الإستراتيجي، فهي تضم ستة عمادات، وقد تجاوز عدد سكانها الـ 31000 ساكن وتجاوز عدد مساكنها 9000 مسكنا.
وتقع المدينة على ضفاف البحر المتوسط شمالا وغربا ويحدها من الشرق الطريق الوطنية الرئيسية 1 التي تحولت إلى طريق سريع بعد جملة من المشاريع الحكومية، وتضم سكة حديدية للقطار تربط صفاقس وتونس ببقية ولايات وضواحي الجنوب ودولة ليبيا.
شروط الحصول على صفة ولاية:
حرص أهالي المحرس على أن تكون مدينتهم متميزة وبعثوا فيها المشاريع وفروع الإدارات كالـ”كنام” صندوق التأمين على المرض وفروع البريد السريع وفروع البنوك المختلفة والمستشفى الحكومي والعيادات الخاصة والمدارس والمعاهد التي تستقبل جميع أبناء الجهات المجاورة للمدينة والمساجد والمحلات والمغازات والمقاهي والمطاعم والفنادق ودار الأيتام ودار العجز “مشروع قيد التنفيذ” وسينما “مهمشة” ودور ثقافة وشباب وملعب رياضي ومراكز ترفيهية، إضافة إلى احتوائها على آثر تاريخية قيمة ومدينة يونقة التاريخية وموقعها البحري الذي يجعلها منطقة ساحلية “رابطة بين الساحل الشمالي والساحل الجنوبي وبها شاطئ صالح لأن يكون قبلة سياحية جديدة” تستحق الالتفات لها والتوقف عن تهميشها.
مع الإشارة إلى أنها مركز فني يحتضن المهرجانات التشكيلية كل سنة.
—