في تواصل زماني، ومكاني، وتداخل مع العديد من فحوى ومضامين قصيدة “دجلة الخير” الشهيرة، ألّفَ الجواهري سيمفونية “أيها الأرق” مطلع الستينات وفيها ما فيها من صور وموحيات ورسوم بالأحرف الأنيقة الجزلى، فضلاً عن الرؤى والمواقف السامية العطاء:
مرحباً : يا أيها الأرق … فرشت أنساً لك الحدقُ
لك من عينيّ منطلق ، اذ عيون الناس تنطبق
لك زاد عندي القلق ، واليراع النضو والورق
ورؤى في حانة ِ القدر ، عتقت خمراً لمعتصِرِ
… و”أيها الأرق” هذه، التي نظمت في فترة الاغتراب الجواهرية الأولى ببراغ، تعج بلواعج لا تحصى، عاناها شاعر الوطن والأمة، المبتعد عن بلاده، أو المبعد عنها، ولا فرق.. كما انها تشكو المرارة النابعة من الضمير والقلب، وما أشدها على الغارق في حب الناس، والحياة، والتنوير:
خفقت من حولي السرجُ .. في الربى والسوح تختلجُ
ومشى في الظلمة البلجُ ، وقطار راح يعتلجُ
بضرام، صدرهُ الحرجُ ، فهو في القضبان ينزلج
كأنغام على وتر ، سُعلاتٌ ذبن في السحِر
وعوضاً عن استقراء لنا، أو لآخرين عن هذا النسيج الانساني – العاطفي، المعبر ِ عنه بألوان وظلال شعرية بالغة الصميمية والرقة، دعونا نتوقف عند بعض ما كتبه الجواهري ذاته،في قصيدته هذه، إذ يقول عنها:
“أيها الأرق … نداءٌ حيّ ، واستدعاءٌ صارخٌ مشوبان ِ بترحيب ٍ تلمسُ في كل ٍ منه حرارة َ الصدق ِ، وقوة الايمان، بمثل ما تنطوي عليه من حرارة ِ الألم ِ، وبمستوى قوة ِ البواعث ِ التي ابتعثته… وحيث كانت اشباحُ الغربة ِ تحومُ، عارية ً، مكشوفة ً بكل بشاعاتها، ورهبتِها، وبكل ِ الأحاسيس ِ والانفعالات ِ المسحوبة عليها، ومعها…”.
… ومرآة ً لذلك الذي النثر، لنقرأ شعراً هذه المرة، عزفاً جواهرياً لبعض مقاطع اخرى من سيمفونيته النابضة بصدى الألم والهضيمة، دعوا عنكم المواقف والرؤى:
أنا عندي من الأسى جبلُ ، يتمشى معي وينتقلُ
أنا عندي، وان خبا أمل، جذوة في الفؤاد تشتعلُ
انما الفكر عارم، بطلُ ، أبد الآبدين يقتتلُ
قائدٌ ملهم بلا نفر ، حُسرت عنه راية الظفر
ثم يواصل الجواهري تغزله بنديمه في ليالي الغربة، ووصَـفه لعذابات شاعر ٍ ، شاعر:
مرحبا: يا أيها الأرق، فحمة الديجور تحترق
والنجوم الزهرُ تفترقُ فيجر السابح الغرقُ
شفُ ثوبٌ للدجى خَلقُ ، وخلا من لؤلؤ طبق
ومشى صبح على حذر كغريب ٍ آب من سفر ِ
… بقي أن أقول ان قصيدة “أيها الأرق” التي تحدثنا عنها في السطور اعلاه ، ما هي سوى مقدمة فحسب، لمطولة شهيرة هي الأخرى، وباسم “يا نديمي” راحت أكثر تفصيلاً، ومباشرة، في الشكوى والنقد والانتقاد للتقاليد والأعراف السائدة في العقول والممارسات الاجتماعية، والفكرية، التي عانى الشاعر منها على مدى عقود، وعقود… رافضاً لها، وثائراً ضدها، ومنوراً أزاءها… وعند “نديم” الجواهري لنا وقفة أخرى في كتابة قريبة …
jawahiricent@yahoo.com
مرحباً : يا أيها الأرق … فرشت أنساً لك الحدقُ
لك من عينيّ منطلق ، اذ عيون الناس تنطبق
لك زاد عندي القلق ، واليراع النضو والورق
ورؤى في حانة ِ القدر ، عتقت خمراً لمعتصِرِ
… و”أيها الأرق” هذه، التي نظمت في فترة الاغتراب الجواهرية الأولى ببراغ، تعج بلواعج لا تحصى، عاناها شاعر الوطن والأمة، المبتعد عن بلاده، أو المبعد عنها، ولا فرق.. كما انها تشكو المرارة النابعة من الضمير والقلب، وما أشدها على الغارق في حب الناس، والحياة، والتنوير:
خفقت من حولي السرجُ .. في الربى والسوح تختلجُ
ومشى في الظلمة البلجُ ، وقطار راح يعتلجُ
بضرام، صدرهُ الحرجُ ، فهو في القضبان ينزلج
كأنغام على وتر ، سُعلاتٌ ذبن في السحِر
وعوضاً عن استقراء لنا، أو لآخرين عن هذا النسيج الانساني – العاطفي، المعبر ِ عنه بألوان وظلال شعرية بالغة الصميمية والرقة، دعونا نتوقف عند بعض ما كتبه الجواهري ذاته،في قصيدته هذه، إذ يقول عنها:
“أيها الأرق … نداءٌ حيّ ، واستدعاءٌ صارخٌ مشوبان ِ بترحيب ٍ تلمسُ في كل ٍ منه حرارة َ الصدق ِ، وقوة الايمان، بمثل ما تنطوي عليه من حرارة ِ الألم ِ، وبمستوى قوة ِ البواعث ِ التي ابتعثته… وحيث كانت اشباحُ الغربة ِ تحومُ، عارية ً، مكشوفة ً بكل بشاعاتها، ورهبتِها، وبكل ِ الأحاسيس ِ والانفعالات ِ المسحوبة عليها، ومعها…”.
… ومرآة ً لذلك الذي النثر، لنقرأ شعراً هذه المرة، عزفاً جواهرياً لبعض مقاطع اخرى من سيمفونيته النابضة بصدى الألم والهضيمة، دعوا عنكم المواقف والرؤى:
أنا عندي من الأسى جبلُ ، يتمشى معي وينتقلُ
أنا عندي، وان خبا أمل، جذوة في الفؤاد تشتعلُ
انما الفكر عارم، بطلُ ، أبد الآبدين يقتتلُ
قائدٌ ملهم بلا نفر ، حُسرت عنه راية الظفر
ثم يواصل الجواهري تغزله بنديمه في ليالي الغربة، ووصَـفه لعذابات شاعر ٍ ، شاعر:
مرحبا: يا أيها الأرق، فحمة الديجور تحترق
والنجوم الزهرُ تفترقُ فيجر السابح الغرقُ
شفُ ثوبٌ للدجى خَلقُ ، وخلا من لؤلؤ طبق
ومشى صبح على حذر كغريب ٍ آب من سفر ِ
… بقي أن أقول ان قصيدة “أيها الأرق” التي تحدثنا عنها في السطور اعلاه ، ما هي سوى مقدمة فحسب، لمطولة شهيرة هي الأخرى، وباسم “يا نديمي” راحت أكثر تفصيلاً، ومباشرة، في الشكوى والنقد والانتقاد للتقاليد والأعراف السائدة في العقول والممارسات الاجتماعية، والفكرية، التي عانى الشاعر منها على مدى عقود، وعقود… رافضاً لها، وثائراً ضدها، ومنوراً أزاءها… وعند “نديم” الجواهري لنا وقفة أخرى في كتابة قريبة …
jawahiricent@yahoo.com