بتوقيت الاعتدال الربيعي ،تحت سماء عراقية صريحة الزرقة وآذار اكتملت فيه اناقة الازهار.. قرر الحالمون ، ان يتوقفوا عن شتيمة الظلام وان يستقبلوا الليل بوردة (ملكة الليل )..ويقطفون من الرمان زهراته ويعلقونها في عروة السترة ، أو يقدمونها لحبيباتهم . ومن كافة الاسلحة ،تدربوا على الكمان والعود والناي ..فأتسع الفضاء وتدلت النجوم صاغية مصغية لليوم الاخير من آذار 1934..كانت روحهم الجماعية عذراء وهذا خطأهم الاول وسيكون …التاريخي .. هؤلاء الذين أثلوا الدرس الاجتماعي الاول ، لم يمتهنوا اللافتات الصوتية ، لم يحترفوا السجن مهنة ولاالموت علامة فارقة لخطواتهم ..هؤلاء الذين يحبون الحياة أكثر من اعمارهم ..هؤلاء الذين اجترحوا الدرس الاول الاجتماعي بخطواتهم واذرعتهم في فضاءات : الادب والفن والعلم والترجمة والاصدارات الجديدة وريادة القصيدة الحديثة ..ليس لكدحهم السياسية : عطلة صيفية ولايحيل الكادح فيهم نفسه للتقاعد ..من كل مكان والى مابعد الآن يتأرج عطرهم الزكي، في القيادة الاولى للحزب تجسد العراق بتعايشه السلمي بين الاديان والطوائف ..لم يمسرحوا حياتهم بل عاشوا كالهواء الطلق ، ليسوا ضد الاناقة ، لكن يخشون على النضال من الافندية والعكس صحيح ايضا .خاطبوا الناس بالبسيط من الكلام ، فصار البسيط تعويذة الفلاحين والعمال والكسبة والمرأة : :صار البسيط سلمها الى سراج الوعي ..ساهموا بصيانة الذاكرة النضالية للشعب بالاغاني فأتهمتهم السلطات ومشتقاتها (بإشاعة ثقافة الوعي وإزالة الاستيحاش بين اطراف العراق الممتد قوميات وطوائف وأديانا ) ولم يكتفوا .. بل بادروا وتحولوا (مانعة صواعق الحركة الوطنية العراقية).. ساهوا ويساهمون بكل تحولات الثقافة العراقية ..وهم يتقدمون، لم يشطبوا المبادرة الاولى في حراثة المجتمع العراقي ،بل انحنوا لكواكب الحلقات الماركسية بزعامة حسين على صائب الرحال والأديب محمود أحمد السيد والكاتب مصطفى علي وعوني بكر صدقي وعبدالله جدوع ومحمد سليم وابراهيم القزاز وكمال صالح ومحمد البياتي وميخائيل تيسي ..وغيرهم..منذ تلك الخطوات الى مابعد الآن ما ان تقول مفردة (شيوعي) حتى يتكاثر المعنى ،فالشيوعي تعني الوطني ، الأمين ، المثقف ، النصير المقاتل، المؤتمن ،الغيور..هذه الانزياحات للمفردة ، تستفز الراهن العراقي على مستوى الكراسي ، لكن الشارع الآن اثبت بطلان الادعاء القائل : ليس في الحزب الشيوعي ، سوى كبار السن ..
—