تعتبر الروائية السورية نجاح ابراهيم واحدة من اهم الروائيات اللاتي عملن بجد، فمنذ وقت مبكر كانت مسيرتها مع الادب، كتبت في كل الاجناس الادبية ولم تستقر على جنس معين، الا انها ابدعت في الرواية والقص وحصلت على جوائز عدة ومشاركات عربية كثيرة..التقتها مجلة بصرياثا الثقافية الادبية وكان لنا معها هذا الحوار:
س1- بماذا يمكن تسميتك ، الشاعرة، أم القاصّة، أم الرّوائية، أم الناقدة؟
ج- في كلّ مرحلة كنتها، مرّة شاعرة ، ومرّة قاصة ، و… فذات وقت استهللت البدايات بالقصيدة النثرية، فتفتحت أزهار السّرد كدوائر الماء في فجر فضيّ، ومكثتُ طويلاً في رحاب القصّة مع إصدار عدد من المجموعات القصصية، ثمّ وجدتُ أفكاري المتوالدة يضيق عليها أفقُ القصّة ، فمددتُ بساطي على مدى الرّواية زمناً، حتى نَمت تجاربي وتغازرت فاستوى حبري على النقد الأدبي، وأسلست القياد للدّراسة، ثم المقالة .
كذا وجدتني في كلّ جنس أدبي، أفتح جراري ترحيباً يدفعني كي أعطي، وأعطي ، وما زلتُ أعود بخطوي عاشقة إلى كلّ محطة غادرتها وقتاً ، لأكونها من جديد وأبذل حرفي في مداراتها القصية. فسمني ما شئت بعد أن قلت ما لدي .أطلق عليّ شاعرة هزّها القصّ، وقيل روائية تسرد الأحداث شعراً، وهكذا …لا أستطيع التملص من جنس أدبي لصالح آخر. كلما أردتُ الكتابة تتغاصنُ الأجناس مع بعضها بعد أن تنحلّ في أكواب لهفتي للكتابة كما السُّكر.
س2- إشكالية تسويق الأديب العربي مازالت قائمة ، كيف يمكننا أن نسوّق أعمالنا الأدبية في وقت مازالت بعض البلدان العربية خطراً على بعض الأسماء والمؤلفات؟
ج- حقيقة إنّ الأديب العربي مخنوق بهواء البلاد، والدويّ العاصف نادراً ما يجعل صوته مسموعاً ، ومع ذلك عليه أن يبذل قصارى جهده ليقول أنا هنا، أنا كاتب من هذه البلاد التي ما فتئت تقمع حرفي.
تسوّق أعمال من يكون داخل السّرب ، ومن يمدد رأسه خارجاً بنصّ أو بجملة ، يُقتصُّ منه، فيُشطب من اللائحة ، وتبقى مؤلفاته في العتمة والبرودة تسند جدران المستودعات .الكاتب في البلاد محترقاً، كمن يحمل الجمرة في كفه ، أو يكون مثل سيزيف حاملاً لعنة الكتابة والأرق بكمّ خاو ، وهذا أفضل من عودته بروح خاوية كما يقول الشاعر ” ميخائيل كونين”.
س3- هل استطاعت الأديبات العربيات اختراق حاجز الهيمنة الذكورية على الاتحادات العربية؟
ج- قبلُ، لم يكن هناك أدنى تقدير لسعيها، وحين أرادوا أن تلتحق بركب التطور ، طعّموا الوجود بها ، فنصبوها نجمة في سماء ليست وحيدة فيها. كان زميلها الأديب يسرق المكان الأرحب. استطعت ان احصل على منصب ” رئيس فرع ” بعد رغبة في أن أخوض غمار الشوك ، وصلت بها إلى لآخر الجنون ، ولكن بصمت وإبداع ، فأنا لا أجيد القتال ، ولا اعرف كيف أخرج صوتي من حنجرتي. حوربت كثيراً ، وما نظرت إلا إلى الأمام. الكاتبة تعاني من الهيمنة الذكورية نتيجة قلة عدد الكاتبات نسبة إلى عددهم ، وأيضاً عدم إتقانها ممارسة اللعبة الانتخابية . أنتظر زمناً كي تستسلم منصب رئيس اتحاد الكتاب العرب في قطر ما، أو استلام منصب الأمين العام لاتحادات الأدباء العرب ، ولأرى كيف تجرى الأمور.
س4- في روايتك ” عطش الإسفيدار” عالجت فكرة هجرة العقول كان ذلك عام 2004، ومازالت الهجرة موجودة ، ما مدى تأثير الأدب على المجتمع العربي؟
ج- كأننا ندور حول رحى قديمة! يطحننا الغثيان مما يتكرّر، ويعصرنا الألم مما يحدث ، لم تتسع البلاد للعقول المبدعة، كانت كظلام السجون أو برودتها ، فخسرنا الكثير وما زلنا نخسر أكثر. المبدع هنا لا يُبحث عنه، ولا يُفتح له طريقٌ ليمشي فيه مرتاحاً ، مزهوّاً ، المبدع يُقتل ،او تكسر أحلامه ببرود أعصاب، خاصة بيد من هم في موضع القرار.
هذه القضية أثرت بي جداً ، فكانت ” عطش الإسفيدار” تشي بالهجرة، فتضاعف الألم حين تستنزف هذه العقول في الخارج، بل وتُغتال. الأدب في الوطن العربي بإمكانه أن يُسهم في انقاذ المجتمع من الآفات، لكن أين هو من يقرأ ؟ أين القادة الذين يقرؤون، فيكتشفون الخلل من خلال ما يُبدع الكتاب؟ أين هم ليلتفتوا إلى شعوبهم ، وينقذونها ؟! كان لينين يعرف أحوال الناس من خلال قراءته للأدب الرّوسي. يكتشف المعاناة ويذلل الصعاب.. أمّا نحن بعيدون عن الاكتشاف والسعي وراء نصّ نستدلُّ به على مشكلات مجتمعاتنا، وإن حصل ورأيناه ، فإننا نغمضُ أعيننا ونمضي .
إنها المأساة..
س5- كيف تختارين عناوين كتبك؟
ج- أحبُّ أن يجيء العنوان متفرّداً، مُغايراً، وأن ينمّ للقارئ الذكي عما في داخل النصّ أو الكتاب. عناويني تأتي لاحقاً للنصّ، وأحياناً تأتي مع الفكرة، فتكون بوابة ، وأفضّل أن تكون ذات إيحاء ودلالات لأنها بحدّ ذاتها تشكلّ نصّاً، وأن تحوي على الكلمة الجاذبة للبحث والتأمل وتفيد القارئ في كلّ حال.
مثلاً: عنوان ” أحرقوا السّذاب لجنونها ” لمجموعة قصصية تحمل هذا العنوان ، تكتظ بالروح الصوفية، بلغتها، وبأجواء الروحانيات الخالصة. فالسّذاب هو البخور، الذي يحرقه المتصوّف، وما الجنون هنا سوى الفكرة اللاهبة التي تحرق مراحل العشق كي تصل إلى غياب العقل. وقسْ على ذلك عنوان” لم ائتلاق الهوما” و” نداء القطرس” و” الأجراس وقيامات الدّم” ..الخ
س6- لكلّ أديب طقوس خاصة في الكتابة، ماهي طقوس الروائية نجاح إبراهيم؟
ج- حقيقة أنا لا أكتب إلاّ إذا كنت حزينة، أو منكسرة، أو متألمة، وأرغب في أن أتوازن مع هذا الحِمل الثقيل ، وأيضاً لنداء في داخلي، يصرخ:” أن كوني” ولأنني لا أعرف الفرح جاءت كتاباتي غزيرة كما يقال. فبعد أن تدور الفكرة في رأسي أسجّلها ، وأواريها ، ثم أحبس نفسي معها وأبدأ بالنواح، بينما تختار هي شكلها. فينهمر الحبر وأبدأ مرحلة الألم الأصعب. وأثناء هذا التخلق أحبّ أن تحاط بي رائحة العطر ، تأتيني من غير مكان ، وحين انتهي من الكتابة بمراحلها الاولى لا أرغب في الطعام أبداً ، حتى لو كنت صائمة ، إذ أحسّ بالتعب ، فأستجدي نوماً لأنهض فتحاً جديداً.
• الروائية السورية نجاح ابراهيم سيرة ذاتية:
• اديبة سورية ترأست فرع اتحاد الكتاب العرب في الرقة لدورتين متتاليتين.
• فازت باحدى عشر جائزة على مستوى سورية والوطن العربي في مجالي القصة والرواية.
• لها 15 اصدار
• ترجمت بعض اعمالها الى الفرنسية والتركية والارمنية وتترجم روايتها مازال الحلم قائما الى الفارسية وكذلك فصل من روايتها عطش الاسفيدار الى الفرنسية.
• فازت بجائزة تشوقوروفا العالمية للابداع عن مجمل منجزها الأدبي.
• اصدارتها:
• المجد في الكيس الاسود قصص 1992
• حوار الصمت قصص
• اهدى من القطاة قصص
• ما بين زحل وكمأة قصص
• احرقوا السذاب لجنونها قصص
• عطش الاسفيدار رواية
• لمن اءتلاق الهوما قصص
• ايمار رواية
• الأجراس وقيامات الدم قصص
• نداء القطرس قصص
• ازهار الكرز قصص
• اصابع السرطان دراسات نقدية
• سادنات السرد دراسات نقدية
• ما زال الحلم قائما رواية
• تناول النقد ادبها وجاء النقد ضمن كتب ابداعها وهي متوفرة في المكتبات العربية ، كما نشرت دراسات عنها في الصحف والمجلات العربية.
• لها نص تدرسه وزارة التربية بعنوان زيارة مكتبة للصف السابع.
• شاركت بعدة مهرجانات في دول عربية منها الكويت مرتين بدعوة من مجلة العربي في ندوتها السنوية وبدعوة من رابطة الادباء في الكويت والى تركيا ثلاث مرات والى لبنان عام 2004 للمشاركة في ندوة ادبية والى ليبيا عام 2009 وشاركت في مؤتمر العالم في مواجهة العنف والتطرف في طهران.
حكمت في العديد من الجوائز المحلية والمسابقات الادبية.
—
لدي سؤال: هل كتبت عن الازمة السورية؟