فاطمة جمالي إعلامية تونسية عرفت بعملها الدؤوب ورصانتها وعفويتها، ووراء هدوئها ستتمعن عند الحديث معها، بجنون اهتمامها بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة العربية.
تخرجت فاطمة من معهد الصحافة وعلوم الإخبار، منوبة_ تونس، لتدخل بذلك عالم السلطة الرابعة وتبدأ في مسيرتها المهنية التي كللت في أغلب الأحيان بالنجاح.
وفاطمة من بين الكثيرين في تونس الذين اختاروا الاغتراب لضمان مستقبل أفضل، فقد تركت تونس ومسقط رأسها حمام الأنف بحثا عن فرصة أفضل، كغيرها من الإعلاميين التونسيين الذين حققوا نجاحا في الخليج.
وفي هذا الحوار تفتح فاطمة صدرها لقراء الأمة العربية بعفويتها وقصصها وعبرها التي لا تنتهي:
كيف جاء دخولك إلى مجال الإعلام؟
منذ طفولتي قررت أن أكون صحفية لذلك في كل مراحل دراستي هدفي كان دخول معهد الصحافة وعلوم الإخبار وهو ما حدث بالفعل.. بمعنى أن دخولي للإعلام كان مبرمجا منذ الصغر.
حدثينا عن تجربتك في تونس وفي دبي ؟
تجربتي في تونس كانت قصيرة المدى، فقد عملت لفترة قصيرة في إذاعة موزاييك ثم قناة نسمة (أيام ستار أكاديمي المغرب العربي)، ومن ثم تلقيت عرض عمل في دولة الإمارات، حيث عملت في شركة أبوظبي للإعلام وفي مجلات عربية ضخمة (سيدتي – ماري كلير – انفنتي أبوظبي)، كما عملت محررة للقسم الاقتصادي في وكالة طومسن رويترز، وعملت مراسلة للعرب اليوم، وعدة مواقع وجرائد عربية.
ثم توجهت للإذاعة واشتغلت في راديو “عسلامة دبي” التونسي وراديو “صوت العرب” وحاليا أقدم برنامجا جديدا في “يو اس آرب ميديا” بعنوان (إبداعات نسائية)، وهو يبث للجالية العربية في أميركا وفي الوقت ذاته أنا محررة أولى لوسائل التواصل الاجتماعي في شركة الصايغ ميديا التي تعتبر أحد أهم وكالات الاتصال، التواصل المؤسسي والتطوير الرقمي والتصميم الإبداعي وإدارة الفعاليات في الإمارات والخليج العربي.
قدمت البرامج الاجتماعية، الترفيهية، والشبابية ورأيناك حاضرة في التحليل السياسي .. فأيهم أقرب إليك؟
في الواقع رسالة كل صحفي إيصال المعلومة للجمهور، مهما كانت نوعية الخبر.. وشخصيا أشعر أن البرامج الهادفة سواء كانت سياسية، اقتصادية أو اجتماعية هي الأقرب إلي.. المهم أنها تقدم للجمهور معلومة مفيدة وحقيقية بغض النظر عن أسبابها وتداعياتها.
كيف تعدين لحلقات برامجك؟
كوني معدة ومقدمة جميع برامجي فهو أمر يساهم في انسيابية الحلقة، فأكون على علم بكل التفاصيل من ضيوف وحوارات وأسئلة، أتواصل مع ضيوفي وأسجل اللقاءات في أغلب الأوقات بسبب فارق التوقيت بين أميركا عن الإمارات وفي بعض الأحيان تكون لدي مداخلات من كل الدول العربية في برنامج “مراسلون” فأضطر لمراعات فارق التوقيت وما يتناسب مع الضيوف.
هل لك بعض الحدود التي تحرصين على عدم تجاوزها في برامجك؟
دائما أقول أن أمي أهم مستمع وناقد لي، فبطبيعة الحال لا أتجرأ على خوض موضوع قد يجعلها تتذمر
أولا وأخيرا جمهوري من العالم العربي، لذلك يتوجب عليا تفهّم طبيعة المجتمع وحدوده. أنا لا أتكلم هنا عن حرية التعبير أو التطرق لبعض المواضيع الحساسة، وإنما عن التقنيات والمفردات المستخدمة عند تناول موضوع ما سواء استعمال ألفاظ جارحة أو استغلال بعض الضيوف أو حتى الدفع لهم لتبني رأي محدد كما نشاهد للأسف في العديد من المنصات الإعلامية.
ما رأيك في الإعلام التونسي والعربي اليوم؟ كيف تجدين هذا الكم الهائل من القنوات الجديدة والمواقع الإلكترونية؟
كثرة منصات وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام البديل جعل المشهد الإعلامي في العالم العربي يعج بالوجوه لدرجة التخمة، ونفس الأمر حصل في تونس ما بعد الثورة انفتح المجال الاعلامي أكثر وكثرة المؤسسات سواء الإذاعات الخاصة أو القنوات جعل المجهود عند الصحفي أو المذيع مضاعف ليثبت نفسه أمام هذا الكم، لكن في أحيان كثيرة للأسف يقع المذيع في فخ ما نسميه السبق أو الـ”بوز”.
وفي تونس مثلا نشر بعض الصحفيين تفاصيلا حول عمليات أمنية دون الانتباه إلى أن مثل هذه الأخبار قد تمس بسلامة جنودنا ورجال الأمن، ونشر أخبار قبل التأكل من صحتها أو من مصدرها .. من الأمثلة التي أعيبها فعلا على بعض الزملاء.
أنت خريجة معهد الصحافة .. ماذا أضاف لك وهل لديك موقف من عمل موهوبين من غير أبناء المعهد في مجالك؟
أنا أؤمن أن العمل الإعلامي موهبة ولكن لا يمكن الابداع فيه أو في أي مجال آخر دون التأطير البيداغوجي واكتساب التقنيات والمهارات المفصلية فيه بالتعلّم الأكاديمي. فعشقي مثلا للهندسة لن يجعل مني مهندسة.
وهذا ما قدمه لي معهد الصحافة، صقل موهبتي وأطّر شغفي بالمجال ووضعني على الطريق الصحيح للإحتراف.
وعلى مدار 8 سنوات عمل، قابلت أسماء كثيرة لم تدرس إعلام مثلا كانوا في العلوم السياسية أو اللغة العربية أو حتى مجال علمي، وفعلا كانوا مبدعين في عملهم.
ماهي المميزات التي أضافتها لك برامجك الإذاعية وحضورك على قنوات التلفزيون؟
الإذاعة رابط حساس جدا يربط بين المذيع والمستمع، بدون أي تأثيرات بصرية من إضاءة ومكياج وديكور، طالما تصل إلى قلب المستمع عبر الإذاعة فتأكد من وصولك إلى الجمهور في أي وسيلة تطل منها سواء مكتوبة أو مرئية.
ماهو جديدك حاليا من حيث البرامج التي تقدمينها ؟
منذ شهر تقريبا بدأت برنامجي الجديد (إبداعات نسائية ) على يو اس آرب راديو وهو برنامج أسبوعي يُعنى بإنجازات المرأة العربية في كل أنحاء العالم من مشاريع أو قوانين أو أحيانا لمحات تاريخية على نساء غيرن مجرى التاريخ وتركن بصمة به.
ما الصفات الواجب توافرها في المذيعة الناجحة، والصفات التي يجب التخلي عنها؟
أولا يجب أن تتوفر لديها الموهبة، الكاريزما، ، الحضور والإطلاع باستمرار على مستجدات الأحداث وعدم الاكتفاء بما يخص برنامجها فقط..
وفي نفس الوقت يجب على المذيعة الناجحة أن لا تكون مغرورة، فالغرور هو العدو الأول للنجاح في أي مجال.
أكثر الصفات التي تعتزين بها في شخصية فاطمة الجمالي؟
الطموح
رأينا فاطمة الإعلامية دخلت مجال كتابة السيناريو في وقت سابق حدثينا عن التجربة؟
صحيح، السيناريو هو لفيلم وثائقي بعنوان الأرخبيل يتحدث عن ثنائية الحياة في جزيرة بوكت التايلاندية التي تعتبر واحدة من أجمل جزر العالم لكن سكان المنطقة لا يستمتعون بجمالها نظرا لظروف الحياة الاقتصادية والفقر.
هل تفكرين في دخول مجال آخر غير الاعلام؟
لا أعتقد أنني سأنجح في مجال غير الإعلام، أنا مثل السمك أموت خارج الماء.
كلمة لا توجد في قاموس حياتك أو مثل شعبي تؤمنين به؟
الفشل غير موجود في قاموسي لأن كل التجارب التي يمر بها الإنسان لها نتيجتان لا غير : إما النجاح أو التعلم.
أنت كمشاهدة .. أي أنواع البرامج تستهويك ؟
طبعا أحرص على مشاهدة الأخبار باستمرار، لكن لا يوجد برنامج معين أتابعه، لأن أوقات فراغي محدودة وعند وجودها أسعى أكثر للقراءة.
أكثر شخصية نسائية تأثرت بها على المستوى الشخصي؟ ولم؟
أمي هي أيقونتي، لأننا في طفولتي مررنا بأوقات فعلا صعبة بعد وفاة والدي، لكنها امرأة ذات شخصية قوية وصبورة ولها درجة عالية من حسن التدبير، فبفضل صبرها استطاعت تربية 8 أطفال بنجاح والحمد لله.. وأعتقد أن وجودها في حياتي كان له الدور الرئيسي في رسم ملامح شخصيتي القوية والمستقلة.
بم تنصحين المرأة الطموحة؟
أنصحها بالاستمرارية وعدم التخلي عن أهدافها وأحلامها مهما تأخرت النتائج.. طالما الطموح موجود فالوصول للغاية آت لامحالة.
—