حنان العشماوي :
ها انت أقبلت يا عيد مصطحباً معك لفافة هدايا كبيرة
ابتسمت ملء الفم ابتسامة أضاءت الوجه
ترى من تذكرنى فأرسل لي معك هدية
اقبل هادئ الخُطى وعلى الملامح ابتسامة غامضة لا تحمل اي معنى
تفضل أيها الضيف المبارك
منذ متى لم يطرق الباب زائر
اهلًا ومرحباً
دخل على استحياء وجلس على مقرُبة من الباب
قائلا اخشى ان يزعجك قدومي
رددت هات ما فى جعبتك كم اهف للهدايا
أجابني بهدوء انها ليست هدايا بالمعنى المفهوم
إنما هى ذكريات أرسلها إليك من رحلوا بعيدا علك تأتنسين بها
نظرت اليه وقد بُهت من الدهشة لم افهم
بدأ فى فتح اللفافة وناولني منها عدة شمعات عطرية مختلفة الالوان والأحجام والروائح
وأضاف
كل واحدة من تلك الشمعات تحمل لك ذكرى جميلة مع غائب او راحل
إشعليها وانعمي بلحظات من السعادة الراقدة فى غيابات النفس
قالهاواختفى تاركاً وراءه حديقةً من الشموع الملونة أسعدتنى الوانها بالرغم انى لم افهم تماما ما المقصود من وراء الهدية وأي واحدة أُشعلها قبل الثانية
لذا قررت ات أضعها فى كل انحاء المكان وأُشعله احدة وراء الاخرى
رتبت وضعها فى أماكن متفرقة مرتفعة فوق أرفف المكتبة وأخرى على الطاولات وتنقلت بينهم أُشعل احدة تلو الاخرى
فى البداية لم يحدث شئ
ثم ما لبست الشعلات تتأرجح ويفوح منها اثيرٌ ناعم جميل من ورد وياسمين وريحان ولاڤندر
وبدأت المح خيال اطيافٍ على الحوائط تتحول الى لمحات من نور للحظة رأيتني طفلة صغيرة فى يوم عيد
ارتدى ثوبا بلون السماء والشعر مسدل خلف الظهر وباليد دمية قطنية لراقصة باليه ذات خصلات برتقالية يسود الوجه القطني نقاط نمش نعم انها انا وتلك دميتى للعيد وابى يقف امامى مبتسما لابتهاجى
فجأة
أنطفئت تلك الشمعة وتلألأت اخرى فكنت انا فى دائرة الضوء وبيدى حقيبة ملآى بالقصص المختلفة انه عيدٌ آخر وانا مع آختى نسير خلف ابوانا وكلٌ منا تحمل بيدها ما ابتضعته من المكتبة ومحل الألعاب بالعيدية التى حصلنا عليها من الأهل والأقارب
اختى انتقت علبة من الخرز الملون وأنا مجموعة من قصص المكتبة الخضراء لم يكن هناك فى هذا العالم من هو اسعد منى وها هو وجه امي الباسم الممتلئ قليلا تنظر إلينا بكل الحب والسعادة
بدأت الشعلة فى التأرجح والخفوت ثم خبت
انتابتني غصة ألم إنتظروا لم اكتفى من النظر الى الوجوه المشعة بالسعادة
ترقرقت دمعة حزن مالبس ان تحولت الى دمعة فرح
انها شمعةأخرى تلقى بضوء لهبها على حائط آخر انها ليلة عُرسي تحيط بى الصديقات وتقترب منى الخالة الحبيبة فتحيط عنقى بعقدها الماسي وتبتسم انت اليوم آميرة فاسعدى ايتها الاميرة بكل ما حولك
وتطبع على جبيني قبلة اشعر بدفئها للحظة ويسود الظلام
أُسارع فالتقط الكبريت بأصابع مرتعشة اريد ان التقط اكثر من تلك الذكرى ولكن هيهات فقد ذابت الشمعة كما ذابت ما سبقتها ولم يبق امامى سوى شمعة واحدة
إلتقطُها
احتضنتها الأنامل خوفاً على آخر ذكرى
تُرى ما تكون تلك الذكرى المختبئة وهل اريد ان أشعلها هى الاخرى
ظللت على حالى برهة ليست بالقصيرة الى ان استبد بي الشوق لأن أحظى ببضع لحظات من سعادة غائبة
أشعلت الشمعة الاخيرة وها هو حبيبي الغائب وقد ارتدى رداءً اسود فضفاضا فوق بذته الأنيقة
فوق الرأس قبعة الاستاذية الصغيرة يناقش رسالته العلمية وانا أصفق والقلب يُزغرد بكل ما فيه من دماء
صغيرى الحبيب أستاذا ً يفخر به القلب والعقل والروح يالها من لحظات حفرت سعادتها فى وجدانى كم أتوق لضمه الان بكل ما أوتيت من قوة
أُخبره كم أوحشنى ، كم طالت الغيبة
اغلقت جفونى على الذكرى ارفض ان تهرب منى او تغيب
ثم فتحتها بعنف حين اشتد طرق الباب
لأنظر حولى واجد فنجان الشاى قد برُد وما تزال الكعكات المجاورة له راقدة فى سكون
استمر الطرق قمت بسرعة لأرى من بالباب ايكون هو حامل لفافة الهدايا
فتحت بابى لأجد بضعُ صغار يهتفون كلهم بصوت واحد الكرة وقعت فى حديقتك
ابتسمت الى الوجوه الصغيرة
بعد ما ناولتهم مبتغاهم جلست ارتشف الشاى باردا بلا طعم وأعاود البحث فى ذاكرتى عن بضع لحظات من سعادة الماضى الغائبة
—