فى كتاباته التى يمرر من خلالها نظرته للكيان الإنسانى بصفة عامة، والذى يتداخل فيه التاريخ البشرى مع الحاضر المعاصر فى فكر واحد مرسوم بدقة متناهية، فى بناء تخطيطى يُمَّكن المتعمق فيه لمعرفة الخطوط العريضة لأحداث المستقبل الذى تعيشه البشرية.
فالكاتب يُلقى بالحقائق الموثقة تاريخياً بين يدى القارئ حتى يجعله متقبلاً لأن يتفهم الفكر الذى يُسيطر على الغرب تجاه المنطقة العربية العصية عليه على مر العصور، والتى يلتزمها ما بين كر وفر وفى كل عودة يغير فيها من شكله. نبضات كتابية تجمع بين التنوير الفكرى أحياناً والصدمة الفكرية أحياناً أخرى .. تلك النبضات كانت مادة خصبة للكثير من وسائل الإعلام بإختلاف أنواعها لكى تكون رؤوس موضوعات جديدة لم تُطرق من قبل.
· ما هو الثوب الجديد الذى يرتديه الغرب فى هذه المرحلة من وجهه نظركم فى ذلك الصراع الدائر بين الشرق والغرب؟
يبدو أننا على أعقاب حلقة جديدة من حلقات الصراع الذى يُطل به الغرب دوماً علينا، حيث ان الصراع الدائر بين الغرب والشرق، لم يكن صراعاً طارئاً فى أى حلقة من حلقاته التاريخية يوماً، ولم يكن لينشب لأسباب تخص حوادث زمانها ساعة وقوعها، بل هو صراعٌ أراده الغرب أبدياً لتبقى حضارته إن كان له حضارة، على أنقاض حضارة الشرق، بغية سلب ثروات وموارد المشرق العربى، كى يتقدم هو فى الوقت الذى يتخلف فيه الشرق، صراعٌ ليكونَ السؤدد والعلياء والتحكم فى مقدرات العالم له، فلا يبقى للشرق سوى مساحة التبعية والسير فى فلكه، ولِمَ لا وقد أدرك الغرب منذ فجر التاريخ أنه من يُسيطر على الشرق الأوسط يتحكم فى العالم. إنها الحرب الناعمة “حرب التكنولوجيا والمعلومات” التى لا يراق فيها الدماء، ولا تُطلق مدافع الطائرات طلقاتها، وتأتى العقول طواعية غير مرغمة الى محتلها ملبية أوامره، حفظ الله مصر، حفظ الله أمتنا العربية من كل سوء بقدرته تعالى.
· ربما كان موضوع شريحة (البيوتشيب – BioChip) أهم ما دارت عليه رحى كتاب (فى أحضان الشيطان – النظام العالمى الجديد وشريحة البيوتشيب)، وبطبيعة الحال فى كتاباتكم فإن الكثيرين ربما لا يعلموا شيئاً عن هذه الشريحة، فما هى تلك الشريحة التى قد تُحول الإنسان إلى آلة؟
من الجدير بالذكر ان اتقدم بالشكر والعرفان للكاتب والاديب محمد محمد مصطفى الذى راجع لى كتابى (فى أحضان الشيطان) كما اثراه بالمعلومات السياسية والتاريخية
فى ظل التطور العلمى والتقنى الذى يشهده العالم هذه الأيام، وفى ظل إنكماش الأبعاد والمسافات التى حولت العالم إلى قرية صغيرة، لم يكن ليخطر ببال أحد على الإطلاق أن يُصبح الإنسان – ذلك الكائن الآدمى الذى كرمه الله سبحانه وتعالى – جزءاً لا يتجزء من منظومة إلكترونية عالمية يكون فيها بمثابة آلة إلكترونية تُرسِل وتَستقبل إشارات كإشارات التليفون المحمول!
إن هذه الشريحة فى حجم حبة الأرز تقريبا، إذ يبلغ طولها 11.5 مليميتر، ولها العديد من المسميات مثل (RFID) والتى تعنى التعريف بإستخدام موجات الراديو، وهذه الشريحة تحل محل جميع المعاملات المادية، إذ أنها تُغنى صاحبها عن حمل حافظة نقوده بكل ما تحتويه من نقود وبطاقات بنكية وبطاقة الهوية الشخصية، وبطاقات العضوية فى جميع الهيئات، وغير ذلك. قد يبدو الأمر مثيراً وحسناً عند الحديث عنه، إلا أن ما بعده ليس بمثل هذا الحسن، فكما أنك ستُرسل وتستقبل بجسدك إشارات كهربائية فمن الوارد أن تُرسَل إليك إشارات لتتحكم فى جزء معين من جسدك، أو يُرسل جسدك إشارات تُخبر عن مكانك أو حتى عن أفكارك!
وبالنظر فى تقنية عمل نظام الشريحة لتبادل المعلومات نجد أن الأنسان أصبح فى ذلك الوقت جزء من منظومة معلوماتية لا تعرف للخصوصية اسماً ولا معنى، فلكى تعمل المنظومة لابد وأن يُسجل الإنسان كوحدة آلية رقمية مثله مثل جهاز الكمبيوتر الذى يحمله فى يده، لا فرق بينهما داخل المنظومة، والسؤال الذى يطرح نفسة الآن وبقوة على الساحة:
هل خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان لكى يرسل ويستقبل الإشارات الكهرومغناطيسية؟
ألا يُعتبر هذا تغيراً فى خلق الله عز وجل؟ ألم يقل رب العزة سبحانه وتعالى فى سورة النساء (ولأمرنهم فليُغيرُن خَلقَ الله، ومن يتخذ الشيطان وليًا من دون الله فقد خسر خُسرانا مُبينًا)، ما هو رأى الأزهر الشريف من هذا الذى يحدث حولنا؟ ألا يستحق ذلك الأمر الجلل فتوى من الأزهر الشريف لبيان حِل ذلك الأمر من حرمته؟
· هل معنى ذلك أن الشريحة مجال البحث قد بدأت متجسده على أرض الواقع؟
فى (عام 2004) وافقت منظمة الأغذية والدواء على أول RFID للزرع لدى البشر وكان اسمها (VeriChip)، والتى قامت بإنتاجها شركة PositiveID ، وفى 2013 قمت بانتاجها شركة dangouras things ويتم استخدام تلك الرقاقة لتحديد المريض، وتوفير وصلة لسجلات المريض الطبية فى قاعدة بيانات، كما أنها تزرع فى كثير من البلدان الأوروبية كبديل لبطاقات الهوية للدخول إلى بعض الأقسام الحساسة كما حدث ذلك فى عام 2003 حيث تم زراعتها للنائب العام المكسيكى وبعض مساعديه لإتاحة إمكانية الدخول لهم من أقسام أمنية خاصة ، كما أنها تزرع لرواد النوادى الليلية من الأفراد ذوى المكانة المجتمعية لتكون بديلاً عن النقود، والأمر يُخطط له بحيث يتم زراعة تلك الشريحة لكل مولود على ظهر البسيطة.
· ما هو مشروع الأمة الذى تحدثتم عنه فى كتاب (فى أحضان الشيطان) وقد جعلتم له نصيباً كبيرا فى الحديث، كما أعتبرتموه حلا أساسيا للكثير من المعضلات التى جاء ذكرها فى الكتاب؟
إنه حُلم نرسمه على أرض الواقع لنقدمه لمصر وللأمة العربية هدية ممزوجة بحبنا وعشقنا لوطننا .. إنه مشروع (الإنترنت الموازى .. مشروع الأمة).
لما كانت الإنترنت عبارة عن سلطة عالمية، يتم بواسطتها السيطرة على الدول والأفراد والتحكم فى مُقدراتهم، ومعرفه أسرارهم التى لا يعرفها عنهم ذوهم ممن يقيمون معهم فى نفس المسكن، أو الغرفة الواحدة .. ولما كانت بياناتنا ومعلوماتنا مُخزنه فى خوادم تقع خارج حدود وطننا العربى، أصبحنا كمن وضع جواهره فى بيت غيره !!
ولما أصبحت كلمة الخصوصية كلمة لا وجود لها، وأصبحت درب من دروب الخيال مثلها مثل الديناصورات والعنقاء .. وأصبحت برامج الحماية والتأمين لا تعمل على حفظ البيانات، بل تعمل على تأخير زمن الوصول إلى البيانات، فكلما ذادت فترة الوصول إلى المعلومة أو فك تشفيرها ذاد معها سعر برنامج التأمين والحماية، وأصبحت العبارة الأولى التى يدرسها خبراء تأمين البيانات “لا يوجد جهاز متصل بالكهرباء مؤمن بنسبة 100% !! ”
ولما كان هناك دولٌ أخرى قد وعيت هذا الكلام وأدركت خطورته عليها، وأدركت خطورته على أمنها القومى، قامت بحفظ الثمين لديها من المعلومات فى شبكات بديلة، وشبكات موازية للمعلومات أصبح من الضرورى أن يكون لمصر شبكة موازية للمعلومات.
· هل تقصد الإستغناء عن شبكة المعلومات العالمية “الإنترنت” واستبدالها بالإنترنت الموازى؟
هذا سؤال جيد، فهذا ما يجرى على أرض الواقع الآن فى إيران، فالتجربة الإيرانية تسعى لتكون محطة الوصول فيها هى الفصل التام عن شبكة المعلومات العنكبوتية، أما نحن فى مصر وفى الوطن العربى فلا نستطيع بأى حال من الأحوال الإنفصال عن الشبكة العالمية ولذا حرصت فى تسميتى للمشروع أن أدرج كلمة (الموازى) حتى لا يُساء الفهم أو أن يلتبس على البعض.
من هنا تكون الوجهة صوب الحل، البدءُ فى إنشاء الشبكة العنكبوتية الموازية، والذى نطلقُ عليه (مشروع الأمة) الذى سوف يقوم به خيرة شباب الأمة. والمشروع المصرى هو مشروع الحلول المتكاملة للبيانات ونقل وتداول المعلومات. وهذا المشروع له تفاصيلة المتشعبة والتى تضيق السطور للحديث عنها، إلا أن المشروع سيكون بمثابة حائط الصد لمصر بوجه خاص وللوطن العربى بوجه عام ضد أى إنتهاك أو إعتداء أو فرض سيطرة .. إلخ من كل ما يخطر لك ببال فى هذا المجال من كيانات أجنبية لها مصالح متعلقة بهذا الشق المعلوماتى.
· الكتاب الثانى والذى يحمل عنوان (الإنسان بين النور والضوء في الإسلام) كان تحولا فكرياً فى إتجاه الكتابة الذى نهجته فى كتابك الأول؟
نعم هذا صحيح، فالكتاب الأول (فى أحضان الشيطان) يمكن إعتباره كتاباً سياسياً ذو طابع علمى، والكتاب الثانى هو كتاب دينى ذو صبغة فيزيائية، غيّر أن القاسم المشترك فى الكتابين هو الصبغة التنويرية التى تعتبر السمة الرئيس فى كتاباتى.
· إسم الكتاب يحمل الكثير من الإثارة والتشويق كما يحمل الكثير من الغموض، فما هى علاقة الانسان بالضوء والنور وما علاقة كل ذلك بالاسلام البعد الرابع، وما علاقة الإسلام كدين بالأبعاد التى تعتبر أحد أساسيات علم الرياضيات؟
فى البداية أحب أن أدعو بالرحمة للأستاذ الدكتور فاروق الدسوقى الحاصل على جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية الذى راجع وقدم لى الكتاب. أما بخصوص موضوع الكتاب وعلاقة الإسلام بالفيزياء فيمكن إختزالها إلى ان الضوء -بوجة عام- .. ذلك السر الأعظم الذى يجعل الذات الإنسانية التى تتصل بعالمين مختلفين فى آن واحد !
العالم الأول هو: “عالم الشهادة ” عبر ضوء فيزيائى حده الله سبحانه حداً من حدود العالم المحسوس، و العالم الثانى هو: “عالم الغيب” عبر نور غيبى غير معلوم.
الكتاب فى حقيقته هو النسخة المعدلة والمعتمدة من كتابى (الإسلام فى البعد الرابع) ولكنى عدلت بعض الموضوعات وحذفت البعض وقسمته الى كتابين الكتاب الاول هو (الإنسان بين النور والضوء في الإسلام) ويختص بالشق الفيزيائى واكتاب الثانى ان شاء الله يختص بالجزء الغيبى
· إذن الكتاب يزيل الخلط الذى وقع فيه البعض فى قضية النور فتجاوزت تأويلاتهم حدود العقل الإنسانى لتسقط أسماء عالم الشهادة على مسميات عالم الملكوت، هل هذا صحيح؟
نعم بكل تأكيد، فالذات الإنسانية تقع بين عالمين “عالم الشهادة وعالم الملكوت” والوعاء الآدمى بمقوماته وهى الحواس هى التى تتعامل مع عالم الشهادة بسنن وقوانين عالم الشهادة، والنفس والروح تتعاملان مع عالم الملكوت بسنن وقوانين عالم الملكوت.
ووسيلة الكينونة الآدمىة فى الإتصال ونقل المعلومات هى الضوء بإختلاف أشكاله، ووسيله النفس والروح فى الإتصال ونقل المعلومات هى أنوار الصفات الإلهية التى لا نعرف عنها إلا أسماءها.
—