د. أمل الغزالي:
كانت الحرب تتهجد في أرواحنا تصلي على جثث الأبرياء وتتوضأ بدمائهم … كانت مكتنزة بالمفاجآت .. وأي نوع منها مغمس باتربة الدم ومسلفن بجلود محترقة وألعاب نارية تخلف خسائر بشرية .. كانت الضحكات حينها ترتدي الخوف الشفاف والألم الممزوج بالمتعة عند العودة الى بيوتات الدفء وحنين الأمهات والغوص في لذة الفراش الدافىء والحبيبة المنتظرة شهور .. كانت الطرق المؤدية للنحر مغلقة بألف من نقاط التفتيش لكن الأطراف كانت تتناثر هنا وهناك وكنا نضحك ونتوارى خلف جدران اللامبالاة المغمورة بعين الذئب الصاحية …. وكنا نضحك من خوف انعدام بطاقة العودة وابدالها ببطاقة علم الوطن الدافىء …. كانت الحرب وكنا نضحك ، وأشعر باني لست انا حين تتخاتل الدمعات خلف قضبان أضلاعي البارزة حين افقد رفيقا في حقل الأدغال يتناثر خلف قافلة الشهداء … يحمل بطاقة وطن بيضاء قبلها احمر شفاه الحبيبة واسوداد ثوب الأمهات وبعض من لون عينيه الخضراء … كانت الحرب وكان صديقي وكنا نضحك من شدة الإعياء .. كانت الحرب وكنا وكانت أشباه الضحكات تسخر من أشباح الموت حين تلاحقنا في اصفرار البيداء ، لم اكن اعتقد ان الحرب جوعى فكنت أحيك كنزات أحلامي ليلا وامسح عنها دماء جثته اللامتناهية المديات ، كانت الحرب وكان تشييع الزهور بدمعات عطورها وتلك العصافير في حديقة أبي كانت تتعارك بينها فترسم الابتسامة على الوجوه تتنبأ ضيفا ثقيلا ويضحك الجميع الا … امي كانت تبكي خوفا من الآتي .. كان صديقي وكانت الحرب وكنت هناك حيث طفولة العيد والدينار والبقال جارنا والعجوز ذات الالف هذيان … وصلت حينها بيت أبي ضيفا تنبأت به العصافير فدق بابنا وكان أبي يحتضن علبة خشب كبيرة هي اخر حضن لأجزاء جسدي ….سمعت حينها صوت امي ونحيب صديقي الا اني لم اكن استمع لصوت ابي .. بعد ان كانت الحرب .. وكنا نضحك.!!!!