رواية “أورجانزا” للكاتبة وفاء شهاب الدين الصادرة عن مجموعة النيل العربية للنشر والتوزيع بالقاهرة تمثل قيمة جديدة من قيم استنزاف الحياة وارتشافها لآخر قطرة.تبدأ الرواية بمشاهد صعبة ودكريات الخيبة التي أوصلت بطلتها إلى السجن بإحدى مستشفيات الصحة النفسية تستعرض خلال المواقف نفوس البشر وتعتمد على تشريح النفس الإنسانية وفهم تصرفاتها ودوافعها،ثم تعود الكاتبة للحياة الواقعية وتصنع أحداثاً مدهشة تغير مسار حياة أبطال الرواية إلى الأبد.تمر من خلال الشخصيات بالعديد من القصص التي تطبع اثراً قويا لا يترك القاريء بعدما ينهي الرواية وتضع عدد كبير من الأسئلة التي تتكشف إجاباتها رويدا رويدا إلى ان تصل إلى النهاية والتي تمثل صاعقة لكل قواعد تصرفات الأنثى ،نهاية خارج التوقعات والتي ظلت طوال الأحداث تبعدنا تماما عن توقع نهاية كهده .
تدور الرواية في عدة أماكن وعدة دول وفي كل مكان يشعر القاريء أنه انتقل إلى دلك المكان بواقعية وبساطة ساحرة فالكاتبة أحضرت إلينا العالم بعاداته وتقاليده وروائح مدنه وبحاره وترابه ووضعتها بين دفتي رواية .
غلغل الحوار في سرد الرواية دون أن يطغى عليه، فأكمل نقصه المعلوماتي، واعتمدت الكاتبة عليه في تصعيد الحدث وإظهار ماتخفي الشخصيات خاصة أن الرواية تسرد بكاملها على لسان الشخصية المحورية ولم تعتمد على تعدد الرواة كما فعلت في روايتيها السابقتين :تاج الجنيات” و “تدكر دوما أنني أحبك” لكنها كالعادة استخدمته بحرفيه وتميز..
لغة الرواية لغة من طراز رفيع المستوى، فأورجانزا كتبت بطريقة السرد الشعري السهل الممتنع في نفس الوقت لدا قد يحتاج القاريء لإعادة القراءة مرة ثانية حتى يلم بكل التعابير الجميلة والتي _ في القراءة الأولى _ قد يتخطاها وصولا للمعنى لكنه سرعان ما سيعود ثانية لقراءة ممتعة هده المرة
الرواية التاسعة للكاتبة وفاء شهاب الدين «أورجانزا» والتي تمثل ثورة على عادات وتقاليد المجتمع المتهالك والذي يفرق في معالجة أخطاء الرجال والنساء، المجتمع الذي تدق طبوله عند خطأ الرجل لميلاد ذكر جديد بينما يجهز أكوام الحصى عقابًا لخطأ الأنثى.. تمثل أورجانزا صفعة قاسية للمجتمعات المكبوتة التي تقاس بها مهارة الرجل بمدى مغامراته وكم من القلوب تحطم تحت قدميه. «أورجانزا» هي التعاون الثاني بين الكاتبة ومجموعة النيل بعد رواية «طوفان اللوتس».
من أجواء الرواية «الحب كسماء نجتهد طوال حياتنا لنبلغها وحين نصل منا من يقدر تعب الليالي التي ظل يحاول بها ويحاول فيتمسك بها ومنا من ينسى ليالي ظل بها يتمناها فيتخلى ظنا منه أن بهذا العالم سبع سماوات حيث الجنة لذا سأظل طوال حياتي أحاول العودة إليها ولن أملّ…
يظنون أن الحب سهل، إن فقدته مع امرأة سيجدونه منتظرا بين ذراعي أخرى، لا يدركون أبدا أننا حين نحب حقا لا نجد الحب الا في منبعه الذي اعتدنا عليه، الحب نار لا تحرق من يقدسها وتحول من لا يؤمن بها إلى أطلال…
في الحب لا سادة ولا عبيد بل أولياء ومريدين، حين تتطهر القلوب بالحب يتحول العالم إلى نور ينهل منه من يتمناه فلا يكتفي هل يكتفي أحد من النور؟!