الغضب هو قوة سياسية يشتد في البلدان الأكثر فقراً، ونادراً ما كان الغضب يحدث للتنفيس، بقدر ما يترك أثراً نفسياً وعصبياً ضاراً. وأهم أسباب إنتشاره إثارة المشاعر وتزايد الفقر والبطالة والعنف. ويخضع الغضب عموماً من منظور سياسي إجتماعي عالمي، لحتمية العاطفة التي تؤدي بسبب معاناة تسمو درجة التحمل إلى حدوث فجوة بين الشعور والعقل. وللإجابة على مجموعة أسئلة تتناول أشكال وطبيعة الغضب أوجز مدير دار ثقافات العالم في برلين Haus der Kulturen der Welt الدكتور بيرند شيرر Bernd Schereفي مستهل كلمته خلال مؤتمر صحفي بمناسبة إفتتاح معرض تحت عنوان حول الغضب Über WUT بالقول: لم يعط الله الإنسان نعمة عشقه للحرية، إنما منح أيضاً جميع أمم الأرض، وعيا عميقا لإدراك معنى حقوق الانسان وإحترام مبدأ المساواة بينهم، حد بلوغ كل فيلسوف، أينما وضع قدمه، القول: هذا هو وطني!.
كيف ومتى يحصل الغضب؟ لماذا تختلف حوله وجهات النظر؟ كيف يمكن مواجهته؟ ما هي أثاره على الحياة اليومية والمجتمعات في العالم؟ هل هناك “ثقافة غضب”؟ كل هذه الأسئلة وغيرها يطرحها معرض “حول الغضب” الذي نظمته المنسقة للشؤون الفنية في دار الثقافات فاليري سميث Valerie Smith في الفترة من 14 آذار / مارس وحتى 9 مايو 2010 في دار ثقافات العالم ببرلين. بدعم من برنامج اجتماعي كبير، حيث يتناول المعرض تفسير غير معتاد لهذه الظاهرة المدمرة “الغضب” للبحث عن حلول لها على قدر عال من الإهتمام .
ودار ثقافات العالم في برلين هي واحدة من أهم المؤسسات الثقافية الألمانية التي تستضيف سنوياً مئات المبدعين من كل أنحاء العالم، وتنظم عروضاً متميزة في الفنون والأداب والفكر والسياسة. هذه الدار الشهيرة كان لي أيضاً شرف تنظيم مهرجانين ثقافيين من نصيب المبدعين العراقيين، كان أغلبهم آنذاك في المعارضة. الأول من 31 تموز وحتى 8 آب 1991 شارك فيه أكثر من 130 مثقفاً، بين مسرحي وشاعر وتشكيلي وسينمائي وروائي وصحفي وموسيقي ومفكر، فيما شارك في المهرجان الثاني الذي أقيم من 5 وحتى 10 أكتوبر 1994 أكثر من ثمانين مثقفاً، جاؤوا من مختلف بلدان الشتات. إستقر الكثير منهم في إحدى الدول الأوروبية بعد أن وجد الفرصة أمامه.
فكرة المعرض من ناحية الشكل والمضمون والمعالجة، موضوعة، على درجة عالية من الأهمية، تكشف بشكل متميّز، فنياً وآيديولوجياً، عن الكثير مما نجهله من ظواهر وإهتزازات نفسية وجسدية مشحونة، تحدث في أحيان كثيرة لا إرادياً بعد فورة غضب لدى أوساط غير محددة، بين النساء والرجال، الأطفال والشباب والمسنين. ولا يشكل “الغضب” مع تشديدي على كلمة “حول”، مجرد حالة إضطراب، متسامي ومتدرج، إنما أرى في تناوله من خلال معرض فني متحضر، أمراً ضرورياً، كونها مشكلة لم يقف عندها محيط إجتماعي وسياسي بهدف معالجة أخطارها. ويجسد المعرض مرئياً لأول مرة أهم مظاهر الغضب في إطار فني، إرتقت فيه جماليات السرد والأسلوب والشكل أعلى مستوياتها وعلى نحو ديناميكي فريد. تقنيات ونماذج حرفية تجمع بين الرسم اليدوي والصورة الفوتوغرافية والمتحركة “فيديو”. ويمكن مشاهدة ظواهر “الغضب” التي تنوعت أسبابها وفي أكثر من حالة وشكل، من زوايا رؤيوية مختلفة لا تخلو من تفسيرات عميقة، تقرب الذاكرة بالملموس من الأشياء الداعية للغضب أو المسببة لفقدان التوازن العقلي والجسدي.
وتعكس بشكل فائق عروض أفلام “فيديو” نماذج تنوع حالات الغضب وأسبابها: القمع الآيديولوجي والعوز الإقتصادي، النزاعات الدولية وإثارة الإعلام وعبادة الفرد وفضائح إسطورة المؤسسة الأمريكية لبناء الأمة، الحروب الإستعمارية ووحشية “الرايخ الثالث” في ألمانيا، عقود نظام صدام وممارسات القمع.. ولا تخلو إشارة “د. شيرر” إلى هذا الجانب الهام عندما سلط الضوء على معاناة العراقيين من وطأة النظام السابق وما يتحملونه اليوم في ظل الاحتلال وإنعدام الأمن والصراع الطائفي من أجل السلطة. في ذات الإطار أشار الفنان الأمريكي “من أصل عراقي “يهودي” ميشائيل رايكوتز” في عمله الرائع مع نسخة طبق الاصل عن بوابة عشتار البابلية، حيث أراد بهذا النصب أن يذكر بوحشية “الرايخ الثالث” وبما يعرف بـ “الفوضي الخلاقة” والغزو الثقافي الامبريالي في 9 نيسان – ابريل 2003 أيضاً الموقف الدولي وصور تزييف الحقائق ونشر الأوهام، النهج الذي أفرز من بين الأشياء “غضب البيئة” المجتمعية في بلاد الرافدين في أعقاب الغزو الأمريكي.
مع النص السردي البصري والجمالي الذي إمتازت به عناصر اللوحات وخليط غير متوقع من الصور المتحركة والثابتة، إستهدفت القطع الفنية قلب الأحكام المسبقة بصورة نمطية على نحو متزايد، يربط بين عالم الأشياء، العلاقة إلى المكان، الهندسة المعمارية، الطبيعة وتجسيد الأعراف الاجتماعية. خلق الاستعارات البصرية والرموز وتمثيل الألم والمعاناة، مثل إستعادة غشاء البكارة عن طريق الجراحة، أو موضوعات صفقات التعامل بين الحياة والموت، مشاهدة القاصرين عقلياً وجسدياً أثناء أداء أعمالهم اليومية بين منشآت عامة.
ما يثير الدهشة أعمال المعمارية والرسامة الباكستانية المقيمة في الولايات المتحدة سحر شاه التي جمعت بين التصاميم المعمارية والصور لتخلق هياكل تأريخية تتعامل في كثير من الأحيان مع البحث عن تاريخ الثقافة الإسلامية، رموز الديانات المختلفة والأساطير، لقاءات بين الغرب والشرق، ونشوء “الهويات العالمية”.. رسومات سحر شاه معقدة ومتطورة وتشمل أنماط إسلامية وتصاميم هندسية فريدة، ومناظر طبيعية خيالية مثيرة.
مع أعمال جمهرة من الفنانين العالميين المشاركين في معرض “حول الغضب” مثل: صويا آزاري (ايران) جيمي دورهام (الولايات المتحدة) ريجينا خوسيه غاليندو (غواتيمالا) تاديوش كانتور (بولندا) كلارا ليدن (السويد) ميشائيل رايكوتز (عراق /الولايات المتحدة) سحر شاه (باكستان /الولايات المتحدة) لاريسا صنصور ( فلسطين /الدنمارك) تم إكتشاف حالات ومقياس الاهتزازات النفسية والجسدية، التي تحدث لدى الإنسان زعزعة عنيفة عند إندلاعها. وقامت الرسوم على نطاق واسع وديناميكي، بتفكيك رموز الايديولوجيات المتضادة “الحكم المطلق” وإستغلالها وسائل الاعلام لأغراض سياسية كأسلوب لتدمير الحيز الحضري. ومع عمل ميشائيل رايكوتز “بوابة عشتار البابلية” وهو عمل من مجموعة أربعة أنشئت خصيصا لهذا المعرض، نقف أمام عظمة الاستغلال الاستعماري. والنصب يذكر بنهب المتاحف العراقية وتدمير الامبريالية أهم ثقافة وأقدم حضارة في التاريخ.
كيف ومتى يحصل الغضب؟ لماذا تختلف حوله وجهات النظر؟ كيف يمكن مواجهته؟ ما هي أثاره على الحياة اليومية والمجتمعات في العالم؟ هل هناك “ثقافة غضب”؟ كل هذه الأسئلة وغيرها يطرحها معرض “حول الغضب” الذي نظمته المنسقة للشؤون الفنية في دار الثقافات فاليري سميث Valerie Smith في الفترة من 14 آذار / مارس وحتى 9 مايو 2010 في دار ثقافات العالم ببرلين. بدعم من برنامج اجتماعي كبير، حيث يتناول المعرض تفسير غير معتاد لهذه الظاهرة المدمرة “الغضب” للبحث عن حلول لها على قدر عال من الإهتمام .
ودار ثقافات العالم في برلين هي واحدة من أهم المؤسسات الثقافية الألمانية التي تستضيف سنوياً مئات المبدعين من كل أنحاء العالم، وتنظم عروضاً متميزة في الفنون والأداب والفكر والسياسة. هذه الدار الشهيرة كان لي أيضاً شرف تنظيم مهرجانين ثقافيين من نصيب المبدعين العراقيين، كان أغلبهم آنذاك في المعارضة. الأول من 31 تموز وحتى 8 آب 1991 شارك فيه أكثر من 130 مثقفاً، بين مسرحي وشاعر وتشكيلي وسينمائي وروائي وصحفي وموسيقي ومفكر، فيما شارك في المهرجان الثاني الذي أقيم من 5 وحتى 10 أكتوبر 1994 أكثر من ثمانين مثقفاً، جاؤوا من مختلف بلدان الشتات. إستقر الكثير منهم في إحدى الدول الأوروبية بعد أن وجد الفرصة أمامه.
فكرة المعرض من ناحية الشكل والمضمون والمعالجة، موضوعة، على درجة عالية من الأهمية، تكشف بشكل متميّز، فنياً وآيديولوجياً، عن الكثير مما نجهله من ظواهر وإهتزازات نفسية وجسدية مشحونة، تحدث في أحيان كثيرة لا إرادياً بعد فورة غضب لدى أوساط غير محددة، بين النساء والرجال، الأطفال والشباب والمسنين. ولا يشكل “الغضب” مع تشديدي على كلمة “حول”، مجرد حالة إضطراب، متسامي ومتدرج، إنما أرى في تناوله من خلال معرض فني متحضر، أمراً ضرورياً، كونها مشكلة لم يقف عندها محيط إجتماعي وسياسي بهدف معالجة أخطارها. ويجسد المعرض مرئياً لأول مرة أهم مظاهر الغضب في إطار فني، إرتقت فيه جماليات السرد والأسلوب والشكل أعلى مستوياتها وعلى نحو ديناميكي فريد. تقنيات ونماذج حرفية تجمع بين الرسم اليدوي والصورة الفوتوغرافية والمتحركة “فيديو”. ويمكن مشاهدة ظواهر “الغضب” التي تنوعت أسبابها وفي أكثر من حالة وشكل، من زوايا رؤيوية مختلفة لا تخلو من تفسيرات عميقة، تقرب الذاكرة بالملموس من الأشياء الداعية للغضب أو المسببة لفقدان التوازن العقلي والجسدي.
وتعكس بشكل فائق عروض أفلام “فيديو” نماذج تنوع حالات الغضب وأسبابها: القمع الآيديولوجي والعوز الإقتصادي، النزاعات الدولية وإثارة الإعلام وعبادة الفرد وفضائح إسطورة المؤسسة الأمريكية لبناء الأمة، الحروب الإستعمارية ووحشية “الرايخ الثالث” في ألمانيا، عقود نظام صدام وممارسات القمع.. ولا تخلو إشارة “د. شيرر” إلى هذا الجانب الهام عندما سلط الضوء على معاناة العراقيين من وطأة النظام السابق وما يتحملونه اليوم في ظل الاحتلال وإنعدام الأمن والصراع الطائفي من أجل السلطة. في ذات الإطار أشار الفنان الأمريكي “من أصل عراقي “يهودي” ميشائيل رايكوتز” في عمله الرائع مع نسخة طبق الاصل عن بوابة عشتار البابلية، حيث أراد بهذا النصب أن يذكر بوحشية “الرايخ الثالث” وبما يعرف بـ “الفوضي الخلاقة” والغزو الثقافي الامبريالي في 9 نيسان – ابريل 2003 أيضاً الموقف الدولي وصور تزييف الحقائق ونشر الأوهام، النهج الذي أفرز من بين الأشياء “غضب البيئة” المجتمعية في بلاد الرافدين في أعقاب الغزو الأمريكي.
مع النص السردي البصري والجمالي الذي إمتازت به عناصر اللوحات وخليط غير متوقع من الصور المتحركة والثابتة، إستهدفت القطع الفنية قلب الأحكام المسبقة بصورة نمطية على نحو متزايد، يربط بين عالم الأشياء، العلاقة إلى المكان، الهندسة المعمارية، الطبيعة وتجسيد الأعراف الاجتماعية. خلق الاستعارات البصرية والرموز وتمثيل الألم والمعاناة، مثل إستعادة غشاء البكارة عن طريق الجراحة، أو موضوعات صفقات التعامل بين الحياة والموت، مشاهدة القاصرين عقلياً وجسدياً أثناء أداء أعمالهم اليومية بين منشآت عامة.
ما يثير الدهشة أعمال المعمارية والرسامة الباكستانية المقيمة في الولايات المتحدة سحر شاه التي جمعت بين التصاميم المعمارية والصور لتخلق هياكل تأريخية تتعامل في كثير من الأحيان مع البحث عن تاريخ الثقافة الإسلامية، رموز الديانات المختلفة والأساطير، لقاءات بين الغرب والشرق، ونشوء “الهويات العالمية”.. رسومات سحر شاه معقدة ومتطورة وتشمل أنماط إسلامية وتصاميم هندسية فريدة، ومناظر طبيعية خيالية مثيرة.
مع أعمال جمهرة من الفنانين العالميين المشاركين في معرض “حول الغضب” مثل: صويا آزاري (ايران) جيمي دورهام (الولايات المتحدة) ريجينا خوسيه غاليندو (غواتيمالا) تاديوش كانتور (بولندا) كلارا ليدن (السويد) ميشائيل رايكوتز (عراق /الولايات المتحدة) سحر شاه (باكستان /الولايات المتحدة) لاريسا صنصور ( فلسطين /الدنمارك) تم إكتشاف حالات ومقياس الاهتزازات النفسية والجسدية، التي تحدث لدى الإنسان زعزعة عنيفة عند إندلاعها. وقامت الرسوم على نطاق واسع وديناميكي، بتفكيك رموز الايديولوجيات المتضادة “الحكم المطلق” وإستغلالها وسائل الاعلام لأغراض سياسية كأسلوب لتدمير الحيز الحضري. ومع عمل ميشائيل رايكوتز “بوابة عشتار البابلية” وهو عمل من مجموعة أربعة أنشئت خصيصا لهذا المعرض، نقف أمام عظمة الاستغلال الاستعماري. والنصب يذكر بنهب المتاحف العراقية وتدمير الامبريالية أهم ثقافة وأقدم حضارة في التاريخ.