حين تطالع نص عمار نعمه جابر (إجهاض) ، والذي هو مسرحة للحظة الديالكتيكية الناشئة ، عن حوار بين متحول جنسي وطبيبة ، تخبره الأخيرة ، أنه يحمل في احشاءه جنين ، في عقده عبثيه دالة على التحول الثقافي الذي نحياه في وطننا العربي ، والمصير المحتوم لتزاوج الثقافة الغربية ، بالثقافة العربية ، في صرخة للتشكيك في الواقع المؤلم ، وديالكتيك او حوار جدلي ، هدفه تبصير المثقف العربي بخطورة النهل من الثقافة الغربية ، وحثه على البحث عن هويته الثقافية العربية ، في تقويض للمؤسسات المالكة للخطاب والقوة والمعرفة .إن عمار نعمه جابر ، ذاك المثقف العراقي الذي يحمل علي عاتقه تبعة التحول الثقافي ، قد أثار في نصه القصير ، العديد من القضايا التي تتمثل في ديالكتيك أو جدلية (الذكر والأنثى )(الرجل والمرأة) (الحاضر والمستقبل) (الأنا والآخر)(الثقافة الغربية والثقافة العربية) (المجتمع القبلي والمجتمع المتحضر) (الهوية واللا هوية) .كل هذا الديالكتيك الذي طرحه عمار نعمه جابر في نصه ، في محاولة لإيجاد حل لعقدة المسرحية الأساسية ، وهو الجنين الناتج عن تزاوج المتحول ، وكيف ستكون رؤية المجتمع له ؟ وهل سيرث جينات والده فيصير متحول مثله ؟ وهل لو تخلص المتحول بإجهاضه للجنين سيصير رجلا ؟أنني أري أن الرجولة كصفة يطرحها النص المسرحي (اجهاض) تعود بنا الي بدايات الإنسانية المتمثلة في أول فعل بشري يرمز للبقاء وهو ( القتل) قتل قابيل لهابيل ، وكأن عمار لم يجد حلا لتحديد هوية ذلك المتحول ، سوي الخلاص من جنينه بالقتل ، لكي يصير رجلا رغم أنه ناقش القضية بديالكتيك رائع ، قدم فيه كل من المتحول والطبيبة ، حججهما وبراهينهما ، والتي كانت المسعي الهام لتأصيل الهوية في مجتمع تحولت هويته الثقافية والسياسية ، الي جنس ثالث ممسوخ ، بين علمين او ثقافتين او مجتمعين.إن هذا النص القصير او الصرخة التشككية ، التي اطلقها عمار لتقويض التحول الثقافي وضد أقلام المخنثين والخونة ، من العبث بهويتنا وتراثنا العربي ، في طرح لتساؤلات عديده ، اهمها من نحن ؟ هو مرآة انعكست على واقع عربي متردي ، يراه الكاتب أنه مجتمع يتكون من الجنس الثالث ، يبحث عن هوية مميزة له فلا سبيل أمامنا سوي إجهاضه !