“وما ملكت” عمل مسرحي يوحّد العراق وتونس على الركح، صاغ تفاصيله مخرجان من بلدين مختلفين جمعهما المسرح، التونسية أحلام البجاوي والعراقي سجّاد الجوذري اللذان تقاسما هاجس هواجس الإنسانية التي طرّز بها العراقي عبد الكريم العامري نصّه.
ولترجمة النص وبعث حيوات أخرى فيه على الركح، آل الأداء إلى الممثلة والمغنية التونسية هاجر سعادة لتكون همزة الوصل بين روح النص والرؤى الإخراجية التي التقى عندها البجاوي والجوذري.
العمل، يتجدّد كل يوم ويستمدّ تفاصيله المتغيّرة، قبل عرضه، من العمق الذي برافق البحث سواء على مستوى الكلمة أو الصوت أو الإيقاع أو الجسد نفسه، الجسد الذي يتحرّر من الأبعاد المادي ويتزيّن بالترميز في سبيل الاتقاء بالإنسانية المعذّبة.
المسرحية المغرقة في الانسانية والوجودية، تختزل محاولة إنسان في التحرر من القيود التي فرضها عليه المجتمع وفي التعفف من نمطيته وأحكامه ومسلماته الخانقة ومن أعرافيه ونواميسه الجائرة.أمام الأصفاد والأغلال التي تركت أثرها في روحه قبل جسده يرسم لنفسه طريقا جديدة تشبه، طريق قادر على الارتقاء فيها بانسانيته المعذّبة، وفي تفاصيل هذه الرغبة يغرق نفسه في هالة من الفراغ حتى يحاول داخله ويستدل بصدى كلماته إلى الحرّية.في هذا العمل الفني الذي لا يخلو من أبعاد فلسفية، تخاطب هاجر سعادة بأدائها الفراغ وتستنطق هواجس الإنسان وتولّد التساؤلات وهي تبحث عن اجوبة غير موجودة وفي الأثناء تملأ التجاويف والفراغات التي تحيط بالجسد المفكّر.”كم جدار نحتاج لتحطيمه لكي نتحرر؟”، تنطلق المونودراما من هذا السؤال، سؤال قد تمضي عمرا في البحث عن إجابة عنه ولاتجدها ولكنك في المقابل توغل في ثنايا انسانيتك، تماما كما أوغلت مونودراما ” وما ملكت…” في هواجس الإنسان ورغباته.