كاتم الصوت – مسرحية
1- السنكرافيا :على طول امتداد المسرح هناك جزئيات من السنكرافيا الثابتة التي تشكل أهم معالم ديكور العرض وأيضا هناك سنكرافيا متغيره مع متغيرات أحداث العمل المسرحي حتى نهاية العرض .
أ- السنكرافيا الثابتة هي :جدار عتيق متهرئ يفصل عمق المسرح عن مقدمته خلفه كوة نار ملتهبة تصورها للمتلقي المؤثرات الصورية ويمين خلف الجدار العلم العراقي ووسط خلف الجدار علم ابيض ويسار خلف الجدار علم اخضر مكتوب على الجدران كلمات تتشكل بشكل تنازلي (لا اله الله الله )و(محمد رسول الله ) (أنكم خير امة )و(من كنت مولاه فهذا علي مولاه) و(امير المؤمنين….)و(يالثارات الحسين )و(تاريخ للبيع )و(ارض للبيع )و(اخوة للبيع )و(اصدقاء للبيع )و(اباء للبيع ) و(ابناء للبيع )و(مات الملك ..عاش الملك )و(بالروح بالدم نفديك يا ….)و(وينه لحاربك وينه ) و(علي وياك علي )و(وطن للبيع ).يجلس إلى الجانب الأيمن والأيسر أربع أشخاص على طاولات تتغير ملابسهم وأماكنهم مع تغير الأحداث ,عند نهاية كل مشهد تظهر مجاميع بحركات صامتة تقول مالا يقال عن مضمون الحدث تعبيريا.
ب- السنكرافيا المتغيرة هي : سقوط تدريجي للجدار بعد كل مشهد وظهور أشخاص بملابس مختلفة يحملون توابيتهم على رؤسهم ,كتب وسوط وسيف ودف في باحة المسرح في المشهد الأول فقط تكاثر اعلام ملونه من خلف العلم الأبيض والأخضر بعد نهاية المشهد الأول ,صلبان اثنان وسوط في المشهد الثاني وأعلام ملونه بعد ختام المشهد الثاني خلف العلم العراقي ,منصة مؤتمرات صحفية وطاولة كتابة على يمين ويسار المسرح في المشهد الأخير مع لوكات فضائيات مع مسدس كاتم الصوت وقبور وهمية للمشهد الأخير .
2- الموسيقى والمؤثرات الصوتية :استهلال المشهد الأول موسيقى تاريخية تليها مزيج من أصوات خيول تركض وتصيح وحرب سيوف وبكاء وعويل وترافق الموسيقى المشهد الأول حتى نهايته وفقا للحوارات ,آما استهلال المشهد الثاني فسيكون موسيقى عسكرية تهتز بها جميع الأعلام خلف الجدار وكأنها تتهيأ لمعركة ومن ثم مزيج بين أغاني الحرب وضحكات صدام وصوت الإعدامات ,أما استهلال المشهد الثالث فسيكون مزيج بين صوت وصورة سقوط صدام وانفجارات وبعض تصريحات وسائل الإعلام حول العملية السياسية وإعلان البعض الجهاد والمقاومة وخطب المنابر المتناقضة التي تلعن علي وأخرى تلعن عمر والسنة مع تزايد النار وموسيقى الحرب خلف الجدار وصوت خفي يصرخ(لعن الله من أيقضها).
المشهد الاول :
بعد استهلال المشهد الأول (صوت غلق باب قديم وكتاب )وصوت جهوري خلف الكواليس يقول بهمس (أهفت أيها الجحيم …ونام حتى حين …..لعن الله من سيوقضك) والأشخاص الأربعة الذين يدونون التاريخ يجلسون على الميسرة والميمنة بملابس تاريخية وهم يدونون طيلة المشهد .
حيدر: كان شجاعا …وعهده كان الأفضل .
عدي : وقرينه أيضا كان شجاعا وزمانه أفضل زمان .
حيدر : من قال لك ذلك ؟؟
عدي : أنت من قال لك ذلك ؟؟
حيدر : هم قالوا
عدي: وأنا أيضا هم قالوا لي ذلك .
حيدر : (يلتفت للجدار ويتحسس مافيه من كتابات)التاريخ يكتبه المنتصرون .
عدي: (وهو يدق بالدف ) والمهزومون ايضا حتى ولو بعد حين.
حيدر: (يوجه سؤاله للجمهور)اذا من كان الاشجع والافضل ؟؟.
عدي: (للجمهور ومن ثم يحوم حول حيدر)نعم ….من كان الأشجع والأفضل …(يسخرية )ان كان التاريخ يكتبه المنتصرون والمهزومون فاننا غدا سنكون لسنا الاشجع او الافضل او ربما العكس (يضحك).
حيدر: لو اننا فهمنا الله جيدا ماكنا هاهنا نندب السنين والليالي .
عدي : بعد كل ذلك علينا ان نفهم بان الله فرق بين قائد الدنيا والدين ..ونحن خلطنا الحابل بالنابل فكان ما كان .
حيدر: (بخوف) لا تحاول التفكير بصوت عال .
عدي: (باستغراب) لم ؟؟.
حيدر: (وهو يلتفت يمينا ويسارا بخوف) ثمة …ثمة من يسمع ويرى .
عدي : (بشجاعة وصوت عال ) لا احد يستطيع أن يكتم تفكيري .
حيدر: لم نقل كتمان يا عزيزي …بل هي التقية في زمن الضفتين …أنت معي أو عدوي.
عدي: بل هو الخرس في زمن الأصوات النشاز .
حيدر : اكتم صوتك وإلا كتموه .
(هنا تتفرع الأعلام الملونة من العلم الأبيض والأخضر).
عدي : لن يكتم صوتي أحدا (يتوجه للجدار) طالما نحافظ كلانا على بقاء الجحيم نائما مابين الأمس والجدار…وهم ماذا يفعلون ..أصواتهم لا تعلوا لتزيين خطايا الأجداد ..بل تعلوا للاختلاف لا للاتفاق
حيدر: الجحيم ..(يمد يده خلف الجدار فيحترق )..نار في الهشيم وما عاد الواحد واحد أو صوت السماء فيصلا ….تشظى كل شيء في ليلة ظلماء على أعتاب المال والسلطة والجاه .
عدي : للحياة سلطانها ….وللدين سلطان أخر …هكذا علينا ان نصرخ بأعلى أصواتنا…لا ان نصرخ بالفجيعة والخطايا التي لم نعشها ومع ذلك تنسل لنا جيلا بعد جيل وتحرقهم عام بعد عام .
حيدر: (يضحك) ماعدا السلطان سلطان ….فالسلاطين اليوم كثر…
عدي: وحذاقة العقول؟؟
حيدر :العاطفة تسير الأفعال لا العقول يا نصفيه الآخر…و
عدي: (يقاطعه ) كفى .. اكتم وإلا كتموا صوتك …
(يسكت الطرفين وهم يرون عملية تكاثر الأعلام من العلم الأبيض والأخضر)(إطفاء ضوء) .
المشهد الثاني :
بعد موسيقى الاستهلال الخاص بالمشهد الثاني تضاء الأنوار والأشخاص الأربعة يرتدون ملابس عصرية ويدونون المشهد الثاني الذي يظهر فيه حيدر وعدي مصلوبان .
حيدر: ألاف السنين وأنا أحثك على الكتمان …وأنت تجهر بكفر صوتك للصمت.
عدي : (يترك صلبه ويتجه نحوه ويضربه بالسوط) أي كفر أيها المصلوب ظلما وبهتانا ؟؟(ويعود لصلبه) هل يوجد أكثر من هذا الكفر….(يترجل حزنا)..اجيال تولد مبتورة في الفكر والعقل ..تسيرها رغبات الاقوياء …وعاطفة الانحياز الساذجة للدين ….وللمعتقد …وللارض …وللعرض …والسياسة ..دون ان تسيرها العقول في سترداد الحقوق ….تاريخ مشوه …قتل …مؤامرات …ثارات …سبايا نواح…تفرق وتشتت…هدر حقوق …وابناء عقوق ….وحروب ودمار…انفجارات وسياسون خدج ….بين كل ذلك ضعنا وضاع الولد ….(يبحث ) الولد ….الولد …(يبكي )..كبر كأي زهرة تتأنق عند كل صباح ..وبدأ يترجل من طفولته كأي مراهق يعشق المغامرات ..لم يكن يمشي على الأرض بل كان كأنه يمرح بين ثنايا القلب …حتى جاؤا… وحل معهم الريح الأصفر, الذي حرق اخضر ولدي … ويابس العمر…تشضى كل شيء برعونة المتشظون بحقد الأمس وأكاذيب العلياء …تشضى الشارع وكل من فيه ….(يبكي) لم اشعر بالحيرة في حياتي كما شعرت ذلك اليوم تعرف لماذا أيها النصف الأخر ..
حيدر: لماذا أيها الجريح ؟؟.
عدي: ذلك لأني لم استطع أن أضمه لصدري ….(يبكي) أو أشمه كأي فاقد لعزيز .(ينغم) كلمة ..دللول …دللول ..عدوك عليل وساكن الجول (يبكي)..اختلط كل ما فيه بكل ما فيهم فضاع علي كل ما فيه إلا من ملابس انفجرت حزننا عليه (يبكي ) كلها لأننا كتمنا الحق حينما وجدناه قد صلب بشعاراتهم.
حيدر:أس …..اكتم
عدي : في زمن الخرس تعلوا أصوات اللعن …فلم الكتمان .
حيدر: (يترك صلبه ويتوجه لضربه بالسوط )التقية يااخي …التقيه …احذر فصوتك سيسقط الجدار (ويعود لصلبه ).
عدي : التقيه للضعفاء …في زمن القتل المجاني ….يسقط الجدار كلما تشضى الماضي .
حيدر : إن سقط الجدار …وتعرى كل شيء …فالقيامة قائمة لا محالة .
عدي : ما ذنب الأبرياء ؟؟
حيدر: ذنبهم في رقاب هؤلاء(يشير للاشخاص الاربعة ).
عدي : (يترك صلبه ويتوجه لضربه )لا حول ولا قوة لهم الا من حبر وورق .
حيدر: بين الحبر والورق …شباب وخراب …اقلامهم رغباتهم … وتدوينهم نزواتهم …يدونون للاجيال …وهم اما حاقد متعصب او متعاطف متطرف ومابين الحقد والعاطفة تضيع الحقائق.
عدي : الضمير منجاة الشعوب .
حيدر : (يضحك بسخرية ) أي ضمير … ضمائر ماتت وأخرى بيعت لمن دفع اكثر.
الأشخاص الأربعة يصرخون ب(عدي وحيدر) : اكتموا أصواتكم .(إطفاء ضوء ).
المشهد الثالث :
بعد استهلال المشهد الثالث تضاء الانوار على المسرح وفيه حيدر على منصة المؤتمر الصحفي وعدي يجلس على طاولة مكتوب في مقدمتها رئيس التحرير يكتب مقالته .
حيدر: (يكلم نفسه) هل هيؤا لي خطابي الذي سألقيه على الصحفيين والإعلاميين (يبحث ) اها …هاهو .
عدي : السكوت في زمن الظلم …ظلم ..ولا بد من احقاق الحق وكشف الحقائق للناس ..الحقائق التي اغفلها كتاب التاريخ …لان الداخل سيكتب لمايشتهي السلطان ..والخارج لمايشتهي المعارض…اما نحن فسنكتب للغد .
حيدر : ايها الصحفيون والاعلاميون .
عدي : يامن تعرون واقعنا السياسي الاعزاء.
حيدر : اننا تحررنا للتو من نظام فاسد
عدي : ودخلنا في زمن دموي اكثر من ذي قبل .
حيدر: جئنا من اجلكم .
عدي : لناخذ ثمن معارضتنا من السلطة والجاه مهما كان الثمن .
حيدر : اننا بامس الحاجة لدعمكم ….
عدي: بحاجة لدمائكم لنحقق مانريد .
حيدر : الحرية والأمان حققناهما.
عدي : حرية غير محمية واتفاقنا يعني الأمن والعكس يعني يوم دام .
حيدر : لا عودة للخارجون عن القانون والإرهابيون …
عدي : الجميع اخطأ بحق الجميع علمانيون وإسلاميون معتدلون أو متطرفون .
حيدر : ما تحقق فضله لكم ولنا …
عدي : لولا صولات الحق ..لكان بعضنا يشيع بعضنا والغربان السود تحلق في سمانا ولا تعرف سوى التطرف عنوانا ..الا ان الصوت لم يكتمه إلا الصوت.
حيدر : (يوجه كلامه له ) اكتم صوتك .
عدي : لا ننكر عطاءهم…هم نتاج تضحيات زمن المقابر .. إلا ان ما نريده ..الترفع عن الجراح والمصالح والعمالة.
الأشخاص الأربعة : اكتم صوتك
عدي : (يعلوا صوته أكثر فأكثر) التاريخ سيلعن تجار النار والحديد والمغانم والشعارات.
الجميع : اكتم صوتك .
عدي: تكتم اصوات العازفون على وتر التشضي ..قادة رياح العتمة …لا أصوات حكماء العقل .
الجميع : اكتم صوتك .
عدي : ماكتم صوت له الف صدى .فالاصوات تلده الافواه وتحتضنها الفضاءات ..فاكتموا الفضاءات اولا.
الجميع : اكتم صوتك .
(تخرج الإعلام والأشخاص الثلاثة ويخرج حيدر مسدس كاتم الصوت ويحومون حوله وهم يقولون له جميعا (اكتم صوتك)
عدي : الصوت لا يكتمه إلا الصوت … لفتنة نائمة لعن الله من أيقضها (يرددها أكثر فيحومون حوله ويحاولون ضربه بساريات الإعلام فيسقط ويضربونه ضربة رجل واحد بالساريات مع (إطفاء ضوء )ومن ثم (يضاء الضوء ) فيظهر حيدر محمول على الأكتاف وعدي على المنصة يخطب )
عدي: لا حول الله كان شجاعا الا ان مسدسه لم يستطع أن يكتم أصوت الآخرين … لان الصوت لا يكتمه إلا الصوت …إنا الله وإنا إليه راجعون (فيشيعونه على المسرح فينادي عدي على مجموعة من الشباب )
عدي : تعالوا نصلح ما ا فسده الأجداد …والعازفون الجدد على وتر السقيفة وكربلاء …إياكم أن يسقط لجدار فالفتنة نائمة لا توقضوها (فيبدأ معهم يلصقون الصحف ليسدوا ثغرات الجدار)( فيما راح المدونون وحاملوا الساريات يدخلون بالتوابيت ويدخلون فيها ويغلقونها عليهم بشكل أشبه ما يكون هرم كبير ..يعتليه عدي والشباب بشكل هندسي وتعلوا اغنية فيروز(بغداد) (إطفاء ضوء )و(يضاء الضوء فيخرج الممثلون لإلقاء تحية الجمهور)
النهاية