لم تكن الاصنام لتنطق لكنها تتشكل وجوديا مع مبعث التلقي في وحشيته الغائرة في العقل لحظة ان يخال للمتلقي ان ماتوحيه تلك الشواخص يعبث فيها الوهم المستبد فيما يكنه التأريخ ..
ولان نص علي عبد النبي الزيدي حكائي غائر بسرد وحشة مواضي مامر من هوس المغامرة بالقهر على متون المراحل الاشد قسوة فانه اي الزيدي عكف على ازدراء مخياله بمزيد من اللعنات وهو بصبها فوق اجساد غادر الازمنة القهرية ظنا منها انها ستلقى ما يحيلها الى حياة اوضح من صورة الاعتقاد بان عليها الانتظار امام بوابات الاجوبة اليقينية على اسئلة السراب والعدم الوجودي الايهامي فكانت محطة القطار بما عنته من ايحاء منتظر للخلاص من العجز والاستكانة تحت غبار ما كان ( غودو ومولاي) يأملان للاعتقاد به وهو ما اضافه الزيدي من ثيمة افتقدها النص لتحضر في هواجسه الاخراجية ليعطي للعرض مابعد النص بعدا (سيمولوجيا) عبر مقعدين ثيمة الانتظار وقطعة بيضاء شكلت بفحواها المجازي الموت الشاخص خلف منطقة سجال شخوصه وهي تعبث بدائرة الزمن المنظر تحت عجلات قطار قد لا يأتي او لن ياتي مهما اهابه حوار ( غودو ومولاي) وهما محملين بأثقال الاوهام من افكار اغترابية عبر عنها أمل متشظ بين مبثوثات الحوار بين الاثنين وهما يجلسان على فارق متر واحد يفصلهما غير انهما كانا يرادفان بعضهما بان ينقذ احدهما الاخر واذا بالنتيجة كشفا عن عجزهما حين دمجا مقعديهما معا ليقتربا جسدا اذ ظنا انهما اقتربا مما اراداه لكن صوتا كان يداهم خلوتهما في فنائات الغيبوبة الروحية لكليهما وهو ما كان الزيدي في اشتغاله الاخراجه قد جعله قرينا رقيبا للسلطة في مسكها للسوط الازلي الموجه قصدا لاطالة امد التغييب والتهميش لارادة التفكير لذلك صنع الزيدي اخراجيا ماتغافل عنه نصا بدلالة شخوصه العابثة بعقلنة اي اعتقاد يخرق ثيمة الانتظار بما يناقضها ولتبقى سجالات موت الميتين تنهش بفكرة الخلاص او ان ينقذ مولاي غودو او العكس كما كانا يوحيان لبعضيهما حتى تداخلت فكرة الموت المادي لاحدهما مع فكرة الموت الاعتباري اذا ان لافرق ان يمت الميت لطالما هيمن الانتظار عبثا ..
الاخراج بوصفه مجازا :
…………………
في سؤال للكاتب علي عبد النبي الزيدي عن محاولته لاخراج نصه التحريضي ( ميت مات ) قال :
العرض في ثنائيته المتقابلة وفي حواره المتناظر يعد مفتاحا مثيرا للأسئلة الفلسفية وهو عنوان يحتمل كل تلك الاسئلة في غرابتها ووحشة فضاءاتها فضلا عن كونها مغامرة شكلية ولجت من خلالها طريق النجاح بدلالة عدد المرات التي تم فيها عرض العمل وفي محافظات متعددة ..أما عن اخراجها فأنا لم اضع رؤية اخراجية كون النص يتقاطع مع العرض ولكنني أرتأيت ان اضيف شخصيتين جدليتين وثالثهما رقيب لأحدث مساحة درامية في صراعهما التراجيدي ولأني لست مخرجا بالمعنى الحرفي انما مؤلف وتعاملت مع الاخراج مجازا…